جانب من الدمار الذي حاق بمدينة الرقة بعد تحريرها من قبضة تنظيم داعش
جانب من الدمار الذي حاق بمدينة الرقة بعد تحريرها من قبضة تنظيم داعش

بقلم صالح قشطة:

عقب تحرير الرقة ومن تبقى من أهاليها من تنظيم داعش، الذي اتخذ من المدينة معقلاً رئيسياً له في سورية، أطلقت مجموعة من الناشطين حملات إلكترونية تطالب بمعرفة مصير من قام التنظيم باختطافهم، والذين باتوا في عداد المفقودين، لا يعرف ذويهم شيئاً عنهم.

"#أين هم"، و "#أين_مختطفو_داعش"، كانتا من أبرز الحملات التي شهدت تفاعلاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي. حيث قامت تلك الحملات بمشاركة منشورات وصور للمفقودين، مرفقة بمعلومات موجزة تعرّف عن كل منهم.

ويتحدث الناشط السوري والمنسق في حملة #أين_مختطفو_داعش، مازن حسّون، لموقع (إرفع صوتك)، موضحا أن الهدف وراء الحملة هو أن تكون وسيلة ضغط على المجتمع الدولي وكافة المنظمات المعنية لتتجه نحو الرقة وتفتح تحقيقاً تكشف به مصير المفقودين بسبب تنظيم داعش. ويتابع "تم اختطافهم من قبل داعش على مرأى الجميع، ولم نعرف أي معلومة عن مصيرهم".

الضغط على المجتمع الدولي

وعلى جانب آخر، يوضح حسون أن سعي الحملة للضغط على المجتمع الدولي سيساعد في ممارسة ضغط عالمي على "قوات سوريا الديمقراطية" وعلى التحالف الدولي، ليقوموا بكشف مصير المفقودين وفتح تحقيقات مع الأسرى الدواعش لديهم، "لنعرف مصير أهالينا وأصدقائنا. هل هم على قيد الحياة أم أموات؟ نريد أن نحدد موقعهم وأن نعرف ماذا حل بهم".

وبحسب الناشط حسون، فالمحتجزون كانوا في الملعب البلدي في الرقة، المسمى "نقطة 11"، وهي نقطة سجن المعتقلين السياسيين، فيما تكشف معلومات عن قيام التنظيم بنقل المحتجزين إلى مدينتي الميادين والبوكمال في دير الزور قبل بدء معركة تحرير الرقة. وينوه "لكن هذا مجرد كلام غير مؤكد.. وحتى اليوم لا يتوفر لدينا عدد محدد لمن قام التنظيم باختطافهم.. لكن أقدّر عددهم بالمئات".

وحول أسباب عدم إطلاق سراحهم أو توضيح مصيرهم، يشير المنسق في الحملة إلى اعتماد التنظيم منذ بداية ظهوره على أسلوب خطف معارضيه، وذلك ليكونوا دروعاً بشرية يدافع بها التنظيم عن نفسه مستخدماً الأبرياء. ويضيف أنهم -إن كانوا أحياءً- فسيتم استثمارهم كورقة ضغط على التحالف من قبل التنظيم أثناء انهياره.

لا أثر له.. سوى كاميرته المتفحمة!

ومن جانب ذوي مجهولي المصير، يتحدث الشاب وائل المطر إلى موقع (إرفع صوتك) مؤكداً اختطاف اثنين من أبناء عمومته على يد التنظيم، ومعبراً عن أمله بعودتهم أو كشف مصيرهم، على أدنى تقدير.

ويعود المطر بذاكرته إلى ليلة الثلاثاء 13 آب/أغسطس 2013، عندما علم عن اختطاف ابن عمه، محمد نور المطر، على يد أفراد التنظيم، قبيل سيطرتهم على الرقة بشكل كامل. ويقول "كان صحافياً.. واشتعل اشتباكاً فجائياً بين داعش وفصائل أخرى.. وعقب الاشتباك لم يعثر أحد على أثر له، سوى كاميرته التي وجدت متفحمة".

​​

​​

كما يعود الشاب إلى تاريخ 11 حزيران/يونيو من عام 2014، عندما كان اختطاف ابن عمه الآخر، أحمد المطر، على يد التنظيم الإرهابي.

توفي والده حسرة

"هو الأكبر بين أخوته.. كان ناشطاً ومصوراً فوتوغرافياً.. توفي والده بحسرته بعد اختفائه بفترة.. أوضاع مأساوية باتت تعيشها العائلة، فابنها الكبير اختفى، والأب توفى، والبيت مدمر.. يصعب تخيل وضعهم"، يقول المطر واصفاً ما بات يخيم على حياة أقاربه من حزن، لا مسبب له سوى تنظيم داعش وإرهابه.

​​

​​

ويوضح المطر إن ابن عمه أحمد كان في زيارة لصديقه في المستشفى في الرقة، حيث تشاجر مع أحد الحرس، وتم احتجازه هناك مع بعض رفاقه الذين تم إطلاق سراحهم لاحقاً، بينما بقي هو في قبضة التنظيم.

وعلى حد قوله، فقد كان أحمد ناشطاً إعلامياً، له منشورات عدة على مواقع التواصل الاجتماعي. وكان هناك جواسيس لداعش أبلغوا عن وجود جهاز إنترنت فضائي في بيته، وهو ما يمنعه التنظيم ويجرمه.

لعلّ وعسى..

من جانبه، يؤكد الصحافي السوري مازن أبو تمام على أهمية هذا النوع من الحملات، ويقول في حديث إلى موقع (إرفع صوتك) "لعل وعسى أن تصل رسالتها للتحالف الدولي و"قوات سوريا الديمقراطية" أيضاً". آملاً في أن تساعد الحملات في إيجاد المفقودين ومعرفة وضعهم وإخلاء سبيلهم.

ويشير أبو تمام إلى أن مدى فعالية حملات المطالبة بكشف مصير المفقودين لدى تنظيم داعش سيعتمد على مدى الضغط الذي ستتمكن من تشكيله على الجهات المختلفة وهو ما قد يساهم في تحقيق مطالب أهالي المفقودين.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".