تلميذات سوريات في مخيم الزعتري بالأردن/وكالة الصحافة الفرنسية
طلاب سوريون في مخيم الزعتري بالأردن/وكالة الصحافة الفرنسية

عمان - راشد العساف:  

معاناة يومية يعيشها معلمو مدراس مخيم الزعتري للاجئين السوريين في محافظة المفرق شرق الأردن، وهم في طريقهم إلى مدارسهم، تبدأ بالمواصلات الشاقة والتفتيش الأمني عند الدخول والخروج من المخيم لتصل إلى غرف الصف.

اكتظاظ الصفوف وتدني الرواتب الشهرية وتأخرها والأجواء الحارة داخل الكرفانات تضاف على قائمة المشاكل التي يعاني منها المعلمون في المخيم. إلا أن بؤس الحال وقلة البدائل دفعتهم للصبر على حالهم إلى أن تجد وزارة التربية والتعليم الأردنية حلول وبدائل لتلك الصعوبات.

 اقرأ أيضاً:

هل تتحول مخيمات السوريين والعراقيين إلى سكن دائم؟

شابان يشكلان فريق علاقات عامة في الزعتري

مطالبات بتثبت معلمي المخيم

هاني محمد مدرس لغة إنجليزية لصفوف الأول إلى السادس في إحدى مدارس المخيم. يقول إن راتبه الشهري 350 دينار أي 500 دولار، يتم اقتطاع 20 دينار شهريا للضمان الاجتماعي، لا يكاد يكفيه لنهاية الشهر.

ويتخوف هاني من مسألة الأمان الوظيفي، إذ أنه يعمل على حساب بدل إضافي في ملاك وزارة التربية والتعليم، مطالبا الوزارة تثبيت المعلمين في المخيم ليتمكنوا من الحصول على امتيازات كبقية المعلمين الآخرين.

ويضيف "لا أحد يفكر بهذه الطبقة من المعلمين، وحاجة الشباب للعمل تدفعهم للصبر وتحمل المعاناة اليومية التي يعيشها المعلمون" .

اكتظاظ غرف الصفوف

يرى المرشد النفسي ماجد الخالدي في مدرسة الكرامة بالقطاع السابع في مخيم الزعتري أن اكتظاظ الصفوف من أبرز المشاكل التي تواجه العملية التعليمية في المخيم.

ويقول الخالدي إن الغرفة الصفية الواحدة يصل عدد الطلاب فيها إلى نحو 60 طالبا، في أجواء غير صحية خالية من أبسط المتطلبات مثل المراوح أو المكيفات، ناهيك عن قلة الخدمات الأخرى.

ويشير إلى أن الغرف الصفية عبارة عن كرفانات حارة جدا في فصل الصيف تشكل عائق كبير على المعلم في ممارسة عمله بشكل طبيعي، وعلى الطالب بنفس الوقت.

ويقول "فشلت جميع المحاولات لتحسين الواقع للأفضل، فهذه السنة الخامسة وما زلنا نعاني من الانتقاص في جميع الحقوق".

معلم واحد لكل المنهاج

يشتكي المعلم مشهور الخالدي مربي الصف الأول في مدرسة الكرامة من اكتظاظ صفه الذي يصل الى 58 طالبا ويقوم بتدريس جميع المناهج باستثناء مادة اللغة الإنجليزية .

ويقول إن دوام الفترة المسائية للطلبة الذكور يبدأ عند الساعة 11:40 ظهرا وينتهي عند الساعة 3:30 عصرا. وعنده 6 حصص يوميا لـ58 طالبا، فلا يستطيع إعطاء كل طالب حقه في التعليم.

ويضيف أنه يشعر بالحزن الشديد على الطلبة كونهم في الصف الأول بمرحلة تأسيسية والعدد الكبير في الغرفة الصفية يحول دون حصول الطالب على حقه الكافي في التعليم، بالإضافة إلى عدم متابعة الأهل للطلبة عند عودتهم إلى أماكن إقامتهم في المخيم .

ويتابع قائلا إن قلة من الطلبة وذويهم يبدون الرغبة في التعلم، "فالأهل لا يساعدون أبناءهم بتحضير الدروس وحل الواجبات اليومية المطلوبة منهم، ويلقون الحمل بالكامل على المعلم ما يشكل تحدي كبير في وجه واجباته تجاه الطلبة" .

تأخر الرواتب الشهرية

علي الزعبي معلم سوري الجنسية في إحدى مدارس مخيم الزعتري، يقول رغم تدني الراتب الذي يتلقاه المعلمين إلا أنه يصل متأخراً، فعلى سبيل المثال راتب شهر أيلول/سبتمبر يحصل عليه المعلم في 20 أكتوبر/تشرين الأول .

ويضيف أن التزاماته الشهرية أصبحت متراكمة ومتأخرة على أصحابها بحكم تأخر الراتب، ما يشكل ضغطا نفسيا عليه في مواجهة الصعوبات المعيشية. وهذا يعود سلبا على الطالب أيضا لانشغال تفكير المعلم في تأمين حاجاته الأساسية، بحسب قوله.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".