مع قرب حلول شهر رمضان، يواجه سكان سوريا والعراق واليمن وليبيا مزيدا من المعاناة والضغوط المعيشية نتيجة انهيار العملات الوطنية وارتفاع أسعار السلع الأساسية، بسبب الحروب والنزاعات المسلحة.
محمد قائد، مواطن سوري، يقول لموقع (ارفع صوتك) "لم أستعد بشيء لشهر رمضان هذا العام. الأسعار مرتفعة جدا".
ويضيف قائد، عبر الهاتف من شمال سوريا، "لم نعد نهتم باستقبال رمضان أو التحضير له بالمواد الغذائية كما كان الوضع قبل عام 2011. الحرب دمرت حياة غالبية السوريين".
في سنة 2011، كان سعر الكيلوجرام من لحم الخروف يساوي 600 ليرة سورية (12.7 دولار). أما الآن فتجاوز 7000 ليرة (أكثر من 11 ضعفا).
ومنذ أكثر من ثماني سنوات تشهد سوريا حربا أهلية خلفت آلاف القتلى والجرحى، إضافة إلى ملايين النازحين واللاجئين.
رمضان هذا العام هو الثامن على التوالي الذي يحل على السوريين في ظل أزمات متصاعدة غيبت عادات وطقوس كان السوريون يفتخرون بها طوال قرون.
وزادت أسعار غالبية السلع الأساسية عشرات المرات خلال الحرب، وانهارت العملة السورية من 47 ليرة للدولار الواحد في 2011 إلى نحو 550 ليرة خلال العام الجاري، ما فاقم من تدهور الوضع الاقتصادي كليا في هذا البلد.
وتضاعفت المعاناة بسبب أزمة الوقود المستمرة منذ أسابيع.
وحاليا، تشتري 350 ليرة (63 سنتا أميركا) كيلوجراما واحدا من السكر، مقارنة بـ25 ليرة عام 2011.
وتشتري 500 ليرة كيلوجراما واحدا من الفول الأخضر البلدي، مقارنة بـ30 ليرة سورية قبل الحرب.
وقفز سعر كيلو اللبن المصفى من 50 ليرة (1.06 دولار حينها) سنة 2011 إلى 1000 ليرة اليوم.
وشهد الدينار العراقي أقوى انخفاض له عقب سيطرة تنظيم داعش على الموصل (2014)، وهي ثاني أكبر مدينة عراقية.
ويؤكد مراسلنا في الموصل منهل ابراهيم أن أسعار السلع الغذائية ارتفعت بشكل طفيف قبيل شهر رمضان.
ويبلغ سعر كارتونة زيت الطعام (24 لترا) 22 دولارا حاليا، في حين كان يساوي قبل أسابيع 20 دولارا.
"خلال سيطرة داعش على الموصل كان سعره 50 دولارا إن وجد، وقبل سيطرة التنظيم لم يتجاوز 27 دولارا"، يقول منهل.
ويضيف "سعر كيس الأرز (25 كجم) حاليا 37 دولارا، وخلال سيطرة داعش كانت قيمته 50 دولارا".
وذكر منهل أن كيس السكر (50 كغم) يباع حاليا بـ35 دولارا مقارنة بـ 30 دولارا قبل عام 2014.
اليمن
لا يختلف الحال بالنسبة لليمن وليبيا.
فحتى نهاية 2011 كان الدولار الواحد يساوي 215 ريالا يمنيا، واستمر على هذه الحال حتى اندلعت الحرب نهاية آذار/مارس 2015.
بدأ حينها مسلسل انهيار العملة الوطنية ليساوي الدولار الواحد حاليا نحو 530 ريال يمني.
وقبل الحرب، كان سعر الكيلو جرام من التمر بـ500 ريال. أما الآن فيقتر من 900 ريال.
وارتفع سعر السكر (50 كجم) إلى نحو 13 ألف ريال يمني، مقارنة بـ8 آلاف ريال عام 2014.
وكان متوسط سعر دقيق القمح (50 كجم) بـ5400 ريال في رمضان عام 2014، ليصل مؤخرا إلى حدود 12500 ريال يمني.
ليبيا
في ليبيا، الدولة الغنية بالنفط، أدى عدم الاستقرار منذ عام 2011، إلى انهيار العملة الوطنية (الدينار)، وارتفاع أسعار السلع الأساسية تدريجيا.
ويجد الليبيون صعوبة في توفير احتياجاتهم الأساسية.
وتقول الأمم المتحدة إن نحو 1.1 مليون شخص في البلاد يحتاجون إلى مساعدة إنسانية.
ويساوي الدولار الواحد بنهاية نيسان/أبريل 2019 حوالي 4.50 دينارا في السوق الموازي، وهو السعر المستخدم على نطاق واسع هناك، مقارنة بـ 1.8 دينار للدولار خلال الاضطرابات التي شهدتها البلاد عام 2011، مسجلا حينها أدنى مستوى له منذ 15 عاما.
ومنذ منتصف آذار/مارس الماضي، تتراوح أسعار الكيلو الواحد من البصل والبطاطس والخيار ما بين 4.5 و 6 دنانير، أي أكثر من واحد دولار أميركي، مقارنة بدينار ليبي فقط سنة 2010.
ويشتري المواطن الليبي اليوم الكيلوجرام الواحد من لحم الخروف بـ 6 دولارات، وفي بعض الأسواق تجاوز سعره 8.9 دولار، مقارنة بـ 8.33 دولارا في رمضان عام 2010.
وبلغ سعر لحم الدواجن المحلية 2.70 دولارا، مقابل 2.2 دولار في رمضان قبل 2011.
ويشتري 0.66 سنت من الدولار الأميركي لتر حليب واحد حاليا، مقارنة بـ 0.55 عام 2010.
ومنتصف العام الماضي، كان الدينار الواحد يشتري ثلاثة أرغفة صغيرة من الخبز، مقارنة بـ40 رغيفا قبل سنة 2011.
في مثل هذا اليوم من كل عالم يحتفل العالم بيوم السلام العالمي الذي تُوجّه في الدعوة لإحياء السلام وترسيخ ثقافة اللاعنف والتوقف عن القتال في جميع الجبهات المشتعلة ولو لفترة مؤقتة.
للأسف فإن العالم اليوم أبعد ما يكون عن الأحلام الوردية التي تروّج لها هذه الذكرى، فما أكثر الحروب والنزاعات العسكرية التي يشهدها العالم هذه الأيام.
حرب أوكرانيا
منذ 2014 اشتعل غضب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أوكرانيا بعد تنصيب حكومة موالية للغرب فأمر بضمِّ شبه جزيرة القرم إلى بلاده ودعّم الحركات الانفصالية في منطقة دونباس. خفتت هذه الأزمة جزئياً بعد توقيع اتفاقية سلام "ميسنك" بين البلدين والتي أذعنَ فيها الأوكرانيون كثيراً للشروط الروسية.
في 2019 وصل فولوديمير زيلينسكي إلى سدة الرئاسة في أوكرانيا ووعد بإحلال السلام في المنطقة لكنه أثار غضب بوتين بسبب سعيه الحثيث نحو التعاون العسكري مع أوروبا علاوة على رغبته في الانضمام إلى حلف الناتو، وهو ما اعتبره بوتين خطاً أحمر لن يسمح للغرب بتجاوزه فأمر بشنِّ حربٍ على أوكرانيا في نهاية العام الماضي.
رغم أن الجيش الأوكراني أثبت كفاءة أكبر من التي توقّعها بوتين في التصدّي للغزو فإن روسيا حتى الآن نجحت في احتلال مساحات شاسعة من الأراضي شرق أوكرانيا ودمّرت قاعدة ضخمة من البنى التحتية الأوكرانية الأمر الذي أدّى لانقطاع الكهرباء والماء عن أماكن كثيرة في البلاد.
في غياب الأرقام الرسمية يصعب تحديد الخسائر بشكل دقيق لكن وفقاً لأغلب الإحصائيات فإن هذا الصراع أدى إلى هجرة 8 ملايين أوكراني إلى أوروبا ونزوح 6 ملايين آخرين داخلياً فضلاً عن مقتل آلاف الأشخاص.
اليمن
على الرغم من توقيع اتفاق هدنة بين الأطراف المتصارعة في أكتوبر من العام الماضي فإن مسبّبات الحرب الرئيسية لا تزال تسيطر على الساحة اليمنية وتُنذر بالتفجير في أي وقت.
فمنذ تمرد الحوثيين على رئيس البلاد عبدربه منصور في منتصف 2014 ونجاحهم في الاستيلاء على مساحاتٍ كبيرة من الأراضي شمال غرب اليمن ردّت السعودية بإطلاق العملية العسكرية "عاصفة الحزم"، والتي لم تنجح في حسم الصراع اليمني بل ساهمت في تعقيده وامتدَّ الصراع إلى الأراضي السعودية ذاتها عقب قصف منشآت "أرامكو" النفطية. أملاً في حلحلة الأزمة اضطر الرئيس منصور إلى الاستقالة والتنازل عن صلاحياته لمجلس رئاسي بقيادة رشاد العليمي.
ورغم جمود الوضع الحالي واستمرار معاناة اليمنيين من "الألغام" السياسية في بلادهم فإن السعودية سارت شوطاً بعيداً في سعيها لإنهاء حالة الحرب الدائرة منذ 8 سنوات تقريباً حتى أقامت في الفترة القريبة الماضية مفاوضات مباشرة بينها وبين الحوثيين لحلِّ جميع النقاط الخلافية بين الطرفين وصفتها بـ"الإيجابية والبنّاءة" ما يبشر بقُرب انتهاء تلك الحرب.
أرمينيا وأذربيجان
تعيش أذربيجان وأرمينيا صراعاً منذ 3 عقود بسبب رغبة كل منهما السيطرة على اقليم "ناغورني كراباخ"، واندلع آخر قتال بين البلدين في 2020 ودام قرابة 6 أسابيع.
تعود جذور هذا الصراع إلى عشرات السنوات الماضية بسبب التنافس القديم على النفوذ بين المسيحيين الأرمن والأذريين المسلمين منذ أن كانت المنطقة خاضعة لسيطرة الاتحاد السوفييتي وعقب سقوطه اشتعلت أعمال عنف وحشية بين الطرفين.
السودان
منذ أبريل الماضي اندلعت معارك عنيفة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي) متسببين في مقتل 7500 فردٍ ونزوح 7.1 مليون فرد من بينهم 3.3 مليون طفل بحسب تقديرات أممية.
هجومٌ فشلت في إنهائه جميع الوساطات الدولية التي تدخّلت لحل الأزمة وظلَّ مستمراً حتى أيامٍ قريبة مسفراً عن احتراق واحدٍ من أكبر أبراج العاصمة الخرطوم وأكثرها شهرة.
وبينما يتبادل الطرفان الاتهامات عن التصعيد العسكري أعلنت السُلطات الصحية خروج جميع المستشفيات الرئيسية في الخرطوم ودارفور عن الخدمة.
ووفقاً للإحصائيات فإن 72% من سكان الخرطوم نزحوا عنها بسبب استمرار الأعمال العسكرية داخلها.
أوضاعٌ مأساوية تغيب الإرادة الدولية عن حلّها إذ لم يتم تمويل إلا 26.4% فقط من خطة الاستجابة الإنسانية المطلوبة لمساعدة ضحايا الحرب.
وفي كلمةٍ لها هذا الشهر حذّرت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري ديكارلو من أن 6 ملايين سوداني باتوا "على بُعد خطوة واحدة من المجاعة" وأن استمرار هذه الحرب يهدد بـ"إغراق المنطقة في صراعٍ أوسع نطاقاً".
جمهورية أفريقيا الوسطى
تعاني هذه الدولة الأفريقية من حروبٍ أهلية ضارية وانقلاباتٍ عسكرية متتالية مزّقتها لعقودٍ منذ استقلالها عن فرنسا قي 1960، تسببت في حرمان أغلب سكانها من جميع الخدمات الأساسية كالغذاء والماء والرعاية الصحية حتى وُصفت بأنها أحد "أكثر دول العالم اضطراباً".
ومنذ شهرين أجرى فوستين أرشانج تواديرا رئيس البلاد تعديلاً دستورياً لإطالة مُدة فترته الرئاسية من 5 إلى 7 سنوات وإلغاء عدد الولايات الأقصى، تعديلات دستورية لم يتورّع أنصار الرئيس الحالي عن استخدام أقصى درجات الترهيب لضمان نسبة موافقة كاسحة عليها.
في 2013 فقد تواديرا منصبه كرئيسٍ للوزراء بسبب انقلابٍ عسكري انتهى خلالٍ عامٍ بتدخل عسكري مباشر من فرنسا لتولّى الحُكم في بلدٍ يموج بالاقتتال الأهلي والعرقي.
ومنذ 2018 نشرت شركة "فاجنر" الروسية ألفي مقاتل تابعين لها بدعوى المساهمة في تهدئة الاقتتال الأهلي وفي المقابل سيطرت على بعض مناجم الذهب ومناطق مليئة بالأخشاب النادرة. بل وإن آخر صور التُقطت ليفغيني بريغوجين كانت خلال زيارة له إلى أفريفيا الوسطى لتفقد أعمال شركته بها ومنها رحل إلى موسكو حيث استقلَّ طائرة كان مفترضاً أن تتجه به إلى بطرسبورج لكنها تحطّمت في منتصف الطريق وأودت بحياته.
هذا البقاء الطويل في السُلطة لم يجلب الاستقرار إلى أفريقيا الوسطى ولم تتوقف فيها أوضاع العنف، هذا العام استهدفت الأمم المتحدة مساعدة 2.4 مليون متضرر لكنها لم تتحصّل إلا على 36% فقط من تمويل نفقاتها.
ميانمار
في فبراير 2021 شهدت ميانمار انقلاباً عسكرياً أطاح بالحكومة المدنية وكان بداية لسلسلة من أعمال العنف والاقتتال الأهلي لم تنقطع حتى اليوم قُتل فيها قرابة 4 آلاف فرد وسُجن 20 الفاً بسبب معارضتهم للسُلطة العسكرية الحاكمة.
في بداية هذا الشهر ألقى نيكولاس كومجيان رئيس فريق التحقيق الأممي في انتهاكات حقوق الإنسان كلمةً أكد فيها أن جيش البلاد ارتكب فظائع ضد المدنيين في البلاد شملت القصف العشوائي للمظاهرات وحرق المنازل وإعدام المعارضين.
#Myanmar: "The frequency & intensity of war crimes & crimes against humanity has only increased in recent months."
Nicholas Koumjian, Head of the Independent Investigate Mechanism for Myanmar, describes the dire state of the country to the @UN Human Rights Council.#HRC54pic.twitter.com/p99QZcmvMH
— United Nations Human Rights Council | 📍 #HRC54 (@UN_HRC) September 11, 2023
شكّل معارضو هذا الانقلاب حكومة موازية عُرفت بِاسم حكومة الوحدة الوطنية المدنية، التي لم تكتفِ بالاحتجاجات السلمية وإنما شكّلت قوات عسكرية أعلنت "الحرب الدفاعية الشعبية" ضد المجلس العسكري للبلاد، ومنذ عام أعلن القائم بأعمال الحكومة أن القوات التابعة له سيطرت على نصف مساحة ميانمار.
أعادت هذه الممارسات التذكير بالتكتيكات الوحشية التي اّبعها جيش البلاد تجاه الأقلية المسلمة من الروهينجا والتي يُعتقد أنها تسببت في مقتل 10 آلاف فرد وإحراق 300 قرية وإجبار 70 ألف نازحٍ على الفرار إلى بنجلاديش.
الصومال
رغم الإطاحة بحركة الشباب الإسلامية من الحُكم منذ 15 عاماً تقريباً إلا أنها لم تتوقف قطُّ عن تنفيذ هجمات إرهابية بحق جنود الجيش الصومالي كما نجحت في فرض سيطرتها على مساحات شاسعة من الريف.
وتتلقّى الحكومة المحلية دعماً أمريكياً كبيراً في هذه الحرب المستعرة منذ سنوات آخرها إدراج وزارة الخارجية الأمريكية 5 من قيادات الحركة على لوائح الإرهاب الدولية.
شهد هذا العام موجات من الكر والفر في الصراع الأهلي الدائر بين الجيش الحكومي والميليشيات الإسلامية المتطرفة؛ في مايو هاجم مسلحو الحركة قاعدة يسيطر عليها جنود أوغنديون تابعون لقوة الاتحاد الأفريقي متسببين في مقتل 54 جندياً على الأقل، بعدها بشهر تبنّت الحركة هجوماً على فندقٍ في قلب العاصمة انتهى بمقتل 3 من رجال الأمن و6 مدنيين، وفي 20 أغسطس الماضي ردَّ الجيش الصومالي على هذه الهجمات عبر تنفيذ عمليتين عسكريتين أسفرتا عن مقتل 50 عنصراً من حركة الشباب لتستمرُّ المعركة بين الطرفين دون حسم.
بالإضافة إلى الصراع الفلسلطيني- الإسرائيلي المستمر منذ ما يقرب من 75 عاماً، لا تزال العديد من الدول في منطقة الشرق الأوسط تشهد اضطرابات أمنية، وحروباً مستمرة منذ أعوام، كما هي الحال مع سوريا التي تعيش حرباً داخلية منذ العام 2011 بعد اندلاع ثورة ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد انحدرت إلى عنف دموي بعد ان حاول الأسد قمعها بالقوة. كما يعيش العراق توترات تتعلق بالحدود في اقليم كردستان، التي تشهد اعمالاً أمنية يرتكبها الجيش التركي في حق مناطق يشغلها حزب العمال الكردستاني المصنف إرهابياً، وأخرى يرتكبها الحرس الثوري الإيراني الذي يقصف مواقع يقول إنها تابعة للمعارضة الإيرانية الكردية في الإقليم.