بقلم صالح قشطة:
"الحرب كانت أقسى من قدراتنا كفنانين، وأقسى من قدراتي لأكون متهيئاً نفسياً لتقديم الأعمال"، يقول الفنان الموسيقي السوري ريبال الخضري في حديث إلى موقع (إرفع صوتك) حول رحلته المهنية ومدى تأثرها بالظروف التي بات المواطن السوري يعيشها مؤخراً.
رغم سلوكه طريق لجوء شائك محفوف بالمصاعب، تمكن الخضري من الحفاظ على مسيرة فنية تأثرت بالحرب وبات إيقاعها أكثر بطأ بسبب الظروف السياسية والأزمات المتتالية في وطنه. ويوضح " مع الحرب تأثر عملي كثيراً وقلبت موازين كل شيء، أنا لست سياسياً، أنا فنان، والأحداث أربكتني كثيراً، ولم أعرف كيف من المفترض أن أتصرف".
سورية- الأردن- ألمانيا
في عام 2010 طرح الخضري أسطوانته الأولى التي حملت عنوان "شوية حكي" في دمشق، كان ذلك قبيل الأزمة.
وفي عام 2011، حين بدأت الأحداث في سورية أصدر أسطوانته الثانية "توشيح".
ويقول ريبال الذي اضطر لمغادرة بلاده نهاية عام 2011 "سورية بقيت بداخلي، ولكن كان عليّ أن أتابع حياتي بعد التهديدات التي عشتها.. فاتجهت إلى الأردن التي احتضنتني لمدة ثلاث سنوات".
خلال فترة إقامته في الأردن، محطة لجوئه الأولى، بدأ الخضري التدريس في المعهد الوطني للموسيقى، وأصبح رئيس قسم الغناء فيه لاحقاً، ثم قام بتأسيس جوقة "أمان" التي ضمت مواهب غنائية من جنسيات عربية متنوعة.
ونظراً لالتزامه بالجوقة والمعهد، قيّد العمل وقته وحدّ من حريته في متابعة أعماله الغنائية والموسيقية الخاصة، لينتقل بعدها إلى ألمانيا، حيث بداية جديدة.
النهوض مرة أخرى
"حالياً عقب خمس سنوات تمكنت من النهوض مرة أخرى"، يقول الخضري، حيث شهدت انطلاقته الجديدة مشاركات مع فرق أوروبية مختلفة، بأعمال موسيقية تحكي عن حنين اللاجئ إلى وطنه وأزماته في المكان الجديد، كانت أغنية "يا بيتي شو اشتقتلك" من أبرزها، وهي من تأليف الشاعر السوري رامي العاشق، وألحان ريبال.
وتقول الأغنية في مطلعها:
يا بيتي شو اشتقتلك.. مش عم بقدر أوصلّك.. خيالاتن عباب البيت ووجوهن عم تحتلها..
ويقوم ريبال حالياً بالتحضير لأسطوانته الجديدة، بالإضافة لأغنية جديدة حول معاناة اللاجئ تحمل عنوان "دفتر عيلة"، وينوّه إلى أنها ستكون بمثابة أغنية مكملة لسابقتها "يا بيتي شو اشتقتلك". وفي الأغنيتين حاول الفنان التركيز بشكل كبير على الإنسان البسيط الذي يحتاج من يتحدث نيابة عنه ويروي قصته، مهما كان أصله.
تم تسجيل "دفتر عيلة" في الأردن وسورية وألمانيا، عبر أوركسترا مكونة من 52 عازفاً، "منهم موسيقيون لاجئون محترفون بمعنى الكلمة"، يقول ريبال.
وبشكل حصري، يمكن لمتابعي موقع (إرفع صوتك) سماع جزء من "دفتر عيلة" التي سترى النور شهر ديسمبر القادم.
الأغنية من كلمات ريبال وألحانه، وتقول:
دفتر عيلتنا تخزق.. يمكن ما عاد لو لزوم
كل الي بقلبو بصورهن غابوا.. ويا بخت المظلوم
فلوا وبقيت ضحكات وجوهن.. تركض عالحيطان
هني فلوا.. وهي بقيت تتعربش عالنسيان
يا دفتر عيلتنا تخزق.. يا دفتر عيلتنا تخزق
يا دفتر عيلتنا تخزق.. أحسن.. ما الك لزوم
وحول من يمثل أسلوبه الموسيقي أحلامهم وأمنياتهم، يقول ريبال "القضايا الإنسانية هي التي تستحق تسليط الضوء بشكل أكبر، فهناك أناس لا صوت لهم، يعانون ويتعذبون، ولا يريدون شيئاً سوى العيش.. وبالنسبة لي هؤلاء هم الأولى بالتطرق لشأنهم".
من جهته، يعبر المخرج الإسباني إدواردو سيرانو خلال حديث إلى موقع (إرفع صوتك) عن إعجابه بأغنية "دفتر عيلة" التي يعمل على إخراجها بنفسه.
تقابل ريبال وإدواردو عام 2015 في ورشة عمل فنية أقيمت في ألمانيا، استقطبت موسيقيين من الشرق الأوسط، إلى جانب بعض الفنانين الألمان والأوروبيين، ثم تواصلا وقررا العمل معاً لاحقاً.
"فيها ما يكفي من الدراما"
ويقول سيرانو "الأغنية درامية المضمون والحكاية، ورأيت أن نضيف لها صوراً جميلة غير درامية لتعطي مشاعرَ جميلة، لأن الأغنية فيها ما يكفي من الدراما".
ويصف المخرج الأغنية بأنها تعالج "كيفية مواجهة الإنسان لمشاعر الفقد والغياب والرحيل القسري"، ويشدد على أنه يرى فيها عملاً يتحدث عن كل أولئك الذين فقدوا أحداً من أفراد عائلاتهم بسبب أي حرب، في أي مكان في العالم، ويؤكد "لقد أحببت الأغنية فهي شكل من أشكال التواصل وإيصال المشاعر التي لا تعرف الحدود".
الجانب المضيء من الكارثة!
بدورها، تتحدث المغنية الأردنية يارا جوبان عن تجربتها مع ريبال منذ انضمامها لجوقة "آمان" التي أسسها الموسيقي السوري في العاصمة الأردنية عمّان. وتقول لموقع (إرفع صوتك) "ريبال هو أستاذ في الفن والموسيقى، نقل لنا تجربته وكان ذلك من حظنا".
وتتابع جوبان "هناك جانب مضيء لأي كارثة في الحياة، وأتوقع أن هذا هو الجانب المضيء بالنسبة لنا"، في إشارة منها إلى الفائدة التي تحققت لها ولزملائها في الجوقة على يد ريبال، عقب خروجه من وطنه".
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659