قبل أشهر، كان داعش يسيطر على 35 كيلومترا مربعا شرق الفرات. اليوم، يتحصن مقاتلوه في 4 كيلومترات مربعة.
قبل أشهر، كان داعش يسيطر على 35 كيلومترا مربعا شرق الفرات. اليوم، يتحصن مقاتلوه في 4 كيلومترات مربعة. | Source: Courtesy Image

يلفظ تنظيم داعش أنفاسه الأخيرة شرق نهر الفرات في سوريا.

ولم يعد التنظيم يسيطر سوى على بضع مئات من الأمتار المربعة، عقب المعارك المحتدمة التي جرت خلال الأيام القليلة الماضية.

وقبل أشهر، كان التنظيم المتطرف يسيطر على حوالي 35 كيلومترا مربعا شرق نهر الفرات، إلا أن نفوذه انحسر الآن إلى أقل من أربعة كيلومترات مربعة.

وبدأت قوات سوريا الديمقراطية، بدعم من التحالف الدولي، معركتها الحالية ضد داعش في 10 من أيلول/سبتمبر الماضي.

هل انتهى التنظيم؟

ليلوى العبد الله الناطقة الرسمية باسم مجلس دير الزور العسكري التابع لقوات سورية الديمقراطية صرحت يوم الأحد أن "النصر على أعتى تنظيم إرهابي بات وشيكا".

وأضافت العبد الله أن مجلس دير الزور يعتقل العديد من قادة داعش، وأن بقعة صغيرة "لا تتجاوز مساحتها أربعة كيلومترات مربعة في أطراف منطقة البوغاز في ريف دير الزور لا تزال في يد التنظيم"،

ورجحت الناطقة الرسمية وجود زعيم داعش أبي بكر البغدادي فيها.

وبدوره، أدلى قائد عمليات قوات سوريا الديمقراطية في منطقة هجين هفال روني بتصريحات مشابهة لوكالة الصحافة الفرنسية.

وقال روني إن أربعة كيلومترات فقط بقيت تحت سيطرة داعش، مشيرا إلى أن قواته تنتظر إتمام التحضيرات اللازمة للتقدم في هذه النقطة.

من جهته، قال وزير الدفاع الأميركي بالوكالة باتريك شاناهان، مطلع الشهر الحالي، إن نحو 99.5 في المئة من المناطق التي كان تنظيم داعش يسيطر عليها تم طرده منها.

وأضاف: خلال نحو أسبوعين ستكون المناطق 100% خالية من التنظيم.

ونقلت شبكة CNN الأميركية أيضا عن المتحدث باسم وزارة الدفاع شون روبرتسون قوله إن هناك أكثر من 800 مقاتل ينتمون إلى أكثر من 40 بلدا معتقلون حاليا لدى قوات سوريا الديمقراطية.

لكن المشهد مع ذلك يحمل جانبا آخرا.

يؤكد صهيب علي، وهو صحافي سوري يقيم في تركيا، أن التنظيم ما يزال يسيطر على مناطق واسعة على الجانب الآخر من الفرات.

 "(...) خاصة منطقة معيزيلة ومنطقة سد الـ55 المحاذية للنهر من الاتجاه الغربي"، يقول علي.

ويتابع في حديثه لارفع صوتك "يوجد فيها عدد كبير من القيادات، كما تسرب إليها عدد كبير من المقاتلين خلال الأشهر الماضية. وهناك تأكيدات على وجود البغدادي في هذه المناطق".

وإضافة إلى هذه المناطق، ينتشر مقاتلون لداعش في البادية السورية.

"لم يقوموا بأي معارك خلال العام الماضي. وهذا يعني ضعفهم واستسلامهم.. انتهاء أمرهم أصبح قريبا جدا" يؤكد علي، الذي يدير شبكة "فرات بوست".

وحذر تقرير أصدرته وزارة الدفاع الأميركية، أمس الاثنين، من أن "تنظيم داعش الإرهابي يمكن أن يعود إلى سوريا خلال فترة تتراوح بين 6 و12 شهرا".

ووفقا للتقرير، يواصل التنظيم جذب العشرات من المقاتلين الأجانب إلى سوريا والعراق كل شهر كما يحصل على تبرعات خارجية مستمرة.

تعزيزات متواصلة

بالمقابل، استقدم التحالف الدولي تعزيزات جديدة إلى منطقة شرق الفرات قادمة من كردستان العراق، وفق ما نشر المرصد السوري لحقوق الإنسان.

ودخلت هذه التعزيزات عبر معبر الوليد برفقة دوريات من الجيش الأميركي وقوات سوريا الديمقراطية. 

وأوضح المركز أنها كانت على أربع دفعات من الأسلحة، تم نقلها إلى شرق الفرات.

وتضم التعزيزات كميات من الصواريخ الحرارية المضادة للدروع وكميات من الأسلحة الرشاشة المعروفة باسم "دوشكا"، يوضح المركز.

وحسب المرصد دائما، وصل جنود من القوات الخاصة الأميركية إلى الأراضي السورية، في عملية تهدف لاعتقال من تبقى من قادة وعناصر داعش المحاصرين في البقعة الأخيرة المتبقية للتنظيم شرق الفرات.

 

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".