نساء كرديات في مدينة كوباني بسورية
نساء كرديات في مدينة كوباني بسورية

بقلم​ عبد الحفيظ شرف/

الأكراد شعب كبير وصاحب همة عالية وعزيمة ومن الشعوب القليلة في المنطقة التي تعرف ما تريد ولديها هدف واضح ومحدد. شعب يفوق تعداده خمسين مليون نسمة. ينتشرون في تركيا والعراق وإيران وكذلك في سوريا. وحتى لا يعتقد البعض أنني منحاز لقومية معينة، أخبركم أنني عربي ولدت لأب عربي وأم عربية من حلب الشهباء الراقية.

أعتقد بداية أن الأكراد قد ظلموا تاريخيا في أماكن وجودهم بين تركيا والعراق وإيران وسوريا. ففي العراق حصلت مجازر قادها صدام حسين ضد الأكراد وأدت إلى مئات آلاف القتلى واستخدم فيها السلاح الكيماوي كما فعل ويفعل بشار الأسد في السوريين في أيامنا هذه. وفي تركيا قتل منهم الكثير قبل حكم حزب العدالة والتنمية والذي حاول أن يقرب وجهات النظر مع الأكراد في بداية حكمه ثم عاد النهج السابق في التعامل معهم. وفي سوريا فحدث ولا حرج. فقد حرموا من كل أوراق ثبوتية وحرموا أن يتعلموا لغتهم. كل هذا الظلم ولد لديهم نوعا من عدم الثقة في العرب والأتراك ونحن السبب في هذا، فالكثير منا كان راضيا بهذا الظلم الذي يقع يوميا على ملايين الأكراد.

وانطلق من هذه المقدمة البسيطة إلى تضاريس الأرض السورية من خلال بعض النقاط التي أرى أنها منسية أو تغافلها المعارضة السورية التي لم تنجح حتى اللحظة في توحيد قواها على الأرض وصناعة رؤية سياسية توحد السوريين تحت مظلتها. فبداية علينا قراءة الواقع بشكل صحيح وعلينا كذلك معرفة المصالح المتضاربة على الأرض السورية لنختار الطريقة المثلى للتعامل مع الواقع ولإيجاد مصالح مشتركة متقاطعة سواء مع أبناء بلدنا الأكراد أو مع الغرب. والهدف من هذه النقاط التي سأسردها هو الحفاظ على وحدة سورية شعبا وأرضا، كما أنني أعتقد أنه لا يوجد طريق أفضل من الوحدة مع أبناء شعبنا وتقديم التنازلات، وبالنسبة لي تقديم التنازلات يمثل القوة وليس ضعفا إذا كان لمصلحة الوطن.

اقرأ المقال كاملا

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".