بقلم صالح قشطة:
في ظروف مشابهة لظروف مخيم لجوء حقيقي، وفي منطقة قريبة من العاصمة الأردنية عمّان، يقوم فريق عمل سينمائي عربي، تقوده المخرجة الأردنية ساندرا قعوار، بتصوير فيلم "لبنى" الذي يحاكي تفاصيل قصة عاشتها شابة سورية، تجسد شخصيتها في العمل نجمة الدراما السورية أناهيد فيّاض.
نُسج سيناريو "لبنى" بناءا على قصة واقعية، ليسلّط الأضواء على قضية اللجوء السوري بشكل خاص، وقضايا اللجوء بشكل عام، من خلال معاناة بطلة الفيلم وما حل بها بسبب الحرب، وما بعد ذلك، عندما قَدِمت إلى أحد مخيمات اللجوء في الأردن، وما واجه الشابة من مشاكل نفسية في المخيم، وكيف تغلبت عليها.
قصص واقعية
وحسب مخرجة العمل، فقد قام فريق كتابة السيناريو خلال مراحل التحضير للفيلم ببحث ميداني موسع في أوساط اللاجئين المتواجدين في الأردن لسماع قصصهم وتسجيل الملاحظات حولها، ليختار أفراد الفريق منها قصتين حقيقيتين، قاموا بدمج جوانب المعاناة فيهما معاً لتكون قصة فيلم "يمنى"، الذي سترى النور قريباً، مع بداية عام 2018.
وفي حديث إلى موقع (إرفع صوتك)، تؤكد نجمة الدراما السورية أناهيد فيّاض إن تجربتها في هذا العمل على وجه التحديد لم تكن سهلة، لاسيّما وأنها اعتادت على تجسيد الواقع السوري ومشكلاته المجتمعية من خلال الأعمال الدرامية المختلفة التي شاركت فيها، إلّا أنها اضطرت هذه المرة "لنقل ما يرتبط بسورية الغالية على قلبي كثيراً بهذا الشكل"، في إشارة منها لتجسيد واقع الأزمة السورية في مرحلة لم تتوقع أن تعيشها.
تعبوا من الأخبار
فريق عمل الفيلم حرص على أن تكون رسالة العمل إنسانية وتتسع في تفاصيلها لتتصل بحالات لجوء أخرى يشهدها العالم المضطرب، ولا تقتصر على المشهد السوري وحده. هذا ما جعل بالممثلة التي عرفت على نحو واسع عبر مسلسل "باب الحارة" تشعر بالساعدة. فالشخصية التي تؤديها وعموم الفيلم لا "يتضمن أية رسائل سياسية، بل كان المحتوى إنسانياً بشكل بحت"، تقول فيّاض.
وتوضح نجمة الدراما السورية أن "يمنى" التي تقوم بتجسيد دورها في الفيلم هي شابة سورية في العشرينات من عمرها، لجأت إلى أحد مخيمات اللجوء في الأردن إثر تدهور الأوضاع في منطقتها، وكان ظرفها أكثر قسوة من غيرها، كونها باتت يتيمة بسبب الحرب، ما أدى لظهور مشكلة نفسية لديها.
خلال مشاهد الفيلم تتوضح تفاصيل حياة "لبنى" وعلاقتها بهذا المكان الذي لجأت إليه، وكيفية تفاعلها معه، في محاولة لإبراز الظروف الإنسانية التي تعيشها اليوم فئة كبيرة من اللاجئين.
وتبدو قضية إنتاج فيلم سينمائي عن قضية ساخنة ومتفاعلة بقوة كالشأن السوري، مثيرة لسؤال حول علاقة الفن بالحدث الواقعي، وكيف يمكن التعبير فنيا عن ذلك الحدث، وهنا توضح الممثلة أناهيد "الناس باتت تتفاعل مع الفن بأشكاله، أكثر من تفاعلها مع الحدث ذاته أحياناً، فقد تعبوا من نشرات الأخبار وباتوا يحاولون الهروب منها".
كما تشير فيّاض إلى مشاركة ممثلين سوريين في العمل، عاشوا تجربة الحرب واللجوء فعلياً، وتصف تجسيدهم لتجاربهم كأمرٍ حساس وموجع، خصوصاً عندما ينفذون "مشاهد تراها كل يوم في نشرات الأخبار، ولكن تحاول نقلها بشكل درامي فني، إذ يمكن ترجمة الوجع الحقيقي الذي قد لا تتضمنه الصورة الإخبارية السريعة".
تحت القصف!
وتستشهد مخرجة العمل ساندرا قعوار بطفلة تدعى شهد، تلعب دوراً رئيسياً في الفيلم، كونها مرت في حياتها بظروف مشابهة لفصول سيناريو الفيلم، فتوضح في حديث إلى موقعنا أن"الطفلة شهد كان ردها عندما طلبت منها كمخرجة أن تتظاهر وكأنها تمشي في منطقة ما تحت القصف، كان ذلك في مرحلة تجارب الأداء لاختيار الممثلين للعمل، وكان أداء الطفلة تجسيدا لما عاشته فعليا".
فرح كبير باتت تعيشه الطفلة اللاجئة شهد سليم (8 أعوام)، المقيمة في الجانب الشرقي من العاصمة الأردنية عمّان، بسبب مشاركتها كممثلة في العمل بدور "ريم"، وتقول "أنا سعيدة جداً، وأحببت كل التفاصيل في الفيلم".
وتؤكد الطفلة التي أقامت مع والدتها في مخيم الزعتري في بداية قدومها من القلمون الشرقي في سورية، إن الفيلم يشابه بشكل كبير المخيم الحقيقي والحياة فيه بتفاصيلها كافة، فقد فارق شقيقاها الحياة بسبب الحرب في وطنها "أتمنى أن أرجع إلى سورية.. لأقبل أخوتي".
"يُمنى"، عمل سينمائي واقعي، مبني على سيناريو كتبته رسمية عبده، وتلعب أدوار البطولة فيه كل من أناهيد فيّاض، وسهير فهد، وديانا رحمة ورفعت النجار، وهو من إنتاج قناة "رؤيا" التلفزيونية الأردنية وإشراف العراقي ميلاد موفق.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659