قصف قوات النظام على الغوطة الشرقية
قصف قوات النظام على الغوطة الشرقية

المصدر: موقع الحرة 

 

شلل تام في الغوطة الشرقية وغموض يلف مصيرها في ظل الاستهداف المتواصل والقصف المكثف الذي تتعرض له المنطقة التي يحاصرها النظام السوري منذ خمس سنوات.

يقول مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لموقع "الحرة" إن 207 أشخاص على الأقل قتلوا في قصف للنظام السوري على الغوطة، على مدار الأيام الأربعة الماضية.

ويرجح ارتفاع العدد في ظل عجز الفرق الطبية و استمرار الهجمات على المنطقة التي يقطنها نحو 400 ألف شخص.

وقد انطلقت الهجمات الأخيرة على الغوطة من مطارات يسيطر عليها النظام.

وخلفت تلك الهجمات مآسي إنسانية "يندى لها الجبين". من بينها انتشال "شاب لجثة والدته من تحت الأنقاض" إضافة الى خسائر مادية بالغة في البنى التحتية، كما يقول مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن.  

 

أوضاع إنسانية سيئة

بعد أن كانت الغوطة الشرقية منطقة زراعية مهمة، باتت تعاني أزمة إنسانية خطيرة.

ويقول عبد الرحمن إن تسعين في المئة من سكان المنطقة يعيشون في "ظروف إنسانية مزرية للغاية" وغير قادرين على توفير أبسط متطلبات الحياة في ظل انعدام الخدمات الأساسية والارتفاع الخيالي في أسعار السلع الأساسية المهربة من المناطق التي يسيطر عليها النظام.

وتحدث مسؤول المساعدات الإنسانية في الأمم المتحدة ستيفن أوبراين عن "تكتيك الوحشية المتعمد" في سياسة الحصار التي ينفذها النظام لإرغام المقاتلين على الاستسلام والمدنيين على الرضوخ أو الفرار.

فيما استنكرت الأمم المتحدة "حرمان المدنيين المتعمد من الغذاء" واستخدامه كوسيلة حرب، وذلك بعد نشر صور "صادمة" لأطفال هزيلين في الغوطة الشرقية.

ونددت منظمة يونيسيف بـ"أسوأ أزمة غذائية" في الغوطة الشرقية منذ بدء النزاع في سورية في 2011،

وأضافت في إحصائية أن 11,9% من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد، ولا يزال نحو 400 ألف شخص يعيشون تحت الحصار حيث يعانون نقصا في الأغذية والأدوية، ونصف هؤلاء من الأطفال، بحسب يونيسيف.

ويعزو مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان الاستهداف قوات النظام المتكرر للغوطة الشرقية، إلى كونها المعقل الأخير للفصائل المعارضة والأكثر تهديدا للعاصمة دمشق.  مذكرا بأنها كانت منطلقا لـ "معركة دمشق" التي شنها مقاتلو الجيش الحر في عام 2012

 

أسلحة كيميائية

ولم يقتصر قصف الغوطة على الهجمات التقليدية، بل تجاوز ذلك إلى حد استخدام الأسلحة الكيميائية.

ففي 21 آب/أغسطس عام 2013، قتل، بحسب رامي عبد الرحمن  أكثر من 50 مدنيا بينهم عدد كبير من الأطفال في هجوم بغاز السارين على الغوطة الشرقية ومعضمية الشام قرب دمشق. ووجهت الدول الغربية والمعارضة أصابع الاتهام للنظام الذي سارع إلى النفي.

وفي منتصف أيلول/سبتمبر، أفضى توقيع اتفاق أميركي روسي في جنيف إلى تفكيك الترسانة الكيميائية السورية، من دون توجيه ضربات أميركية على سورية بغية "معاقبة" النظام.

غير أن كل ذلك لم يحل دون وقوع هجمات أخرى، ففي 22 كانون الثاني/يناير 2018 تحدثت الأمم المتحدة عن استخدام غاز الكلور في الغوطة الشرقية خلال النزاع.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان إن ذلك تسبب في وقوع 40 حالة اختناق.

 

مناطق "كذب" التوتر

بدأ في الغوطة الشرقية في تموز/يوليو الماضي تنفيذ اتفاق موقع بين روسيا وإيران وتركيا، ينص على وقف الأعمال القتالية بما فيها الغارات الجوية، بالإضافة إلى نشر قوات من الدول الضامنة لمراقبة تطبيقه.

لكن رامي عبد الرحمن يقلل من أهمية ذلك الاتفاق ويسميه "مناطق كذب التوتر".

فالغوطة الشرقية تتعرض لعمليات قصف شبه يومية من النظام أدت إلى دمار المباني وجعلت شوارع بكاملها غير صالحة للسكن.

فيما يرد المقاتلون بقصف مدفعي بين الحين والآخر على دمشق.

ويرى عبد الرحمن أن روسيا استفادت من هذا الاتفاق من أجل "توسيع سيطرة النظام على الأراضي من 17 في المئة في أيار/ مايو 2017 إلى 57 في المئة في كانون الثاني/ ديسمبر من العام نفسه".

ولم يستبعد عبد الرحمن انهيار الجهود السلمية برمتها لحل الأزمة السورية، في ظل ما سماه "إحكام الروس قبضتهم على القرار السوري".

 ويقول إن كل المناطق الواقعة على الضفة الغربية من نهر الفرات، من "جرابلس إلى البوكمال أصبحت تحت الهيمنة الروسية".

ويناشد عبد الرحمن مجددا المجتمع الدولي "التحلي بالمسؤولية والتحرك الجاد لإنقاذ المدنيين في سورية".

 

 

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".