زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي في ظهوره العلني الوحيد صيف سنة 2014.
زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي في ظهوره العلني الوحيد صيف سنة 2014.

"رأيته بعيني هاتين"، يقول شاهد عيان متحدثا لصحيفة الغارديان البريطانية عن نجاة زعيم تنظيم داعش أبي بكر البغدادي من محاولة انقلابية نفذها ضده مقاتلون أجانب.

وقال جمعة حمدي حمدان (53 عاما)، الذي تم تهريبه من آخر معاقل داعش في سوريا، إن المحاولة نفذت في قرية الكشمة في محافظة دير الزور.

وحسب الشاهد، الذي تحدث لمراسل الصحيفة مارتن شلوف، فإن معركة نشبت بين مقاتلين أجانب، أغلبهم تونسيون، وحرس أبي بكر البغدادي.

حدثت المعركة في شهر سبتمبر/أيلول الماضي، واستمرت ليومين اثنين.

وحاول الانقلابيون القبض على زعيم داعش، إلا أن محاولتهم باءت بالفشل، وقتلوا على إثرها جميعا.

وقبل أيام، كانت الصحيفة نفسها نقلت عن مسؤولين في مخابرات إقليمية قولهم إن البغدادي نجا من محاولة انقلابية، إلا أن هؤلاء المسؤولين قالوا إن الحادث وقع في شهر كانون الثاني/يناير الماضي، أي بعد ثلاثة أشهر مما قال جمعة حمدي حمدان.

وقال الشاهد "كان القتال عنيفا. كانت لديهم أنفاق بين المنازل".

من جهته، قال مسؤول عسكري كبير في قوات سوريا الديمقراطية إن مقاتلين أجانب من دول أخرى انضموا إلى المعركة، بينهم مغاربة وجزائريون.

"كانت مواجهة حامية، أبيد خلال الخاسرون"، قال أيضا ضابط من قوات سوريا الديمقراطية، على خط المواجهات في منطقة ناغوز، مستعملا اسمه الحربي عدنان العفريني.

وتابع الضابط "اندلعت المعركة منتصف شهر أيلول/سبتمبر. وكانت محاولة جادة لقتل البغدادي أو القبض عليه".

وحسب الشاهد، فإن البغدادي وحراسه استقروا في منطقة الكشمة مدة ستة أشهر، قبل أن يغادروها إلى منطقة باغوز التي غادروها بدورها إلى المناطق الصحراوية شرق سوريا في كانون الثاني/يناير.

"كان يحاول ألا يلفت إليه الأنظار، لم يكن يسافر إلى داخل البلدة. لكننا جميعا كنا نعرف مكانهم. كان يستخدم سيارة أوبل حمراء قديمة"، يقول حمدان.

ورصد تنظيم داعش جائزة مالية لمدبر الانقلاب، واسمه أبو معاذ الجزائري.

ويعتقد مسؤلون أكراد أن 400 مقاتل من داعش مازالو متحصنين في منطقة باغوز التي هرب إليها البغدادي، عقب المواجهات.

وقالت الغارديان إن تنظيم داعش قد يكون يحتجز رهائن أجانب من أجل المساومة لاحقا، بينهم الصحافي البريطاني جون كانتلي.

من جانبه، قال حسن أبو هنية المختص في شؤون الحركات الإسلامية، في تصريح لـ(ارفع صوتك)، إن "خلافات دائمة بين تيارين رئيسيين داخل التنظيم تُرجح أن تكون عملية الانقلاب صحيحة".

وأضاف أبو هنية "كانت هذه أحد أكبر مشكلات تنظيم داعش خلال فترة حكمه للأراضي العراقية والسورية، حيث كان هناك خلاف دائم بين جناحين في التنظيم، جناح البنعليين وجناح الحازميين".

ينتسب الحازميون إلى الشيخ السعودي أحمد بن عمر الحازمي المعتقل في السعودية منذ نيسان/أبريل 2015.

وينتسب البنعليون إلى البحريني تركي البنعلي الذي قتل في غارة أميركية منتصف سنة 2017. وهم كفار في أعين التيار الحازمي.

واندلعت بين الطرفين خلافات فقهية وعقدية حادة، وصلت إلى تبادل فتاوى التكفير والتبديع وحتى تبادل عمليات إعدام.

وتظهر بين الحين والآخر أنباء متفرقة عن مقتل البغدادي، دون أن يؤكد التنظيم أو ينفي أياً منها، ولم يظهر زعيم داعش بشكل علني منذ أكثر من ثلاثة أعوام.

 

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".