تركيا - محمد النجار:
أكثر من أربعة أشهر من المعارك الطاحنة في مدينة الرقة، شمال شرق سورية، انتهت الثلاثاء 17 تشرين الأول/أكتوبر 2017 بسيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" على المدينة، وخروج آخر مقاتلي داعش منها.
وبدأت معركة الرقة، التي أطلقتها "غرفة عمليات غضب الفرات" التابعة لقوات سوريا الديمقراطية، فيما سلمت آخر دفعة من عناصر تنظيم داعش نفسها أمس الثلاثاء، معلنة سقوط عاصمة التنظيم.
يحكي هذا التقرير تفاصيل الأيام الأخيرة من عمر داعش في الرقة.
اقرأ أيضا:
قوات سورية الديموقراطية تعلن السيطرة على مدينة الرقة بالكامل
كشف عضو مجلس الرقة المدني فراس ممدوح الفهد أن انتهاء المعركة جاء بعد تسليم 150 عنصراً من التنظيم من شمالي القوقاز وأوزباكستان أنفسهم لقوات سوريا الديمقراطية في الملعب البلدي والمشفى الوطني صباح الثلاثاء.
لكن عملية الإعلان عن التحرير تأخرت حتّى لقاء جمع مجلس الرقة المدني مع المبعوث الأميركي بريت ماكغورك في مدينة عين عيسى شمالي الرقة، وفق ما كتب الفهد عبر صفحته الشخصية بموقع فيسبوك.
السقوط الفعلي
سقطت الرقة عمليا في نهاية الأسبوع الماضي، مع ظهور بيان لمجلس الرقّة المدني، الأحد، جاء فيه "نحن شيوخ ووجهاء عشائر الرقة نعلن أننا وحقنا للدماء ولوضع حد لمأساة أهلنا العالقين داخل المدينة وبعد أن انكفأ الارهابيون.. وجهنا نداء إلى قوات سورية الديمقراطية ليتم تسوية وضع من تبقى داخل المدينة من المقاتلين المحليين وتأمين خروجهم إلى مناطق خارج المدينة بضماناتنا. وقد وافقت قوات سورية الديمقراطية مشكورة على مضمون هذا النداء".
وجاء الخروج تنفيذاً لاتفاق أبرم الخميس في 12 من تشرين الأول/أكتوبر. وبعدها انتشرت مقاطع فيديو تُظهر لحظة تسليم عناصر التنظيم أنفسهم لقوات سوريا الديمقراطية داخل مبنى مغلق حضره عدد من وجهاء وشيوخ محافظة الرقة.
ومثّل هذا الاتفاق السقوط الفعلي للتنظيم داخل المدينة، حيث انحدرت بعده وبشكلٍ واضح المُقاومة الشرسة التي كان يبديها داعش على مدار الأشهر الماضية، حيث استمر في القتال المقاتلون الأجانب الذين لم يشملهم الاتفاق.
أما المقاتلون المحليون، وعددهم 275 مع عائلاتهم، فتناقلت وسائل الإعلام نقلهم إلى ريف دير الزور الشرقي الذي ما يزال تحت سيطرة داعش.
مبالغة في الدمار
يقول الناشط الإعلامي أحمد فراتي، الذي يعيش في ريف الرقة لـ (إرفع صوتك) "تسليم عناصر التنظيم أنفسهم السبت مثّل الاستسلام الحقيقي لعناصر التنظيم ولم يعد مقاتلوه يُبدون أي مقاومة تُذكر داخل المدينة".
وأضاف أنَّ حدّة العمليات العسكرية في داخل المدينة انخفضت حينها، بما في ذلك الاشتباكات والقصف المدفعي، في حين توقّف الطيران الحربي عن الغارات. "حينها علمتُ أن معركة الرقّة انتهت فعليا"، يقول أحمد.
وأوضح الفراتي أن عناصر التنظيم الذين بقوا حتّى النهاية، كان عددهم يُقدّر بالعشرات وحُوصروا في جيب صغير لا يتعدّى مئات الأمتار، وكان مصيرهم محتوماً داخل هذه الرقعة الصغيرة.
من جهته، قال عضو مجلس الرقة المدني فراس ممدوح الفهد الذي زار المدينة، في منشورٍ على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: "الدمار الذي رأيتُه لا يتعدّى 60 في المئة أو أقل من ذلك بخلاف ما تروّجه وسائل الإعلام". وكانت وسائل إعلام رجّحت أن نسبة الدمار في المدينة قد تجاوزت 90 في المئة.
وانتشر مقطع فيديو بثته قناة "سي إن إن" الأميركية يظهر لقطات جوية لمدينة الرقة، توضّح دماراً كبيراً في المباني.
مقتل 1800 مدني
حتّى الآن لازالت المدينة غير جاهزة لدخول المدنيين إليها، ولا سيما مع كثافة العبوات الناسفة والألغام الأرضية التي زرعها عناصر التنظيم قبل خروجهم من المدينة.
وكشف سكان من الرقة لموقع (إرفع صوتك) أن قوات سوريا الديمقراطية تحيط المدينة وتمنع السكّان من الدخول إلى منازلهم، بسبب عدم الانتهاء من عملية كشف المتفجّرات وكسح الألغام.
ونشرت حملة "الرقّة تُذبح بصمت"، المعنية بتوثيق أخبار محافظة الرقة، إحصائيةً تحدّثت فيها عن النتائج النهائية لمعركة الرقة.
ووفقا للإحصائية، فإن المعركة أدّت إلى مقتل أكثر من 1873 مدني، وخلفت آلاف الجرحى، فيما بلغ عدد النازحين أكثر من 45 ألفا.
وتضيف الصفحة أن طائرات التحالف أطلقت 3829 غارة جوية، فيما نفذ مقاتلو داعش 90 عملية انتحارية. أما نسبة الدمار، فبلغت حسب الصفحة 90 في المئة، إضافة إلى تدمير ثمانية مشافي وما يزيد عن 40 مدرسة و29 مسجدا وأربعة جسور وخمس جامعات.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659