لاجئ سوري يعبر الحدود اليونانية المقدونية
لاجئ سوري يعبر الحدود اليونانية المقدونية

أقام أحمد أربع سنوات لاجئا في لبنان، لكنه عاد أخيرا إلى بلده سوريا.

يستقر الشاب السوري، 22 عاما، الآن في منزل أهله في ريف حلب الشرقي.

يقول إن الوضع في لبنان أرغمه إلى العودة، خاصة أن كثيرا من اللبنانيين "باتوا لا يحبذون وجود السوريين".

وغادر أحمد ريف حلب إلى لبنان، قبل أربع سنوات، بعد أن احتله تنظيم داعش.

"عندما وجدت الفرصة مناسبة للعودة اتخذت قراري"، يقول.

على عكس أحمد، ما يزال رشيد الصافي، 30 عاما، مستقرا في لبنان. لكنه يقول إنه يعرف عائلات كثيرة رجعت إلى سوريا.

"ما يجعلني أبقى في لبنان هو عدم عودة الحياة إلى سابق عهدها في سوريا، إضافة للوضع الاقتصادي السيء الذي تعيشه البلد"، يقول رشيد.

وأصدر الأمن العام اللبناني منتصف شهر آذار/مارس بيانا قال فيه إن عدد اللاجئين الذين عادوا إلى سوريا منذ 2017 وحتى الآن تجاوز 170 ألفا.

ويُنقل معظم اللاجئين العائدين عبر حافلات يرسلها النظام السوري بتنسيق مع رؤساء البلديات في لبنان.

وقبل العودة، يسجل اللاجئ السوري اسمه لدى إحدى البلديات التي تحيله على الجانب السوري. وبعد دراسة الملفات أمنيا، تمنح الحكومة السورية الضوء الأخضر للاجئ للعودة.

عبد الكريم المحمد، وهو ناشط حقوقي سوري في لبنان، يقول إن عودة الكثير من السوريين إلى بلدهم ليست آمنة.

ويقول عبد الكريم إن هناك لاجئين تم اعتقالهم "على يد مخابرات النظام السوري وتعرض العديد منهم للتحقيقات بالإضافة لوجود حالات اختفاء قسري"

في رأي الناشط الحقوقي، يجب أن تتم العودة بتنسيق وضمانات دولية من الأمم المتحدة وليس بتنسيق بين سوريا وروسيا ولبنان فقط.

ويؤكد عبد الكريم: "يجب استخدام مصطلح ترحيل وليس عودة. فالسوريون في لبنان لم يعودوا إلى سوريا بشكل طوعي، بل الكثير منهم تعرض للترحيل القسري من قبل البلديات اللبنانية".

العودة من تركيا

عادت أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين في تركيا إلى بلاهم.

نائب وزير الداخلية التركية إسماعيل جاتالاق قال مطلع العام الحالي إن 290 ألف لاجئ عادوا إلى مناطق "درع الفرات" شمال سوريا.

ويتوجه اللاجئون السوريون الراغبون في العودة إلى إحدى دوائر الهجرة لطلب "ورقة العودة الطوعية".

ويسلم اللاجئون بطائق الحماية المؤقتة التي منحتها لهم الحكومة التركية وتخولهم الإقامة كلاجئين في البلاد.

وتعرض لاجئون سوريون أيضا للترحيل من قبل السلطات.

وتسعى الأحزاب المعارضة إلى إعادة اللاجئين السوريين في حال تسلمت زمام الحكم في تركيا. وصرح مسؤولوها أكثر من مرة أن برامجهم تتضمن إعادة السوريين لبلادهم.

عباس زيادة شاب سوري يقيم في إسطنبول يقول إن السوريين يعيشون على أعصابهم، فأي حادثة فردية للاجئ قد تتسبب في عمليات ترحيل جماعية، خاصة أن أغلب اللاجئين يعيشون في تركيا بشكل غير قانوني.

.. ومن أوروبا أيضا

امتدت موجة عودة اللاجئين إلى بقية الدول الأوروبية أيضا.

في مطلع العام الحالي، قالت صحيفة راينشه بوست الألمانية إن عدد اللاجئين السوريين العائدين إلى بلادهم خلال عام 2018 تجاوز 15 ألف لاجئ سوري في ألمانيا وحدها.

هذه الأرقام صادرة عن المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين.

وقدمت ألمانيا إغراءات مادية لمن يريد العودة إلى سوريا. وفعلت الدنمارك الشيء نفسه أيضا.

ولا تتعدى الإجراءات الإدارية للعودة أسبوعين. تبدأ باستشارة مركز الإرشاد الخاص بالعودة، والاطلاع على شروط برنامج دعم المنظمة الدولية للهجرة المقتصرة على تقديم النصيحة والاستشارات، وأخيرا تقديم الوثائق الإدارية المطلوبة.

 

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".