يعيش في أميركا حوالي 18 ألف لاجئ سوري من 2011 إلى 2016/Shutterstock
يعيش في أميركا حوالي 18 ألف لاجئ سوري من 2011 إلى 2016/Shutterstock

عندما لا تكون هناك سفارة لبلدك في دولة أنت تقيم فيها، ممن ستطلب المساعدة؟

يواجه السوريون في الولايات المتحدة الأميركية هذا الموقف منذ أربع سنوات.

في آذار/مارس 2014، أغلقت واشنطن السفارة السورية وقنصليتيها الفخريتين في كل من ولايتي تكساس وميشغان. وطلبت من الدبلوماسيين السوريين الذين لا يحملون جنسية أميركية مغادرة البلاد.

كان السبب آنذاك رفض الرئيس السوري بشار الأسد التنحي عن السلطة، بعد التظاهرات الشعبية التي اندلعت ضده بدءا من سنة 2011.

في آذار/مارس 2014، أغلقت أميركا السفارة السورية

​​

البحث عن السفارة

استقبلت الولايات المتحدة بين 2011 و2016 أكثر من 18 ألف لاجئ سوري، حسب بيانات معهد سياسات الهجرة.

وفي غياب سفارة سورية في أميركا، يضطر هؤلاء السوريون إلى البحث عن بدائل من أجل استصدار أوراق رسمية أو تمديد جوازات سفرهم.

أغلبهم يلجأ إلى الدول المجاورة، وعلى رأسها كندا.

وأغلقت كندا هي الأخرى السفارة السورية، لكنها أبقت على القنصليتين الفخريتين في مونتريال وفانكوفر، لأن مهمتهما إدارية وليست دبلوماسية.

من كندا أو كوبا

طوال السنوات الماضية، كانت كندا هي الخيار الأول للسوريين المقيمين في أميركا. 

وتمنح قنصليتا سورية في مونتريال وفانكوفر تمديدا لجوازات السفر، يتراوح بين عام وعامين وبكلفة 400 دولار أميركي.

لاحقا، سمحت الحكومة السورية لمواطنيها الموجودين في أميركا باللجوء إلى هيئاتها الدبلوماسية في البرازيل وكوبا.

تقول منار سمعان "يئست من صعوبة التواصل مع القنصلية في كندا، فقمت مرة بإرسال جواز سفري إلى القنصلية في كوبا مع صديق".

لم تقبل القنصلية السورية في هافانا إصدار جواز  لمنار. تقول الشابة السورية التي تعيش في أميركا تحت "نظام الحماية المؤقتة" "اشترطوا أن يكون الشخص المرسَل أحد أقربائي من الدرجة الأولى".

لاحقا، أرسلت منار جوازها إلى عائلتها في سورية ليتم تجديده بكلفة 300 دولار أميركي ولمدة ست سنوات.

"ليس من السهل إيجاد أحد ذاهب من أميركا إلى سورية"، تقول منار.

وتوضح الشابة السورية أنه يمكن إرسال جواز السفر بالبريد السريع إلى لبنان، كأقرب دولة إلى سورية جغرافياً، ليتولى الأصدقاء أو الأقرباء إيصاله إلى سورية، لكن هذا الإجراء محفوف بالمخاطر، إذ يمكن أن يحجز الأمن اللبناني الجواز.

وثيقة سفر 

وضعت الولايات المتحدة العام الماضي قيودا على منح تأشيرات الدخول لرعايا عدة دول إلى أميركا، بينها سورية.

أثر القرار أيضا على الكثير من السوريين الموجودين في أميركا، الذين يتخوفون من عدم السماح لهم بالعودة إلى أميركا في حالة السفر إلى دولة أخرى.

تمكن "وثيقة السفر" من الخروج والدخول إلى أميركا بحرية

​​يقول أحمد، وهو لاجئ سوري في أميركا منذ أربع سنوات، إنه لجأ إلى استصدار "وثيقة سفر" للاجئين وهي أشبه بجواز سفر مؤقت تمنحه الحكومة الأميركية للاجئين أو الذين حصلوا على الإقامة الدائمة بناء على وضعيتهم كلاجئين.

يمكن بهذه الوثيقة الخروج والدخول إلى أميركا بحرية.

​​يقول أحمد: "هذا حل سهل وأبسط من استصدار الأوراق من سفارة لم تعد موجودة في العاصمة الأميركية".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".