يعيش المقاتل الكندي في داعش محمد علي منذ تسعة أشهر في معتقل تابع لقوات سوريا الديمقراطية.
يعيش المقاتل الكندي في داعش محمد علي منذ تسعة أشهر في معتقل تابع لقوات سوريا الديمقراطية.

يعيش المقاتل الكندي السابق في تنظيم داعش محمد علي (28 عاما) مع زوجته وطفلتيه، منذ تسعة أشهر، في معتقل تابع لقوات سوريا الديمقراطية شمال شرق سوريا.

واعتقل محمد علي، واسمه الجهادي "أبو تراب الكندي"، خلال محاولته الفرار إلى تركيا.

وكان علي انضم إلى داعش في سوريا سنة 2014. لكنه يقول إن سبب انضمامه هو رغبته في "قتال نظام الرئيس بشار الأسد".

وحسب المقاتل الكندي، في مقابلة أجراها مع وكالة الصحافة الفرنسية، فإن تنظيم داعش تخلى عن مقاتليه الأجانب عندما بدأ يخسر أراضيه في سوريا والعراق.

"ترك المقاتلون الأجانب لمصيرهم، تركوا ليحترقوا، بعد أن اتم استعمالهم واستغلالهم"، يقول محمد علي.

ويوضح الجهادي الكندي أن الشكوك حول سلامة قرار انضمامه لداعش بدأت تساوره سنة 2016، حين عاين انقلاب التنظيم على مقاتليه الأجانب بعدما بدأ يخسر أراضيه.

وأعدم التنظيم خلال تلك الفترة أحد أصدقاء محمد علي. 

ويعترف علي أنه كان مقاتلا ومدربا في صفوف داعش، لكنه يقول إنه كان "يرفض دائما إطلاق النار على المدنيين".

واشتغل الجهادي الكندي في بداية فترة التحاقه بالتنظيم المتطرف في وزارة النفط التابعة لداعش لمدة أربعة أشهر، بحكم تجربته السابقة في المجال.

وخلال تلك الفترة، كان نشيطا على موقع التواصل الاجتماعي تويتر. واستعمل حسابه لدعوة متابعيه للالتحاق بداعش.

وفي السنوات الثلاث اللاحقة تحول إلى مقاتل ومدرب.

وتوضح وكالة الصحافة الفرنسية أنه لم يمكنها التحقق من صحة ادعاءات المقاتل الكندي حول تفاصيل حياته على "أرض الخلافة".

واضطر محمد علي في الأخير إلى الاستعانة بمهرب تعرف عليه تحت حكم داعش، لنقله وعائلته من دير الزور إلى الحدود التركية. 

وهناك، تم إلقاء القبض عليه.

وينتظر محمد علي، كغيره من الجهاديين، مصيره. ويعول على السلطات الكندية لإعادته إلى بلده لمحاكمته هناك. لكن ذلك لم يتم حتى الآن.

ويقول محتجا "لا مكان آخر لي أذهب إليه. كيف يمكنهم أن يتركونني وأنا أقبع هنا بهذا الشكل كما لو أنني قيد النسيان؟".

ولدى اعتقاله، يقول المقاتل الكندي، إنه تم استجوابه من قبل عناصر من مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة الاستخبارات المركزية ووزارة الدفاع الأميركية. لكن، لم يزره أي ممثل عن كندا.

وقدرت وزارة الدفاع الأميركية، البنتاغون، في تقرير مطلع هذا الشهر وجود 800 مقاتل أجنبي محتجز لدى "قسد" من أكثر من 40 دولة.

وقد يزداد هذا العدد مع إعلان "قسد" إطلاق هجومها الأخير السبت 9 شباط/فبراير في الكيلومترات الأخيرة التي ينتشر فيها داعش أقصى شرق البلاد.

وتعتبر قضية إعادة المقاتلين الكنديين إلى بلدهم جدلية بالنسبة للسلطات المحلية.

وتدعم مقررة الأمم المتحدة المعنية بحالات القتل خارج القضاء أغنيس كالامارد فكرة إعادتهم إلى البلاد.

وعللت لامارد موقفها، في حوار أجرته معها قناة سي بي سي الكندية، بالقول إن قوات سوريا الديمقراطية لا تمثل دولة.

أما المقاتلون الكنديون المحتجزون في العراق، فسيعاقبون مبدئيا وفق قانون العقوبات العراقي الذي ينص على حكم الإعدام في القضايا المتعلقة بالإرهاب وهو أمر يثير الجدل في الدول الغربية.

ولمقررة الأمم المتحدة، تحفظات على هذا الإجراء أيضا.

​​من جهة أخرى، يرى وزير الأمن العام الكندي رالف غوديل أن قضية محاكمة المواطنين الكنديين تتطلب تحالفا بين دول عدة لأجل تبادل وتنسيق المعلومات الاستخباراتية، خاصة أن محاكمة الكنديين في بلدهم يتطلب الكثير من الأدلة لإدانتهم، ما يعتبر تحديا كبيرا  لصعوبة جمعها وترتيب عملية نقل الشهود وتأمين الترجمة لهم. ولهذا السبب لم يتخذ أي إجراء بحقهم لحد الساعة.

ولا يقتصر هذه الجدل على كندا، بل على دول غربية كما يوضح الفيديو التالي:

​​

لكن دولاً أخرى أعادت عددا ضئيلا من زوجات وأطفال المقاتلين الأجانب من العراق وسوريا مؤخرا.

وقامت بلجيكا بإعادة ستة أطفال ووالدتين من مخيم الحول (شرق سوريا) الذي مسكناً لزوجات الجهاديين.

وتنوي فرنسا إعادة حوالي 130 مقاتلا من مواطنيها في سوريا في الأسابيع المقبلة، حسب تصريحات وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانييه.

 

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".