مقاتلان من جبهة النصرة خلال مواجهات عسكرية مع قوات النظام السوري/وكالة الصحافة الفرنسية
مقاتلان من جبهة النصرة خلال مواجهات عسكرية مع قوات النظام السوري/وكالة الصحافة الفرنسية

تركيا - محمد ناموس:

في يوم الثلاثاء 7 نوفمبر/تشرين الثاني، هاجم مقاتلون من "هيئة تحرير الشام" عناصر من "حركة نور الدين الزنكي".

لكن هذا الهجوم لم يمر مرور الكرام، إذ خلّف حرباً مفتوحةً بين الفصيلين استمرّت لأسبوعٍ كامل، قتل وأصيب خلالها مدنيون. ولا تزال تداعياتها مستمرّة حتّى الآن.

الصراع بين الهيئة (جبهة النصرة سابقاً) و"الزنكي" ليس الأوّل من نوعه. وهو مُشابه إلى حد كبير للصراعات السابقة التي خاضتها "تحرير الشام" مع فصائل أخرى حول النفوذ في سورية.

القصّة الكاملة

بعد المناوشات بين عناصر الزنكي والهيئة، قام كل من الفصيلين باستقدام تعزيزات عسكرية. وبدأت حرب مفتوحة، امتدّت إلى معظم قرى وبلدات ريف حلب الغربي، بعد أن كانت محصورة في بلدة الدانا.

بعد المناوشات بين عناصر الزنكي والهيئة، قام كل من الفصيلين باستقدام تعزيزات عسكرية

​​

وانتقلت المعارك إلى قرى وبلدات في ريف حلب، كالأتارب وكفل داعل والمنصورة وخان العسل وأورم الكبرى التي شهدت مقتل مدنيين اثنين وإصابة ستة آخرين بينهم أطفال نتيجة تبادل القصف والاشتباكات.

وتطوّرت المعارك إلى قيام هيئة تحرير الشام باستخدام الأسلحة الثقيلة، حيث قصفت مناطق تسيطر عليها الزنكي. وقبل ثلاثة أيام فقط، قصفت مدفعية تحرير الشام بقذائف الهاون مسجد قرية كفرناها بريف محافظة حلب الغربي، ما أدى إلى دمار جزئي فيه، وفقاً لما أعلنت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" على موقعها الرسمي.

اتحاد فاشل

تعود المواجهات الحالية إلى مخلفات اتحاد فاشل بين الفصيلين. ففي 28 يناير/كانون الثاني 2017، اندمجت "جبهة فتح الشام" مع "حركة نور الدين الزنكي" وفصائل أخرى لتشكيل "هيئة تحرير الشام".

لكن هذا الاندماج لم يدم طويلا، بسبب دخول الهيئة في مواجهات ضد حركة "أحرار الشام" في شهر تموز/يوليو الماضي. وهي المواجهات التي رفضتها فصائل من الهيئة نفسها، معلنة انسحابها، وعلى رأسها "حركة نور الدين الزنكي". شكل هذا الانسحاب ضربة موجعة لتحرير الشام.

وبحسب الناشط الإعلامي أحمد فارس، الذي يعمل مصوّراً في ريف حلب، فإن الهيئة تسعى إلى اكتساح أي فصيل عسكري من الممكن أن ينافسها في شمالي سورية.

وقال فارس لـ(إرفع صوتك) "هيئة تحرير الشام لاحظت خطورة حركة أحرار الشام سابقاً، لذلك شنّت حرباً واسعةً ضدها بهدف تفكيكها وتحويلها إلى فصيل صغير غير قادر على منافستها".

وأكد فارس أن الهيئة تحاول توجيه رسالة لجميع الفصائل المعارضة في شمالي سورية: إما الاندماج معها والعمل تحت رايتها، أو الاستعداد لحرب شاملة.

اتهامات متبادلة

تبادل الطرفان الاتهامات طيلة الأسبوع الماضي. وقال نائب قائد حركة نور الدين الزنكي علي سعيدو في بيانٍ مصور بث الجمعة الماضي "لم يعد خافيا الجهود التدميرية التي تقوم بها هيئة تحرير الشام.. تفأجنا بأرتال تدك مقرات الزنكي في الدانة ودير حسان وأطمة".

لكن هيئة تحرير الشام ردت بالقول، على لسان مسؤول ديوان القبائل والوجهاء فيها خالد الخالدي، بالقول إنها مستعدة "للجلوس لمحكمة شرعية".

واتهم الخالدي حركة الزنكي برفض الدخول في أي اتفاق صلح. وقال "ذهبنا للزنكي ولكن لم نلتق بمسؤول الزنكي ولا نائبه بحجة أنهم غير موجودين بالمنطقة، فقط استطعنا لقاء القائد العسكري في الزنكي ياسر ذمة وأصر على القتال ورفض وقف إطلاق النار".

ووضعت الزنكي شروطا للدخول في صلح نهائي مع تحرير الشام

​​ووضعت حركة نور الدين الزنكي شروطا للدخول في اتفاق صلح نهائي مع هيئة تحرير الشام، على رأسها انسحاب الأخيرة من كل المواقع التي احتلتها خلال المواجهات الماضية، وإطلاق سراح معتقلي الفصائل.

ورغم الأنباء التي وردت عن الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار يوم الأحد الماضي، إلا أن المواجهات سرعان ما تواصلت في اليوم التالي. وفي ظهر يوم الاثنين، عادت الهيئة لتهاجم مدينة كفرناها ومحيط الفوج 111 في ريف حلب الغربي، وفقاً لما أكّد سكان لـ(ارفع صوتك).

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق واتساب على الرقم 0012022773659

 

مواضيع ذات صلة:

مقاتلان من جبهة النصرة خلال مواجهات عسكرية مع قوات النظام السوري/وكالة الصحافة الفرنسية
مقاتلان من جبهة النصرة خلال مواجهات عسكرية مع قوات النظام السوري/وكالة الصحافة الفرنسية

المغرب - عبد العالي زينون:

لم يَلُك زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري كلماته وهو يخاطب قائد هيئة تحرير الشام أبا محمد الجولاني. كان كلامه لتابعه السابق، أشبه بالتقريع: "نحن نوفي ببيعاتنا، لا نقيل ولا نستقيل".

هذا ما ورد في الرسالة الصوتية الأخيرة للظواهري، في بداية تشرين الأول/أكتوبر، والتي أعلن فيها للمرة الأولى غضبه من انفصال جبهة النصرة عن تنظيم القاعدة، في تموز/يوليوز 2016.

ذكر زعيم القاعدة قائد النصرة سابقا وهيئة تحرير الشام حاليا، وإن لم يسمه، أن "البيعة عقد شرعي ملزم يحرم نكثه" وأن أعذاره للانفصال مردودة. "يبرر المبررون: نريد نتجنب القصف، نريد نهرب من التصنيف. الممولون يشترطون علينا أن نبتعد عمن تكرههم أميركا حتى لا يصنفوننا كإرهابيين"، يقول الظواهري.

هذا رغم أن زعيم القاعدة نفسه أعلن، أياما قليلة قبل الانفصال السنة الماضية، أنه يفوض الجولاني وقادة النصرة اتخاذ هذه الخطوة.

الجولاني يغير قواعد اللعبة

ما حدث هو أن انفصال جبهة النصرة حينها كان يراد له أن يكون شكليا. وهو ما كشفته الرسائل الأخيرة للشرعي العام والرجل الثاني في جبهة النصرة سابقا سامي العريدي، التي وصف فيها الانفصال بأنه كان "فك ارتباط إعلامي" فقط.

الباحث الأميركي من أصل سوري، حسن حسن، من معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط في واشنطن العاصمة يؤكد بدوره مسرحية الانفصال في مقال له بموقع جريدة "ذا ناشيونال" الإماراتية. "رغم التسمية الجديدة، أخبرتني مصادر من الداخل، السنة الماضية (2016)، أن الاتصالات والمشاورات بين القاعدة وقيادة الجماعة (النصرة) ظلت متواصلة" يقول حسن.

اقرأ أيضا:

تركيا... هل دخلت في تحالف "أمر واقع" مع إرهابيين في إدلب؟

ما الذي يجري في إدلب السورية؟

من جهته، يقول الباحث المغربي المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية عبد العزيز مزوز "ما تم الاتفاق عليه مع الجولاني هو قطيعة شكلية مع القاعدة مع بقاء البيعة قائمة بين الجبهة والتنظيم الأم".

لكن ما جرى هو أن الجولاني حول الانفصال الشكلي إلى "فك ارتباط كلي" (بتعبير العريدي نفسه)، عندما أعلن توحيد "جبهة فتح الشام" التي خلفت النصرة مع خمسة فصائل مسلحة أخرى لتكوين "هيئة تحرير الشام"، في كانون الثاني/يناير 2017.

لم تحظ الخطوة الجديدة بموافقة أيمن الظواهري. يقول سامي العريدي إن ممثل القاعدة في سورية أبا الخير المصري "لم يعلم بتشكيل الهيئة إلا من الإعلام ". وقتل أبو الخير في غارة جوية، نفذتها طائرة أميركية بدون طيار، قرب مدينة إدلب في شباط/فبراير الماضي.

ودفع الخلاف حول العلاقة مع القاعدة العريدي وقياديين اثنين من المؤسسين الأوائل لجبهة النصرة، هما "أبو جليبيب الأردني" (إياد الطوباسي) و"أبو خديجة الأردني" (بلال خريسات)، إلى إعلان انفصالهم عن هيئة تحرير الشام والعودة إلى بيعة القاعدة. وهي الخطوة التي ستتوج لاحقا بتأسيس "جماعة أنصار الفرقان"، بالتزامن مع التدخل التركي في إدلب.

 الخلاف حول قتال أحرار الشام

لم تمض إلا أشهر قليلة على تأسيس هيئة تحرير الشام حتى دخلت في حرب مفتوحة مع "حركة أحرار الشام" في تموز/يوليو الماضي، على خلفية الموقف من العملية السياسية. ورغم أن "الهيئة" نجحت عسكريا في دحر "الحركة" والسيطرة على مدينة إدلب بالكامل، إلا أن الحرب تسببت في تعميق الخلافات الداخلية بين الفصائل المكونة لها.

وأعلنت كل من حركة نور الدين الزنكي وجيش الأحرار انسحابهما من الهيئة تباعا، بل إن القائد العام للهيئة نفسها هاشم الشيخ (أبو جابر) استقال من قيادتها، فعادت الزعامة للجولاني. ولم يكن الشرعيون بدورهم بعيدين عن هذا الصراع، حيث أعلن أبرزهم، السعودي عبد الله المحيسني، رفضه قتال أحرار الشام.

وما تزال تداعيات الخلافات حول هذه المعارك تتفاعل إلى الآن. فقبل ثلاثة أيام فقط، أعلن قائد "جيش الأحرار" المنسحب من الهيئة، أبو صالح طحان، أن عناصر من تحرير الشام حاولوا اغتياله.

​​

​​

قضية الشرعيين والتدخل التركي

مع حلول شهر أيلول/سبتمبر، تفاقمت قضية الشرعيين داخل هيئة تحرير الشام، فقد ظهرت تسريبات صوتية لمحادثات بين أمير قطاع إدلب أبي الوليد (يعرف أيضا بأبي حمزة بنش) وشخص آخر يعتقد أنه أبو محمد الجولاني نفسه. في التسجيل الذي يعود إلى تموز/يوليوز، أي بالتزامن مع المعارك مع أحرار الشام، يصف أبو الوليد الشرعيين بـ"المرقعين" ويطلب من الجولاني (المفترض) السماح له باعتقال المحيسني بسبب موقفه من القتال حينها. وهو الطلب الذي قوبل بالرفض.

مباشرة بعد ظهور التسريب، أعلن عبد الله المحيسني وشرعي آخر هو مصلح العليان استقالتهما من الهيئة.

​​

​​

وجاء الدخول التركي إلى إدلب، بالتوافق مع تحرير الشام، ليدق مسمارا آخر في جسد الهيئة. ففي اليوم الأول لبدء الجيش التركي نشر قواته، أعلن تنظيم جديد يحمل اسم "جماعة أنصار الفرقان" عن ميلاده. وصف التنظيم الجديد نفسه بأنه "كيان جهادي سني مسلم". ويعتقد أن الغاضبين من هيئة تحرير الشام يقفون وراءه.

يرى الباحث المغربي عبد العزيز مزوز أن إحساس القاعدة بنهاية وجودها في سورية دفعها إلى تأسيس تنظيم "أنصار الفرقان". وما يؤكد العلاقة بين القاعدة والتنظيم الجديد هو ظهور مبادرة للصلح يقودها عدد من رموز السلفية الجهادية، لحل الخلاف بين هيئة تحرير الشام ومن وصفهم البيان "بالمبايعين لتنظيم القاعدة في بلاد الشام"، في إشارة على الأرجح إلى التنظيم الجديد.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659​