مقاتلون من المعارضة السورية في أعزاز/وكالة الصحافة الفرنسية
مقاتلون من المعارضة السورية في أعزاز/وكالة الصحافة الفرنسية

تمكّن النظام السوري من فرض سيطرته على مطار أبو الظهور العسكري، السبت الفائت، فيما حشدت المعارضة قواتها لمشاركة الجيش التركي في عملية عفرين.

وسيطر النظام على عشرات القرى القريبة من مطار أبو الظهور دون أن تظهر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) مقاومة شرسة. وحفلت مواقع التواصل الاجتماعي بأسئلة عن اتفاقات مفترضة غير معلنة مفادها: "المطار مقابل عفرين".

وفي خضم المعارك المشتعلة في المنطقة، صرح التلفزيون الرسمي التابع للنظام بأن "النظام يواصل هجومه لبسط السيطرة على محيط مطار أبو الظهور".

ورافقت المعارك الدائرة بين النظام من جهة وهيئة تحرير الشام من جهة أخرى، شنّ الطرف الأول غارات جوية وقصفا مدفعيا مكثفا على القرى الخاضعة للهيئة.

مطار عسكري

يعتبر مطار أبو الظهور العسكري من النقاط العسكرية الاستراتيجية للنظام، إذ سعى في آخر 30 يوماً للوصول إلى المطار، وما ساعده في ذلك انشغال هيئة تحرير الشام بصد هجمات تنظيم داعش في ريف إدلب الجنوبي.

وسيطرت قوات النظام على 322 قرية وبلدة كانت بيد هيئة تحرير الشام خلال 30 يوماً من المعارك لتصل إلى مطار أبو الظهور وتبسط سيطرتها عليه، بعد أن خسرته في أيلول/سبتمبر 2015.

استخدم النظام في المعارك التي خاضها ضد هيئة تحرير الشام مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وشهدت المنطقة قصفاً بالصواريخ من نوع أرض – أرض والقذائف والبراميل المتفجرة والغارات الجوية، الأمر الذي أدى إلى مقتل 126 مدنياً بينهم 40 طفلاً خلال شهر من المعارك، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وتسبّبت المعارك التي اشتعلت بريفي حلب وإدلب بنزوح 170 ألف مدني من القرى والبلدات الواقعة قرب مناطق أبو الظهور وسنجار وسراقب وريف معرة النعمان.

أهمية عسكرية

ويحاول النظام أن يستعيد المطارات التي فقد السيطرة عليها لتكون نقاطاً عسكرية تنطلق منها عملياته الميدانية، وكان آخر مطار سيطر عليه قبل مطار أبو الظهور العسكري، هو مطار الجراح الواقع في ريف حلب الشرقي بعد أن انسحب منه آنذاك تنظيم داعش دون مقاومة.

مطار أبو الظهور العسكري، كان من أهم المطارات العسكرية التي يستخدمها النظام لشن غاراته الجوية بشكل يومي، فهو ثاني أكبر قاعدة بعد مطار تفتناز العسكري.

وتبلغ مساحة المطار 16 كيلومترا مربعا في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، ورغم أن المعارضة تمكنت من فرض الحصار على المطار في 2012 إلا أنها لم تتمكن من السيطرة عليه إلا بحلول 2015 بعد عدة عمليات عسكرية.

لموقع المطار أهمية استراتيجية فهو يتخذ مكاناً متوسطاً بين كل من إدلب وحماة وحلب، فيما يقترب المطار من بلدتي كفريا والفوعا المحاصرتين من قبل المعارضة بريف إدلب، الأمر الذي قد يؤدي إلى محاولة النظام فك الحصار مستقبلاً عن البلدتين باستخدام المطار.

يقول الصحافي يمان الخطيب من حلب، المطلع على مجريات المعارك في ريف حلب الجنوبي، إن منطقة ريف حلب الجنوبي تتمتع بموقع مهم بالنسبة لكلا الطرفين، فالمعارضة تعتبرها منطلقا لعملياتها العسكرية مستقبلاً باتجاه خناصر وريف حماة الشرقي، حيث يهدد جبل الحص المرتفع طريق إمداد النظام، لكن تقدمه الأخير في المنطقة من شأنه أن يضيق الخناق على إدلب.

بين عفرين وأبو الظهور

مع بدء العملية العسكرية التي شنتها تركيا بالتعاون مع المعارضة السورية على مدينة عفرين الحدودية، اعتبر متابعون أن هناك ارتباطا خفيا بين المعركتين "عملية عفرين" و"مطار أبو الظهور العسكري"، فيما يقول آخرون إن ما يحصل مجرد تنفيذ لاتفاقات أستانة.

الخطيب يعلق على ذلك قائلاً "لا شك أن هناك اتفاقا أبرم بين تركيا وروسيا حول تقاسم مناطق النفوذ في شمال سورية، لكن أعتقد أن النظام تقدم وسيطر على مناطق أكثر من المتفق عليها، لذلك بدأنا نرى عمليات عسكرية غرب سكة الحجاز ومطار أبو الظهور العسكري".

ويتابع حديثه "تقدم النظام الأخير لا شك أنه يهدد المعقل الأخير للمعارضة شمالاً بإدلب، لكن إذا ما التزمت روسيا بالاتفاق مع تركيا وانسحب النظام إلى شرقي سكة الحجاز فكل التقدم من وجهة نظري لا معنى له ولا يؤثر كثيراً على سير المعارك خاصة أن مقابل تلك الرقعة التي سيطر عليها النظام جنوبي حلب، حصلت المعارضة على ضوء أخضر للسيطرة على عفرين ومنبج وطرد وحدات الحماية الكردية منهما".

وعن موقف المعارضة من المعارك الدائرة في شمال سورية، يجيب الخطيب "المشكلة الأساسية أن المجتمع الدولي تخلى عن الثورة السورية بشقيها السياسي والعسكري باستثناء تركيا، وهذا ما أوقع المعارضة بين خيارين أحلاهما مر، فإما الدخول في معركة غير متكافئة ضد روسيا أو القبول بالاتفاقيات الدولية الخاصة بسورية".

من جانبه، يرى الإعلامي الميداني تامر عصمان أنه لا يوجد ربط بين معركة عفرين ومعركة النظام بريفي إدلب وحلب. ويقول "هناك أمور تم الحديث عنها مسبقاً، وما يحدث مجرد تنفيذ لاتفاقات أستانة من خلال سيطرة النظام على منطقة شرقي سكة الحديد بريف إدلب، لكن معركة عفرين أعتقد أنها بعيدة كلياً عن ملف أستانة".

ويرى العصمان أن النظام يسعى من خلال المعارك للوصول إلى بلدتي كفريا والفوعة المحاصرتين، "ومن المحتمل تكرار سيناريو حلب، طبعاً إن نجحت خطة النظام وسيطر على منطقة أبو الظهور بشكل كامل، وهذا الأمر لن يحصل بتلك السهولة".

وانتشرت قوات النظام في عشرات النقاط في ريف حلب الجنوبي، في محاولة لتمكين تواجدها العسكري بالمنطقة، فيما تعتمد بشكل رئيسي على نقاط تمركز تابعة لها في ريف حلب الجنوبي، حيث تبعد عن المطار نحو 17 كيلومتراً.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".