هدوء يلف المكان.
لحظات ويهز انفجار المنطقة.
يخرج المسعفون ويتجمع الأهالي حول المكان الذي قصف قبل دقائق. تعطى الإسعافات للجرحى وتنتشل جثث الضحايا ويعود الهدوء بسرعة إلى شوارع مدينة داريا بريف دمشق.
ويبدأ الأهالي محاولة "نسيان ما حصل" والمضي بحياتهم.
أبو مالك الشامي كان يسكن دمشق.. هو مقاتل سابق في صفوف المعارضة. قبل سنة من الآن كان الشامي يمسك سلاحا ويشترك بصد هجمات قوات النظام.
لكن فترة الهدوء التي تمر بها المدينة شجعته على ممارسة هواية أخرى، يمسك فيها فرشاة ألوان بدلا من السلاح.
رسم على الجدران المدمرة
يقول أبو مالك "في منتصف عام 2014، رسمت أول جدارية. في البداية كنت أخفي نفسي أثناء الرسم ولا أختار إلا الجدران المدمرة التي لا تظهر على المارة، وحينما أعجب الناس بذلك، بدأت أرسم في العلن".
في رصيد أبي مالك 30 رسمة جدارية كل منها يحمل فكرة مختلفة.
مثل أبو مالك ظهر العديد من الشباب الذين يحملون معهم ريشة وطلاء وبدأوا بالرسم على الجدران محاولين أن يظهروا للناس فكرة معينة تتعلق بحدث ما حصل خلال الثورة السورية.
يقول الصحافي عدنان الحسين إن "الأعمال الفنية ضمن الثورة السورية توضح أن ما يحصل في سورية ليس قتالا بين نظام ومعارضة فقط".
لكن هذا كان في السابق، ففي العامين الماضيين تناقصت الأعمال الفنية في مختلف المناطق السورية، ويعزو الحسين الأمر إلى "الانكسارات العسكرية" التي لحقت بالمعارضة.
لكن نقص الأعمال الفنية في الحقيقة قد يكون له سبب آخر.
نقص "التفاعل"
يقول مجاهد أبو الجود، وهو مصور سوري “كانت القذيفة التي تسقط على حي سكني في حلب وتدمر شرفة منزل ما، تعتبر دمارا مهولا، لكن بعد أن أصبح القصف يوميا وتكررت مشاهد الدمار، أصبح المشاهد معتاداً على ذلك".
وبحسب أبو الجود الذي فاز فيلمه "اخر الرجال في حلب" بجائزة مهرجان ساندانس الأميركي فإن "المشاهد قد يرغب بمشاهدة أسوأ الحالات".
ويعتقد المصور مهد الجولاني، إن "الأمر الذي أدى إلى اعتبار مشاهد الدمار اعتيادية للمشاهد، هو كثرة تكريسها ضمن الأعمال الفنية".
ويقول الجولاني إن "الجمهور بات لا يتأثر بها كما السابق، والأمر نفسه ينطبق على المشاهد التي تغطي قصصاً لضحايا سوريين، فتكرار المشاهد بشكل يومي قلل من تأثيرها".
لكن تكرار القصف، للأسف، لايجعله أقل تأثيرا على الضحايا أبدا. كما تقول أم سورية فقدت زوجها بالقصف، وأحد أبناءها بقصف آخر.