آثار الدمار في مدينة الرقة السورية/وكالة الصحافة الفرنسية
آثار الدمار في مدينة الرقة السورية/وكالة الصحافة الفرنسية

في شارع الوادي وسط مدينة الرقة، شمال شرق سورية، عاد ناصر حميدي إلى بيته الذي غادره قبل أشهر.

"لم أعرف بيتي.. في الحي الذي عشت فيه 40 عاما، لم أستطع التمييز بين الشارع وبيتي". يقول ناصر.

واستعادت قوات سورية الديمقراطية مدينة الرقة من يد تنظيم داعش بعد أربعة أشهر من المعارك الضارية.

تقول الأمم المتحدة إن أربعة أخماس الرقة غير قابلة للسكن. وهو ما يؤكده مسؤول محلي في مجلس الرقة المدني، قائلا إن الدمار في مركز المدينة قارب حتى 90 في المئة.

"لم أعرف بيتي.. في الحي الذي عشت فيه 40 عاما، لم أستطع التمييز بين الشارع وبيتي". يقول ناصر

​​

وبعد شهرين من انتهاء المعارك، ما زال أغلب سكان الرقة في المخيمات وفي مدن  الطبقة وتل أبيض القريبة بسب الألغام والدمار الهائل.

"البنية التحتية شبه مدمرة، وتحتاج لجهود دولية للعودة للخدمة"، يقول الصحفي السوري كمال شيخو.

لجنة للإعمار

شكل مجلس الرقة المدني لجنة لإعادة الإعمار تتمتع بالاستقلالية في العمل والميزانية. لكن حجم الدمار أكبر بكثير من إمكانيات اللجنة التي تعاني مشاكل في التمويل.

البناء يتأخر لأن المنح تتأخر، يبرر رئيس اللجنة إبراهيم الحسن.

ويوضح أن أول دعم وصل للجنة جاء من وزارة الدفاع الأميركية، وهو عبارة عن 50 آلية للمساعدة في إزالة الأنقاض.

وتدعم وزارة الخارجية الأميركية لجنة إعمار الرقة ضمن مشروع "برنامج الفرات".

وحسب الحسن، تضع لجنة الإعمار إزالة الألغام على رأس قائمة أولوياتها، قبل أن تنتقل إلى رفع الأنقاض، وتأهيل شبكة المياه والصرف الصحي، ثم الكهرباء.

جثث في الشوارع

"أينما ذهبت تشتم رائحة الجثث، سواء من المدنيين أو من عناصر داعش. لم تستطع الفرق الطبية إجلاء أغلبهم بسبب الركام والألغام" يقول الصحافي كمال شيخو.

وشكلت لجنة إعادة الإعمار "فريق طوارئ" لانتشال الجثث من تحت الأنقاض وتسليمها للمجلس المدني.

ينتظر أن تفوق كلفة إعمار الرقة مليار دولار، حسب الحسن الذي يتوقع عودة سكان المدينة خلال ستة أشهر.

​​ويسلم المجلس الجثث لذويها. وإذا لم تكن معروفة، يوضع عليها رقم خاص وتدفن، وفق ما يوضح رئيس اللجنة.

وأمن مجلس الرقة المدني لحد الساعة أطراف المدينة. ورجعت نسبة كبيرة من سكان أحياء المشلب والجزرة والرميلة والأحياء الغربية والجنوبية.

وصلت نسبة الدمار في هذه الأحياء 30 في المئة فقط.

مليار دولار

رغم الدمار، عاد عدد من الأهالي إلى مركز المدينة. رمموا بيوتهم على نفقتهم الخاصة، وافتتح بعضهم محلات لبيع الخضر واللحوم.

في المقابل، تنتظر البقية تعويضات للبدء في الترميم. ويقول رئيس لجنة الإعمار إن اللجنة تعول كثيرا على الأمم المتحدة. لكن هذه الأخيرة لم تتخذ أية خطوة بعد.

وينتظر أن تفوق كلفة إعمار الرقة مليار دولار، حسب الحسن الذي يتوقع عودة سكان المدينة خلال ستة أشهر. وهي المدة الضرورية لإزالة الألغام.

لكنه يقول إن الكثير لن يجدوا بيوتا تأويهم. "من سيعود يجب أن يكون قادرا على تحمل نفقة إعمار بيته بيده".

بعد رؤيته لبيته المهدم، عاد ناصر إلى مدينة الطبقة للعيش هناك مثل أغلب أهالي الرقة.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 001202277365

 

 

 

 

مواضيع ذات صلة:

كنيسة الشهداء في مدينة الرقة قبل أن يسيطر عليها داعش/ وكالة الصحافة الفرنسية
كنيسة الشهداء في مدينة الرقة قبل أن يسيطر عليها داعش/ وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم أحمد المحمود:

تعود ملامح الحياة تدريجيا إلى مدينة الرقة بعد طرد داعش منها قبل حوالي شهرين.

وسلمت قوات سورية الديمقراطية "مجلس الرقة المدني" أحياء المشلب والجزرة والطيار في أطراف الرقة، بعد تنظيفها من الألغام.

لكن العودة إلى الأحياء الداخلية ما تزال خجولة بسبب تعاقب الانفجارات. وحدهم من سلمت بيوتهم من الدمار، غامروا بالعودة إلى وسط المدينة. واقتصر الآخرون على زيارات خاطفة لتفقد منازلهم صباحا والعودة للأطراف مساء.

وقدّرت الأمم المتحدة أن 80 في المئة من مساحة المدينة الواقعة في شمال شرقي سورية لم تعد قابلة للسكن.

تقول الأمم المتحدة إن 80 في المئة من الرقة غير قابلة للسكن/وكالة الصحافة الفرنسية

​​

لم تقرع أجراس كنائس الرقة منذ أكثر من أربع سنوات، بعد أن غادرها معظم المسيحيين عقب سيطرة داعش عليها في مستهل سنة 2014.

ونزح أغلب المسيحيين إلى مدينتي تل أبيض والطبقة القريبتين، بينما رحل بعضهم إلى مناطق سيطرة النظام السوري في حلب وحمص ودمشق.

حلم العودة ما يزال مؤجلا لدى الكثير من هؤلاء. على الأقل في الوقت الراهن.

الحلم المؤجل

يقول فادي. ز، وهو مسيحي من مدينة الرقة نزح إلى مدينة حمص، "استقرت أوضاعنا هنا، تعودنا على العيش في حمص. لا يمكننا الذهاب إلى منطقة غير مستقرة ومليئة بالألغام".

ويتابع، في اتصال هاتفي مع موقع (ارفع صوتك)، "من الممكن في قادم الأيام أن يذهب أحدنا وليس جميع أفراد العائلة لتفقد أملاكنا وبيوتنا. لكن الاستقرار من جديد في الرقة يحتاج إلى سنوات".

يقدر عدد المسيحيين في محافظة الرقة بـ4000 نسمة.

جيمي شاهنيان، 31 عاما، شاب مسيحي من مدينة الرقة ولاجئ في ألمانيا، لا يخفي شوقه للعودة إلى مدينته في أقرب فرصة. "إنها بلدي والمكان الذي أحبه. هنا كبرت وتعلمت"، يقول جيمي.

عاش الشاب الأرمني طوال حياته في الرقة في بيت يطل على ساحة النعيم وسط المدينة.

في هذه الساحة، كان يشغل الأغاني عبر مكبرات الصوت للمتظاهرين احتفالا بتحرير الرقة، أول مدينة تخرج عن قبضة النظام السوري في آذار/مارس 2013.

سيطر داعش على مدينة الرقة بحلول شباط/فبراير 2014/ وكالة الصحافة الفرنسية

​​

​​بعد استيلاء داعش على الرقة حول ساحة النعيم إلى ميدان إعدام، فأطلق عليها سكان المدينة "ساحة الجحيم".

يستبعد جيمي عودة المسحيين إلى مدينتهم قريبا. يقول "الرقة مليئة بالألغام. وحتى المناطق التي أزيلت منها الألغام لا يسكنها مسيحيون".

يقطن أغلب المسيحيين وسط المدينة، وهي المنطقة التي لم يتم تنظيفها بعد. "معظم بيوت المسيحيين سيطر عليها داعش وسكنها عناصره، لهذا هي مهدمة بفعل قصف الطيران أيضا"، يتابع جيمي.

قبل فراره إلى ألمانيا، شارك جيمي في تظاهرات أمام مقرات داعش احتجاجات على تجاوزات التنظيم، ومن بينها استيلاؤه على كنائس المدينة.

لاحق داعش المشاركين في الاحتجاجات وقتل عددا من النشطاء المدنيين، فغادر جيمي لمدينة أورفا التركية، قبل ان ينتهي به المطاف في ألمانيا لاجئا.  

لا يخشى الشاب الثلاثيني اليوم بقايا فكر داعش في المدينة. "لا أعتقد أنه مازال هناك من يحمل فكر داعش في الرقة.. داعش ألحق الضرر بالمسلمين أكثر من المسيحيين. أعتقد أنهم بعيدون جدا عن أفكار داعش".

ما يخشاه جيمي هي الألغام التي قتلت ابن عمه، وهو مسلم، قبل أسبوع من الآن أثناء تفقده لمنزله في الرقة.

​​

​​

من يعمر الجوامع يعمر الكنائس!

بسط تنظيم داعش يده على كنائس الرقة بالقوة. وحول "كنيسة الشهداء" للأرمن الكاثوليك إلى "مركز دعوي". دمر مقاتلوه جميع محتوياتها ورفعوا علم داعش بعد أن أزالوا الصليب من أعلى الكنيسة.

وينقسم مسيحيو الرقة إلى ثلاث طوائف: الروم الكاثوليك ولهم كنيسة سيدة البشارة (دمرها قصف قوات التحالف)، والأرمن الكاثوليك ولهم كنيسة الشهداء، والأرمن الأرثوذكس ولهم كنيسة في داخل مدرسة الحرية.

بعد سيطرته على الرقة، أزال تنظيم داعش الصليب من أعلى كنيسة الشهداء (الأرمن الكاثوليك) ورفع علمه فوقها/ وكالة الصحافة الفرنسية.

​​جيمي واثق من إعادة إعمار كنائس الرقة. "من سيعيد إعمار الجوامع، سيتولى إعمار الكنائس. لا توجد لجنة تتبنى الكنائس منفردة ولجنة للجوامع فقط. اللجنة موحدة للجميع".

رغم ذلك، يرى جيمي أن "موضوع دور العبادة مازال باكرا". الأولوية للبنية التحتية الآن.

يوافق رئيس لجنة الإعمار في مجلس الرقة المدني إبراهيم الحسين هذا الرأي. ويقول في اتصال هاتفي مع (ارفع صوتك) "نعمل حاليا على إعادة إعمار البنية التحتية فقط. لم نتطرق لإعادة إعمار الكنائس. يمكن في وقت لاحق طرح هذا المشروع، لكن أولويتنا الحالية هي للبنى التحتية".

ويقدر الحسين نسبة الدمار في الأحياء الواقعة في أطراف الرقة بـ30 في المئة. لكن نسبة الدمار وسط المدينة تصل إلى 90 في المئة.

ويؤكد لجنة إعادة الإعمار "إعادة إعمار الكنائس والجوامع تتطلب دعما أمميا. والأمم المتحدة لم تتواصل معنا إلى الآن بشكل جاد بخصوص إعادة الإعمار".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 001202277365