ظلت دير الزور في قبضة داعش لثلاث سنوات قبل أن تتحرر نهاية سنة 2017/برنامج الأغذية العالمي
ظلت دير الزور في قبضة داعش لثلاث سنوات قبل أن تتحرر نهاية سنة 2017/برنامج الأغذية العالمي

مدينة دير الزور الشهيرة بمحاصيلها في شرق سورية تعيش أزمة غذائية.

مروة عوض المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي في سورية زارت المدينة منتصف الشهر الحالي، مع فريق أممي.

"وجدنا أن سكان المدينة، الذين يقدر عددهم بحوالي 100 ألف شخص، يسكنون في ثلاثة شوارع فقط وهي القصور والجورة والبلدية. 85 في المئة من المدينة دمر بشكل هائل".

دخلت مروة دير الزور خلال زيارة استطلاعية، هي الأولى من نوعها، لبرنامج الأغذية العالمي منذ تحرير المدينة من قبضة تنظيم داعش في تشرين الثاني/نوفمبرالماضي.

دخلت مروة عوض دير الزور ضمن زيارة استطلاعية لبرنامج الأغذية العالمي للمدينة

​​

​​

شارع الغذاء الوحيد

تخضع دير الزور حاليا للقوات الحكومية. وما يزال عناصر من داعش يتحصنون في جيوب محدودة.

تقول مروة إن المواد الغذائية متركزة في شارع واحد اسمه شارع الوادي. يمتد على مسافة كيلومتر ونصف.

على جنبات الشارع، تصطف محالات البقالة واللحوم ومتاجر الملابس، ومتجر لبيع زجاجات مياه الشرب المعدنية بالجملة.

يشتري السكان المواد الغذائية وغير الغذائية من شارع وحيد ويدعى شارع الوادي

​​

​​"قالت لنا أسر إن الأسعار الآن أقل مما كانت عليه أثناء الحصار"، تقول مروة. سعر كيلو الأرز كان يباع بـ 7000 ليرة سورية، أي ما يعادل 14 دولارا أميركيا، وأصبح الآن بـ300 ليرة، أي أنه انخفض بأكثر من 23 ضعفا. لكنه مع ذلك ما يزال مرتفعا.

"المشكلة لا تكمن في إيصال المواد إلى الأسواق. الطرق باتت مؤمنة أمام التجار. المشكلة في القدرة الشرائية"، تؤكد مروة.

كثير من سكان المدينة عاطلون. ويعمل بعضهم في جمع الخردة وبيعها من أجل أربعة دولارات في اليوم.

من قلب المدينة

الخدمات في دير الزور شبه معدومة. شبكة الصرف الصحي لا تعمل أبدا والكهرباء خارج الخدمة. يعتمد السكان على المولدات التي تعمل لمدة خمس ساعات يوميا. لكن لا توقيت محددا لها.  

شتاء دير الزور قاس، والتدفئة صعبة المنال. المياه كذلك. "قالت لنا أسر إن المياه تصل إلى البيوت يوما وتنقطع في اليوم التالي. منهم من قال أيضا إنها ملوثة".

تعرضت البنية التحتية في دير الزور لدمار كبير بسبب الحرب. لا إسمنت في الشوارع. مع هطول الأمطار، تصبح الحركة صعبة.

ووقعت مدينة دير الزور تحت سيطرة فصائل المعارضة في 2012، قبل أن تسقط في يد داعش في 2014.

تقول مروة إن برنامج الأغذية العالمي كان يسقط، خلال وجود داعش بالمدينة، المساعدات الغذائية لسكان دير الزور من على ارتفاع سبعة آلاف قدم.

طريق الإعمار الطويلة

تحتاج دير الزور إلى مبالغ كبيرة لإعادة إعمارها.

"يوجد بعض التفاؤل بين السكان. قال البعض إنهم صمدوا في مدينتهم أثناء الحصار وهم واثقون أن الأمور ستتحسن"، تقول مروة.

وتضيف " لكن الكثير من الناس لا تجد عملا. وتنادي برفع الأنقاض. قال لنا أحد الشبان إنه على استعداد للتبرع بوقته للمساعدة في إزالة الأنقاض وإعادة الإعمار".

الأطفال أكثر الفئات تضرراً جراء الحرب. . يعاودون الذهاب إلى المدرسة مع أتهم يفتقرون للوازم المدرسية

حسب مروة، نقلا عن عدد من سكان دير الزور، عادت ثلاث مدارس للعمل.

وتقول مروة إن برنامج الأغذية العالمي سيضع خطة لتوصيل المساعدات للمدينة بشكل شهري، قبل أن تتوسع لتشمل مناطق أخرى تابعة للمحافظة كالميادين والبوكمال.

الصور: جميعها تنشر بإذن خاص من برنامج الأغذية العالمي في سورية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".