مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن/ وكالة الصحافة الفرنسية.
مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن/ وكالة الصحافة الفرنسية.

الأردن - راشد العساف: 

تأثر الاقتصاد الأردني جدا بالصراع الدائر في العراق وسورية، إذ استقبلت البلاد نحو 1.4 مليون لاجئ سوري منذ بداية الأزمة عام 2011. وكان لإغلاق الحدود مع سورية والعراق مفعول سلبي على الصادرات الأردنية.

وتجاوزت كلفة استقبال الأردن اللاجئين من سورية بسبب الحرب الدائرة فيها، 10 مليارات و300 مليون دولار، حسبما أعلنت وزارة الخارجية الأردنية الثلاثاء، 10 تشرين الأول/أكتوبر.

الأردن الرسمي ألمح، عبر رسائل ملكية وأخرى حكومية، إلى إمكانية وقف الدعم المقدم للاجئين السوريين والأجانب المقيمين على أراضيه في الموازنة المالية لعام 2018.

وتشكل استضافة اللاجئين السوريين أزمة حقيقية للموازنة العامة في الأردن، إذ يتوقع أن تصل التكلفة العامة لاستضافة اللاجئين السوريين خلال سنة 2017 حوالي 1.7 مليار دولار أميركي.

كلفة اللاجئين

ويعاني الأردن أزمة مالية بعد انتهاء مخصصات المنحة الخليجية مع عام 2017، وهو ما وضع البلاد أمام احتمال اتخاذ قرار صعب: توجيه الدعم للمواطن الأردني مباشرة بدلا من دعم السلع التي يستهلكها أيضا غير الأردنيين الذين يشكلون ثلث السكان، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الأردنية عن اجتماع لمجلس الوزراء.

ويشكل اللاجئون السوريون نحو 20 في المئة من سكان الأردن، يشاركون الأردنيين الدعم الحكومي في كافة القطاعات. ويسعى الأردن قبيل إقرار موازنة 2018 إلى إيجاد آلية لإيصال الدعم للأردنيين حصرا.

اقرأ أيضا:

ترحيل اللاجئين.. جدال بين الأردن وهيومن رايتس ووتش

"الخليج" و"صندوق النقد" أبرز تحديات الأردن لعام 2018

وبلغت تكلفة دعم اللاجئين السوريين خلال عام 2017 في قطاع التعليم 138 مليون دولار، وفي قطاع الصحة 111 مليون دولار، والكهرباء 179 مليون دولار، والمياه والصرف الصحي 506 مليون دولار، والبنية التحتية 172 مليون دولار، والخدمات البلدية 23 مليون دولار، والمواد الغذائية المدعومة 33.3 مليون دولار، والنقل والعمالة غير الرسمية 111 مليون دولار، والتكلفة الأمنية 408 مليون دولار.

برنامج صندوق النقد

ما زال الأردن يواجه الكثير من التحديات الاقتصادية التي كانت موجودة قبل تطبيق برنامج التسهيل الائتماني الممتد الذي تبناه الأردن، بالتعاون مع صندوق النقد الدولي خلال الفترة 2016-2019. ومن أهم هذه التحديات: تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي، وارتفاع البطالة، خاصة في صفوف الشباب والإناث، إضافة إلى ارتفاع كلفة استضافة أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين التي أثرت في أوضاع المالية العامة، إذ أدت إلى زيادة عجز الموازنة وارتفاع الدين العام إلى حوالي 93 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

ويهدف برنامج التسهيل الائتماني إلى اتباع العديد من الإصلاحات الهيكلية في مجال ضبط المالية العامة وتحفيز النمو الشمولي، وذلك للحفاظ على الاستقرار الاقتصاد الكلي ورفع تنافسية الاقتصاد الوطني وقدرته على خلق الوظائف.

الملك يلمح

ولم يخف الملك عبد الله الثاني قلقه على مستقبل الاقتصاد الأردني، وتحديدا الطبقة الفقيرة والمتوسطة، في ظل إنفاق المملكة ربع موازنتها على اللاجئين السوريين، علما أن موازنة عام 2018 مطلوب منها تحصيل 520 مليون دينار تنفيذا لبرنامج صندوق النقد الدولي.

​​

​​وأشار الملك، خلال لقائه مع كبار ضباط القوات المسلحة الأردنية نهاية أيلول/ سبتمبر الماضي، إلى أن المجتمع الدولي مقصر في تحمل جزء من كلفة استضافة اللاجئين السوريين، وأن على ضيوف الأردن، لاجئين وأجانب، تحمل إمكانية توجيه الدعم الحكومة للأردنيين فقط.

وقال الملك "عدد الأجانب في الأردن أكثر من أربعة ملايين، لماذا علينا نحن كأردنيين ندفع للأجانب؟ بالنهاية يجب أن نحمي (المواطن) الأردني أولا وعلى ضيوفنا أن يتحملوا قليلا".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".