بقلم عبد العالي زينون:
لم تتأخر إيران طويلا في نجدة حليفها السوري الرئيس بشار الأسد. فمع اندلاع الاحتجاجات في البلاد سنة 2011، وضعت "الجمهورية الإسلامية الإيرانية “خبرتها في التعاطي مع المظاهرات في خدمة النظام السوري، وأمدته بالعتاد اللازم لتفكيك المتظاهرين، وبوسائل حديثة لمراقبة الإنترنت.
لكن تحول الأزمة السورية إلى حرب أهلية سنة 2012 أجبرها على التدخل عسكريا. ودعمت طهران الأسد بمستشارين عسكريين، ومقاتلين من الحرس الثوري (فيلق القدس)، ومتطوعين شيعة من العراق وأفغانستان وباكستان، دون الحديث عن حزب الله اللبناني.
3000 مقاتل
وصل عدد المقاتلين الإيرانيين في سورية إلى 3000 مقاتل في نهاية سنة 2015، حسب معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، بعدما كانوا أقل من 700 قبل ذلك.
لكن إيران عادت وسحبت الكثير منهم في فترة قصيرة. وحسب المعهد الأميركي، انحصر عددهم العام الماضي في قرابة 1500 مقاتل.
وتبرر إيران مشاركتها في الصراع السوري بالدفاع عن "العتبات المقدسة" ومحاربة تنظيم داعش.
وينضاف إلى هؤلاء مقاتلو تنظيم حزب الله اللبناني الذين تتراوح أعدادهم بين 4000 و5000 عنصر، إضافة إلى المقاتلين القادمين من أفغانستان وباكستان.
وحسب معهد واشنطن، خسر ائتلاف إيران في سورية حوالي 1530 مقاتلاً، خلال السنوات الخمس الأولى للحرب. شكل الإيرانيون حوالي 25 في المئة منهم (342 مقاتلا)، فيما يمثل قتلى حزب الله أكثر من نصف عدد الضحايا (878)، فيما قتل 255 أفغانيا و55 باكستانيا.
وتبدو الأرقام التي قدمها معهد واشنطن حول القتلى الإيرانيين (342) مقاربة لما نشرته صحيفة الواشنطن بوست الأميركية.
وقالت الصحيفة إن 349 إيرانيا قتلوا في سورية حتى تموز/يوليو 2017. أغلبهم من الحرس الثوري الإيراني بنسبة 81 بالمئة، ثم أفراد الجيش بنسبة 17 في المئة، ثم المتطوعين الإيرانيين ضمن قوات "الباسيج"، وهي ميليشيا دينية شبه عسكرية تابعة للحرس الثوري.
لكن معطيات أخرى، أعلنتها مؤسسة "الشهداء وقدامى المحاربين في إيران"، تكشف أرقاما أكبر لقتلى إيران في سورية.
وقالت هذه المؤسسة، في آذار مارس/الماضي، إن عدد القتلى في صفوف الميليشيات الإيرانية تجاوز حاجز 2100 في كل من العراق وسورية.
ولم تكشف المؤسسة الفترة التي قتل فيها هؤلاء، ولا عما إذا كانوا إيرانيين فقط أم من جنسيات أخرى يقاتلون في صفوف ميلشيات مدعومة من إيران.
مقبرة الجنرالات
تفرض طهران تعتيما إعلاميا عن خسائها البشرية والاقتصادية في سورية، لكن ما تنشره وسائل الإعلام يشير إلى أن سورية أًبحت بمثابة مقبرة للجنرالات الإيرانيين.
وكشفت إحصائيات نشرتها وكالة الأناضول التركية، العام الماضي، أن إيران فقدت 17 جنرالا حتى تشرين الثاني/نوفمبر 2016.
ومن المؤكد أن هذا الرقم تعرض للارتفاع. فقبل يومين فقط، قتل الجنرال في الحرس الثوري الإيراني خير الله صمدي في مدينة البوكمال السورية.
وشملت قائمة الجنرالات الذين فقدتهم إيران في سورية أسماء بارزة. منها الجنرال حيدري ذاكر الذي كان يعمل مستشارا عسكريا في سورية، لكنه قتل في معارك ضد المعارضة المسلحة في مدينة حلب في نهاية سنة 2016.
وقبله، في فبراير 2013، قتل الجنرال حسن الشاطري قرب مدينة الزبداني، وهو قائد "فيلق القدس" في لبنان. وتقرض عليه واشنطن عقوبات بسبب ارتباطه بحزب الله.
وفي أيار/مايو 2014، قتل الجنرال عبد الله اسكندري، في معارك ضد المعارضة السورية بمدينة حماة. وكان يشغل منصب رئيس مؤسسة “الشهيد” التابعة للحرس الثوري. وفي حماة أيضا، قتل القائد في قوات الباسيج الجنرال جبار دريساوي.
وفي يناير 2015، قتلت غارة إسرائيلية القيادي البارز في حزب الله اللبناني جهاد مغنية، ومعه اللواء الإيراني محمد علي دادي قائد فيلق الغدير وضباطا آخرين.
ولقي نائب قائد "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني، حسين همداني مصرعه في مدينة حلب، ليلحق به جنرالان آخران يعد أيام قليلة في مدينة حماة، هنا حاج حميد مختربند، وفرشاد حسني زاده.
علاوة على ذلك، قتل قادة ميدانيون ومستشارون عسكريون قدموا من خارج إيران. أبرزهم الجنرال الأفغاني علي رضا توسلي قائد لواء "فاطميون" الذي قتل بمدينة درعا.
ملايين الدولارات
خلفت الأوضاع في سورية أزمة اقتصادية حادة اضطرت حكومة الأسد إلى الاستنجاد بإيران لدفع رواتب جنودها.
وكشف تقرير لخدمة البحث التابعة للكونغرس الأميركي، سنة 2015، أن النظام الإيراني دفع ملايين الدولارات للجماعات الموالية له في سورية والعراق واليمن،حيث تدفع طهران ما بين 500 و1000 دولار شهريا للمقاتل الواحد.
وتشير تقديرات نشرتها وكالة بلومبيرغ أن حجم الإنفاق الإيراني في الساحة السورية يتراوح ما بين 20 و30 مليار دولار سنويا. يشمل هذا الإنفاق شراء الأسلحة وتمويل دفع رواتب المقاتلين.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659