مقاتل من جبهة تحرير سوريا في معسكر تدريبي قرب إدلب استعداد لهجوم من قوات النظام.
مقاتل من جبهة تحرير سوريا في معسكر تدريبي قرب إدلب استعداد لهجوم من قوات النظام

نزح نحو 140 ألف شخص منذ شهر شباط/فبراير من محافظة إدلب ومحيطها بالتزامن مع بدء قوات النظام السوري وحليفتها روسيا تصعيدهما في المنطقة.

وشنت المقاتلات الروسية والتابعة للنظام السوري، خلال الأيام الماضية، حملة جوية متواصلة على مناطق في محافظة إدلب ومحيطها في شمال غرب سوريا.

وتعد هذه الحملة  الأعنف منذ توقيع اتفاق خفض التصعيد في شمال سوريا، خريف العام الماضي.

وأسفر التصعيد عن مقتل أكثر من 200 مدني، وفق الأمم المتحدة التي قالت إن القصف استهدف الأسبوع الحالي مدارس ومستشفيات.

وقال ديفيد سوانسون، المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، لوكالة الصحافة الفرنسية: "منذ شباط/فبراير، نزح أكثر من 138,500 إمرأة وطفل ورجل من شمال حماة وجنوب إدلب".

وأشار إلى أن بين هؤلاء أكثر من 32 ألفا فروا الشهر الماضي فقط.

وانتقل النازحون إلى مناطق أخرى أكثر أمناً في محافظة إدلب، وأيضا حماة وحلب المجاورتين.

ويتابع نشطاء من داخل إدلب وخارجها الأحداث تقديم معلومات حول المناطق المستهدفة وأعداد النازحين والدعوات التطوعيّة للإغاثة الغذائية.

​​

​​

​​

​​

السلاح في إدلب.. بيد مَن؟

تسيطر فصائل جهادية وإسلامية على إدلب وأجزاء من محافظات حلب وحماة واللاذقية.

على رأس هذه الفصائل هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، المصنفة  إرهابية من قبل الولايات المتحدة، وفيلق الشام، وحركة أحرار الشام، والفرقة الوسطى، ونور الدين زنكي.

ونشرت صحيفة "الوطن" السورية المقرّبة من النظام أخبارا عن تقدّم قوات النظام باتجاه محيط إدلب استعدادا للمعركة القادمة.

وقالت إن "الجيش دفع بتعزيزات إلى أرياف حماة وإدلب بعد تصاعد وتيرة اعتداءات تنظيم جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام) الإرهابي وحلفائه على المدن والقرى الآمنة بريف حماة الغربي".

وفي تقرير آخر نشرته "الوطن"، الثلاثاء الماضي، ذكرت أن الهدف من التعزيزات "شن هجوم واسع النطاق للسيطرة على المنطقة (منزوعة السلاح) التي ورد تحديد جغرافيتها في اتفاق إدلب".​​

ويقول الناشط السوري المؤيد لنظام بشار الأسد، كيفورك ألماسيان، على حسابه في تويتر إن "قوات النمر التابعة للجيش السوري ترسل المزيد من التعزيزات إلى أرياف الشمالية لحماة والجنوبية لإدلب لضرب تحصينات القاعدة (يقصد بها هيئة تحرير الشام) في المناطق منزوعة السلاح".

ويمثل التصعيد الجديد في إدلب تهديدا صريحا لاتفاق تجمید الأعمال القتالیة في شمال سوريا الذي أعلنته قمة سوتشي منتصف سبتمبر/أیلول الماضي.

وتعد إدلب منطقة خفض التصعيد الرابعة في هذا الاتفاق الذي ترعاه كل من روسيا وأنقرة.

ونص الاتفاق على إقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق 15 إلى 20 كيلومترا تراقبها قوات تركية وروسية، وتحصين نقاط المراقبة التركية داخل إدلب واستمرار عملها، وضمان روسيا لعدم تنفيذ عمليات عسكرية وهجمات على المحافظة، والإبقاء على الوضع القائم.

ولم يتم استكمال تنفيذ الاتفاق بعد، وتتهم دمشق أنقرة بـ"التلكؤ" في تطبيقه، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.

وبرّر النظام تقدمه بـ"امتناع تركيا عن تنفيذ التعهدات التي قطعتها مع موسكو رغم تصاعد العمليات الإرهابية في أرياف حماة الشمالية وإدلب الجنوبية:" وفق صحيفة "الوطن".

ردود فعل دولية

دعت الولايات المتحدة روسيا إلى احترام التزاماتها وإنهاء "التصعيد" في إدلب.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية مورغان أورتاغوس: "يجب أن ينتهي العنف".

وأكدت أن "أي تصعيد في العنف في شمال غرب سوريا سيؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة".

بدورها، نددت الأمم المتحدة بالقصف الروسي والسوري.

وقال منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية بانوس مومسيس إن "مدارس ومنشآت صحية ومناطق سكنية أصيبت في أسوأ حملة قصف بالبراميل المتفجرة".

وأضاف مومسيس في تصريحات لوكالة (رويترز): "لدينا معلومات بأن منشآت تعليمية ومنشآت صحية ومناطق سكنية تتعرض للقصف، من طائرات هليكوبتر ومقاتلات. والقصف بالبراميل هو أسوأ ما شهدناه منذ 15 شهرًا على الأقل".

أما روسيا، فجاء تصريح وزير خارجيتها سيرجي لافروف داعما لدمشق. وقال: "روسيا لن تتسامح مع وجود الإرهابيين فى إدلب ومناطق أخرى من سوريا، ومن حق دمشق ضمان سلامة مواطنيها".

​​​إدلب.. المعركة المقبلة؟

منذ بداية الثورة السورية حتى الآن واجه النظام صعوبة كبيرة في السيطرة على محافظة إدلب شمال البلاد، بسبب جغرافيتها، وغياب الدعم المحلي من سكانها للنظام، يقول ساشا غوش سيمينوف الصحافي الأميركي والمدير التنفيذي لمنظمة "الشعب يريد التغيير" لـ(ارفع صوتك).

 

حتى لو تمكّن النظام من السيطرة على إدلب، فإن الاحتفاظ بها مسألة مختلفة تماماً. 

وبحكم توازن القوى بين النظام وحليفه روسيا من جهة وقوات المعارضة في إدلب من جهة أخرى، فإن احتمالية فوز الطرف الأول بالحرب تبدو أكبر.

لكن ما احتمالية قيام هذه الحرب؟

يقول سيمينوف لـ(ارفع صوتك) إن الحرب ليست من مصلحة أي طرف، سواء النظام وحليفيه روسيا وإيران أو تركيا الداعمة لبعض فصائل المعارضة المسلحة داخل إدلب. 

"تركيا لا ترغب بالتعامل مع ثلاثة ملايين لاجئ إضافي. والأمر مكلف ماديا لروسيا سواء من ناحية الدعم العسكري أو توفير الموارد للسكان. ستقدّم روسيا كميات هائلة من الموارد الأساسية للباقين من السكان في إدلب تحت سيطرة النظام".

لكن هل من سيناريوهات محتملة في حال اندلاع المعركة وتضاؤل أي أمل في التوصل إلى حل سلمي؟

في مقال نشره موقع "بلدي" السوري، وهو منصة إعلامية مؤيدة للثورة السورية، توقع الموقع عدداً من السيناريوهات مبنية على مواقف الدول الأطراف حاليا.

وتبدو روسيا مستفيدة من الوضع القائم في إطار صراع النفوذ مع واشنط. أما إيران ونظام الأسد فيدركان أنّ قدرتهما على خوض مغامرة عسكرية على أرض إدلب ستكون فاشلة، ما لم تحظ بدعم عسكري روسي.

أما تركيا فتمارس سياسة "غض الطرف" في رسالة ضمنية إلى هيئة تحرير الشام، مفادها أن على الهيئة أن تحل نفسها، وتجنب إدلب عملية واسعة النطاق، يقول الموقع.

يعني كل هذا استبعاد حرب شاملة على إدلب الآن. 

لكن مع هذا، يمكن توقع عدد من السيناريوهات وإن كانت ضعيفة الاحتمال.

- أولا أن تشعل إيران الجبهة. وهذا مستبعد؛ خاصة مع انعكاسات العقوبات الأميركية الأخيرة.

- ثانيا: سياسة الأرض المحروقة التي اتبعتها روسيا في الغوطة الشرقية عبر اتخاذ وجود التنظيمات الجهادية ذريعة للهجوم على إدلب.

- ثالثا: الاستمرار في منهج "الخطوة خطوة" التي تحدث عنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وستكون أولى خطواته إزاحة عقبة الجهاديين (حل تحرير الشام)، كحل بديل عن أي حرب شاملة.

ويرجح الموقع السيناريو الثالث.

 

مواضيع ذات صلة:

صورة أرشيفية لطالبات في إحدى الجامعات السورية
صورة أرشيفية لطالبات سوريات في جامعة "البعث" بمدينة حمص- تعبيرية

شهد العام الدراسي الحالي في سوريا ارتفاعاً باهظاً جداً في تكاليف الدراسة بالجامعات الخاصة، التي بات الالتحاق بها شبه مستحيل بالنسبة إلى غالبية فئات المجتمع السوري، وحكراً فقط على طبقة الأثرياء أو الوافدين من خارج البلاد.

قالت مواقع سورية محلية إن رسوم الجامعات الخاصة في سوريا، ارتفعت للعام الدراسي 2023-2024، بنسبة 70 بالمئة، في ظل دهشة كثير من الطلاب وذويهم، الذين اضطُرّوا إلى إلغاء تسجيل أبنائهم فيها، بعد وصول الأسعار إلى "مستوى غير منطقي"، وفق تعبيرهم.

محمد مبيّض (56 عاماً) لديه متجر صغير لبيع الحلويات في منطقة جديدة عرطوز في ريف دمشق، يقول إنه أنفق الملايين بغية دخول ابنه إلى كلية الطب البشري، غير أن المجموع العام لم يسمح له بدخول الفرع الذي يحلم فيه، لا من خلال التعليم العام، ولا من خلال التعليم الموازي، ولذلك "بدأنا نفكّر بإمكانية تسجيله في جامعة خاصة، رغم التكلفة العالية، لتحقيق حلمه وحلمي أنا ووالدته"، على ما يقول محمد لـ"ارفع صوتك".

يتابع مبيّض أنه سأل بعض المعارف والأصدقاء عن التكلفة فكانت في مستوى عالٍ جداً، لكن المفاجأة كانت في الأسبوع الأول من سبتمبر الحالي، حين أذهلته الأسعار الجديدة، حتى إنه اضطُرّ إلى إلغاء الفكرة كلياً، ويقول: "وفقاً للأسعار الجديدة، استطيع أن أرسال ولدي للدراسة في جامعة عربية مرموقة وتبقى الكلفة أقلّ .. الجامعات الخاصة هنا باتت مخصصة فقط لكبار الأثرياء، هم الوحيدون القادرون على إدخال أبنائهم إليها".

أسعار جنونية

وفقاً لموقع "سناك سوري" المحلي، فإن الارتفاع الأكبر في تكلفة الدراسة بالجماعات الخاصة كان من نصيب الكليات الطبية، مثل الطب البشري والأسنان والصيدلة. حيث باتت كلفة السنة الدراسية الواحدة في الطب البشري 19 مليون و740 ألف ليرة، ليصل المبلغ إلى 118 مليون و440 ألف ليرة (يعادل نحو 9 آلاف دولار وفقاً لسعر الصرف الحالي في أسواق العاصمة) لست سنوات هي مدّة الاختصاص.

أما طب الأسنان فكلفة السنة الدراسية وصلت إلى 15 مليون و300 ألف ليرة، لتصل إلى 77 مليون ليرة لكلفة السنوات كلها، أما الصيدلة فكلفة السنة الواحدة 13 مليوناً و500 ألف، وتصل إلى 67 مليوناً و500 ألف في عموم السنوات.

وفيما يخص الطلاب الأجانب أو الطلاب السوريين غير المقيمين، فبلغت أجور الساعة الواحدة في كليات الطب البشري 250 دولاراً، و200 دولار لطب الأسنان، و175 دولاراً للصيدلة وكل الاختصاصات الأخرى. هذا بالنسبة للطلاب الأجانب والعرب، أما الطلاب السوريون غير المقيمين، فباتت كلفة ساعة الطب البشري 170 دولاراً، والأسنان 150 دولاراً، والصيدلة 130 دولاراً.

ووفقاً للأسعار السابقة، تصبح كلفة دراسة الطبّ بالنسبة للطالب السوري غير المقيم 7140 دولاراً في الطب البشري بمعدل 42 ساعة دراسية خلال العام الدراسي، لتصل كلفة سنوات الدراسة الستة إلى 42 ألفاً و840 دولاراً. وفي الصيدلة 4680 دولاراً بمعدل 36 ساعة دراسية بكل موسم، لتصل إلى 23 ألفاً و400 دولار لسنوات الدراسة الخمس، وفي طب الأسنان 5400 دولار بمعدل 36 ساعة دراسية بالسنة الواحدة، لتصل كلفة سنوات الدراسة الخمس إلى 27 ألف دولار.

سوريا
"قرارات تكبّل الأحلام".. لا شهادات لخريجي جامعة دمشق إلا بموافقة أمنية
أصدرت رئاسة جامعة دمشق نهاية الشهر الفائت، قرارًا يقضي بعدم منح "كشف علامات" أو "مصدقة تخرج" لطلاب سنة التخرج في عدد من كلياتها، إلا بعد إبرازهم بيانًا تفصيليًا صادرًا عن مديرية “الهجرة والجوازات” تتضح فيه حركة القدوم والمغادرة من

خاصّة الخاصّة

صحيفة "الوطن" السورية المقرّبة من النظام، وصفت الدراسة بالجامعات الخاصة في سوريا بأنها باتت لـ "خاصة الخاصة"، أي إن الأسعار يعجز عنها حتى بعض الذين يُعدّون من ميسوري الحال.

ونقلت "الوطن" عن "مصدر مطلع" تصريحات برّر فيها رفع الرسوم بأنها نتيجة ارتفاع تكاليف ومستلزمات العمل، خصوصاً المحروقات، إضافة إلى النقل والخدمات الأخرى.

وأوضحت الصحيفة أن القرارات تنطبق على الطلاب المستجدّين اعتباراً من الموسم الدراسي 2023-2024، بينما يستمر الطلاب المسجّلون بالأعوام السابقة بتسديد الرسوم والأقساط التي دخلوا الجامعة على أساسها.

وتعدّدت تعليقات السوريين على الأسعار الدراسية الجديدة، وعبّرت في مُجملها عن أن الأشخاص الذين وضعوا الأسعار "يعانون من حالة انفصال عن الواقع"، وأن التكلفة بالنسبة للطلاب الأجانب والعرب وغير المقيمين "تعادل أو تزيد على أسعار الدراسة في بعض الجامعات الأوروبية".