أطفال سوريون في مخيم الزعتري للاجئين/وكالة الصحافة الفرنسية
أطفال سوريون في مخيم الزعتري للاجئين/وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم أحمد المحمود وصالح قشطة:

شتت سبعة أعوام من الحرب في سورية معظم العائلات السورية سواء في مخيمات النازحين داخل البلاد أو مخيمات اللاجئين خارجها. ويعد سعيد الحظ من بقي على اتصال بعائلته في الداخل السوري. لكن ليس دائما. "لا أتحدث مع أي شخص داخل سورية.. حتى مع عائلتي.. في هذه الأيام، إذا تلقى شخص ما مكالمة من رقم هاتف سوري، فإن ذلك كفيل بحدوث المشاكل"، يقول عمر، وهو لاجئ سوري في مختم الزعتري شمال الأردن، وفق ما جاء في تقرير أصدرته منظمة هيومن رايتس ووتش. لكن هذا التقرير أثار ردود فعل منتقِدة من الحكومة الأردنية.

​​

 

​​وحسب المنظمة، رحلت السلطات الأردنية المئات من اللاجئين السوريين إلى بلادهم. ويشتبه كثير منهم أن تكون اتصالاتهم الهاتفية بأقربائهم في الداخل السوري هي ما أثار مخاوف السلطات الأردنية.

هيومن رايتش ووتش اعتبرت إجراءات الترحيل "قسرية"، فيما اتهم اللاجئون المرحلون الأردن "بعدم تقديم أدلة كافية على ارتكابهم لمخالفات قبل ترحيلهم".

لكن الحكومة الأردنية اعتبرت تقرير هيومن رايتش ووتش "لا يعتمد على حقائق"، وشددت على أن الأردن "ينفذ أحكام القانون الدولي"، داعية المنظمات الدولية إلى "مراعاة الدقة".

لا أعرف لماذا أعادونا؟

جاء تقرير هيومن رايتس ووتش بعنوان "لا أعرف لماذا أعادونا"، ووثق ما أسماه "ترحيل السلطات الأردنية في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2017، شهريا نحو 400 لاجئ سوري مسجل".

لكن منسق شؤون اللاجئين في وزارة الداخلية الأردنية صالح الكيلاني ينفي ذلك، ويرد في تصريح لموقع (إرفع صوتك)، قائلا "لو امتلكت منظمة حقوق الإنسان الوثائق التي تعزز كلامها، فلن يكون لدينا ما يمنع أن نقوم بتدقيق كل حالة بحالتها. وسنجد أحد أمرين، إما أن يكون لدينا ورقة مقدمة من نفس الشخص بأنه يرغب بالمغادرة، أو قرار لجنة يكون أحد أعضائها من مفوضية شؤون اللاجئين غالباً، وأحياناً يكون هناك أعضاء من المفوضية ومنظمة الهجرة الدولية معاً".

أقرأ أيضا:

معلمو الزعتري يبحثون عن أمان وظيفي وبيئة تعليمية صحية

هل تتحول مخيمات السوريين والعراقيين إلى سكن دائم؟

وحسب المنظمة الحقوقية، فإن أغلب اللاجئين تم ترحيلهم بعد تواصلهم مع أقاربهم في سورية. يقول سامح، وهو لاجئ في مخيم الزعتري "تتم مراقبة المكالمات الهاتفية. إذا كان لديك شخص من عائلتك في الجيش السوري الحر، سيقول بعضهم إنه في جماعة إرهابية، تتحدث إلى أخ فقط للتأكد من كونه آمنا فقط، تتصل بك السلطات الأردنية وتطلب منك المجيء وإحضار عائلتك بأكملها للمغادرة".

في المقابل، تشدد الحكومة الأردنية أن الحالات التي تم ترحيلها هي حالات "فردية" تمس الأمن القومي. يقول منسق شؤون اللاجئين في وزارة الداخلية الأردنية "قمت بتكليف بعض الحالات بالمغادرة، كحالات فردية واضحة ومحسومة جداً، وكانت لأسباب أمن وطني بحتة. فالاستقرار والأمن هما الأساس". ويشدد الكيلاني أن هذا الإجراء يصب في مصلحة الجانب السوري والأردني معا.

الأسرة الممتدة

ووفقا لشهادات اللاجئين في تقرير هيومن رايتش ووتش، فقد قامت السلطات الأردنية بعمليات إبعاد جماعي لأسر كبيرة.  يقول مرزوق، 20 عاما، وهو لاجئ من درعا "يتم ترحيل بعض الأشخاص بناء على مدينتهم أو قريتهم الأصلية، والتي قد يسيطر عليها داعش، وتتم إعادة جميع الذين من نفس القرية في نفس الوقت. على سبيل المثال، إذا كان لديك أخ مع الجيش السوري الحر، وقال واش إن شقيقك مع داعش، فإنهم سيأخذون الأسرة الممتدة، الأعمام، الجميع.. رأينا قطاعات يتم إفراغها بالكامل".

لكن الكيلاني ينفي مسؤولية الحكومة الأردنية عن أية عمليات إبعاد جماعي، مؤكداً وجود حالات تتعلق بأشخاص تم تكليفهم بالمغادرة بسبب مشكلة ارتكبوها، "فيقوم الشخص باصطحاب بقية أفراد أسرته بشكل كامل معه، تكون كبيرة أحياناً. فلو كلفنا شخصاً بالمغادرة يخرج أخوته الأربعة أو الخمسة معه مصطحبين أسرهم معهم. فيصل عدد مرافقي الشخص الواحد المكلف بالمغادرة إلى 30 شخصاً".

تهديدات محتملة

واتهمت هيومن رايتس ووتش الأردن بتعريض حياة اللاجئين المرحلين للخطر. وقال بيل فريليك، مدير قسم حقوق اللاجئين في المنظمة "الأردن أبعد مجموعات من اللاجئين بشكل جماعي.. وتجاهل التهديدات الحقيقية التي يواجهها المبعدون عند عودتهم إلى سورية". إلا أن صالح الكيلاني ينفي هذا الاتهام أيضا. "من يريد المغادرة (طوعا) نسأله: هل أنت فعلياً تريد المغادرة وأنت تعرف أن الأمور ليست مستقرة؟"، يقول منسق شؤون اللاجئين في وزارة الداخلية الأردنية.

ويشدد الكيلاني على أن اللجنة التي تنظر في ملفات المغادرة الطوعية تتضمن عضواً من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ويوجد مقر هذه اللجنة في مركز رباعة السرحان الذي تستخدمه السلطات الأردنية كمركز استقبال للسوريين وكمركز حدودي للمغادرة.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 001202277365

 

 

 

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".