الصورة من كفرومة، الخميس 30 أيار 2019/ وكالة الصحافة الفرنسية
الصورة من كفرومة، الخميس 30 أيار 2019/ وكالة الصحافة الفرنسية

قتل نحو 950 شخصا ثلثهم من المدنيين خلال شهر من التصعيد العسكري المستمر في محافظة إدلب ومحيطها شمال غرب سوريا، وفق ما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، الجمعة.

وبين القتلى 288 مدنيا ضمنهم 67 طفلا قتلوا في الغارات الجوية السورية والروسية فضلاً عن القصف البري لمناطق سيطرة الفصائل جنوب إدلب والمناطق المجاورة.

ووثق المرصد مقتل 369 مقاتلا متشدداً ومعارضاً على الأقل بينهم 204 من هيئة تحرير الشام ومجموعات أخرى جراء القصف الجوي والاشتباكات.

في المقابل، قُتل 269 عنصراً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، حسب ما ذكر المرصد.

كما وصل عدد النازحين منذ بداية التصعيد في شباط/فبراير الماضي، إلى 270 ألفاً، وفق أرقام الأمم المتحدة.

"عنف وحشي غير مبرّر"

بدورها، حذرت المديرة العامة لمنظمة "اليونيسف"، هنريتا فور، من أن "عشرات آلاف الأطفال شمال غرب سوريا يواجهون مخاطر وشيكة بالتعرض للإصابات أو الموت أو النزوح بسبب تصاعد القتال".

وقالت في بيان صحافي إن "العنف تصاعد خلال الأيام القليلة الماضية، خاصة في قرى شمال حماة وجنوب إدلب. ما اضطر الكثير من الأسر لمغادرة ديارها مرة أخرى، فيما لم تتمكن أسر أخرى حوصرت بالقتال من الانتقال إلى مناطق آمنة".

إدلب.. معركة سوريا الأخيرة تقترب؟

كما ورد في البيان أن 30 مستشفى تعرضت للهجمات، ودفع تصاعد العنف بعض شركاء اليونيسف في مجال الصحة إلى وقف عملياتهم المنقذة للحياة.

واضطر حوالي 43 ألف طفل إلى ترك مدارسهم، كما أُجلت الاختبارات النهائية في بعض مناطق إدلب بما يؤثر على تعليم 400 ألف تلميذ.

ووصفت فور ما يجري في محيط إدلب وحماة بـ"العنف الوحشي غير المبرر"، مضسفةً "الأطفال لا يتحملون مسؤولية هذه الحرب، ولكنهم أكثر من يعانون من عواقبها".

وعبر حسابه الرسمي في تويتر، نشر "الدفاع المدني السوري" التابع للمعارضة السورية ويُعرف بـ"الخوذ البيضاء"، مقاطع فيديو تظهر عمليات إنقاذ لأطفال في "معرّة النعمان" جنوب إدلب.

​​

​​وربط بعض المغرّدين ما يجري في #إدلب والأزمة التي أثارتها إحدى حلقات المسلسل الكوميدي السوري "كونتاك"، الذي يبث خلال موسم رمضان الحالي.

وبنيت الحلقة على اعتبار أن عمليات الإنقاذ التي قام بها متطوعو "الخوذ البيضاء" مفتعلة وتمثيلية بعيدة عن الحقيقة. 

​​

وانصب غضب المتفاعلين مع الحلقة على نجمة العمل، الفنانة أمل عرفة، التي نشرت اعتذاراً في حسابها الرسمي في إنستاغرام، مع إلغائها خيار التعليق أسفل المنشور.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

أعتذررررر لأي سوري فتحنا له جرحا أو ألماً بحلقة البارحة من مسلسل كونتاك . وصلتني رسائلكم .. وقرأتها .. ولن أنشرها ليس لما تحتويه من شتائم . بل لأنها من الواضح كم تحمل أوجاعاً وآلاماً لم أخلق للحظة كي أستهين بها. سبق وقلت ان كان دمي سيوقف النزيف على ارض بلادي ف أهلا بالموت. والآن وبعد سنوات أعيد ما قلت ومن دمشق وليس من خارجها . أكرر اعتذاري وأعيد قدم أصغر طفل سوري بسياسات الكون . ومن دمشق وليس خارجها . ولو أننا كممثلين عرفنا كيف سيتم مونتاج هذه اللوحة وربط الأحداث ببعضها سيكون على هذا الشكل لكنا طالبنا بعدم عرضها من الأساس . أعتقد أنه كان من حق الألم السوري أن تحذف هذه اللوحة جملةً وتفصيلاً حفاظاً على مشاعر السوري أينما كان وكيفما كانت مواقفه. عندما صورت هذه اللوحة كان المقصود بها البعض ممن تلاعبو بتزييف حقائق .. وليس الاستهزاء لثانية من الموت او من الفواجع التي ألمت بالكثيررررررر . أنا فقدت شهداء من عائلتي واعرف ما تعني هذه الكلمة . كان علينا أن نتروى أكثر قبل أن نقوم بتصويرها ( رغم انها ظرف توضع به الشخصيات) ... أكرر اعتذاري بعد التوضيح . #أمل_عرفة

A post shared by Amal Arafa (@amal_arafa) on

​​أما حسابها في "فيسبوك" فطاله سيل كبير من التعليقات الجارحة والمسيئة، بسبب الحلقة. 

تعطّل مناحي الحياة

التقى مراسل (ارفع صوتك) مع بعض الأهالي في قرى تابعة لمعرّة النعمان، بريف إدلب، الذين أخبروه عن الأوضاع العامة تحت القصف.

من قرية "حاس"، يصف أحمد قلعجي الأحوال بأنها "صعبة ومأساوية، والأغلبية نزحوا".

وقارن قلعجي الأوضاع بين العام الماضي واليوم في موسم رمضان، إذ أدّى النزوح وقلّة الموارد وتعطّل الناس عن العمل إلى قلّة البيع والشراء في مشروبات وأطعمة خاصّة مرتبطة بشهر الصيام.

​​

عن النزوح، يقول ياسر العقدة من "كفرومة": "اليوم (الخميس) ضربونا 9 غارات (قصف جوّي)، أنا لا أستطيع النزوح لأنني لا أملك أجرة السيارة التي ستنقلني إلى المخيمات" يتبعها بـ"لله المشتكى".

يضيف العقدة "الكل حنزح، ما في خبز، مش عارفين إيش نسوّي".

إدلب.. "تحرير الشام" تستحوذ على المساعدات الإنسانية

ومن أمام متجره لبيع الأدوات المنزلية، في "كفرنبل" يقول ناهل الداني، إنه يرفض النزوح "سنظل شوكة في حلق بشار، وسنموت هنا".

ويشكو نقص الأدوية حتى أنه بات من الصعب إيجاد حبوب لعلاج الصّداع، كما أن البيع متوقف في محلّه، وبيته خال من الطعام، فيذهب للفطور (بعد الصوم) مع  أقاربه. 

 

 

مواضيع ذات صلة:

العملة السورية فقدت نحو سبعة في المئة من قيمتها
الموظفون باتوا يقبضون رواتبهم بأكياس بعد فقدان الليرة السورية لقيمتها- أرشيفية

حمل أحمد. د، وهو مدرّس تابع لمديرية التربية بدمشق، أكياساً مليئاً بالأوراق النقدية السورية من فئة 200 ليرة بعد ان قبض راتبه من محاسب المديرية. هذه الأموال التي تبدو لوهلة كأنها تساوي ثروة، ليست لها قيمة تذكر، "حتى الأولاد عندما يجدون في الأرض عملة من فئة 200 ليرة لا يلمّونها، لأنها أصلاً لا تساوي شيئاً، ولا يمكن أن تشتري لهم حبة علكة صغيرة".

معاناة أحمد ليست فردية، بل إن الكثير من زملائه يعانون من أزمة تتعلق بقبض رواتبهم بالعملة السورية المنهارة، و"بعض محاسبي المديرية يفرضون على الموظف في بعض الأحيان استلام الراتب من فئة الـ 200 ليرة"، وهذا يرتّب عليهم أن يخرجوا، كما يقول أحمد، "بعد استلام الراتب وقد حملنا عدة أكياس مليئة بالنقود المكدّسة". والمشكلة، بحسب أحمد، أن "الباعة والتجار لم يعودوا يقبلون منا هذه الفئة، ما يُدخلنا في دوّامة تصريف المبلغ في شراء الحاجيات اليومية".

 تنعكس الآثار السلبية لانخفاض قيمة الليرة السورية وارتفاع التضخم إلى مستويات تاريخية، على السكان الذين يعيشون في مناطق النظام السوري.

صعوبة تداول الفئات الورقية من الليرة السورية التي تترواح بين فئة الخمسين ليرة إلى فئة الخمسة آلاف ليرة، بدت كإحدى المظاهر اللافتة للأزمة المعيشية السورية، بينما ظهرت منذ عامين شائعات حول إصدار فئة الـ 10 آلاف، إلا أن النظام امتنع عن القيام بهذه الخطوة، في مسعى لإقناع السكان أن حالة انهيار العملة طارئة، في ظل الهلع الاقتصادي الذي يثيره إصدار ورقة نقدية بهذه القيمة المرتفعة.

عمليات عدّ مُضنية

أمام هذا الواقع، تبرز لدى السوريين مشكلة التعامل بهذه الفئات الورقية، القليلة نسبياً مقارنة بارتفاع الأسعر، الذي بات يطاول أبسط حاجات السوريين اليومية.

عبد الرحيم حاج محمد يملك مخزناً لتجارة الجملة والمفرق في منطقة البرامكة وسط العاصمة السورية دمشق، يقول إن ضعف العملة الورقية باتت تشكّل أزمة حقيقية، سواء للزبائن أو للعاملين في المتجر، وتبدو المشكلة للعاملين أكبر وأكثر تعقيداً.

يقول حاج محمد لـ"ارفع صوتك"، إن الزبائن يأتونه لأخذ بضاعة لمحلاتهم الصغيرة، وتبلغ قيمة بعض الفواتير العادية عشرات ملايين الليرات، فيما أكبر ورقة متاحة في البلاد هي 5000، يضيف: "تخيّل أن يكون ثمن البضاعة 50 مليوناً أو 100 مليون، يأتينا الزبائن يحملون مبالغهم في أكياس وحقائب، وليست هنا المشكلة، المشكلة تكمن في عدّ هذه المبالغ الذي يستغرق أحياناً نصف ساعة رغم وجود العدّاد الآلي".

    يتابع التاجر السوري أن المشكلة الأعظم عندما يأتي الزبون بعملات من فئة 2000 أو 1000 مثلاً، "حينها يجب أن أترك عملي وأمضي نهاري في العدّ"، وفق ما يقول، ويكمل مُتندّراً: "ليت التجار يتّفقون على وزن كل مبلغ من كل فئة، هذا سيوفّر علينا بالتأكيد جهداً ووقتاً كبيرين".

الحال التي يتحدّث عنها حاج محمد لا تختلف عن وضع بقية التجار وأصحاب المحال الصغيرة كذلك، الذين يجب عليهم عدّ مبالغ كبيرة أيضاً خلال دقائق معدودة أمام الزبون.

 

وفي ظل هذا الواقع أكد مصرف سورية المركزي مجدداً عدم وجود نية لديه بإصدار ورقة نقدية بتصميم جديد أو فئة جديدة، وذلك على خلفية ما يتم تداوله عن إصدار فئات نقدية جديدة من فئة الـ10 آلاف ليرة، وفق ما قالت صحيفة "الوطن" المحلّية.

 

اختفاء الفئات النقدية الصغيرة

ارتفاع الأسعار الكبير في الأسواق السورية فرض واقعاً على السكان حول التعامل فقط بالفئات النقدية 500 و 1000 و 2000 و 5000، بينما تغيب عن الأسواق الفئات 50 و 100 و 200 في ظل صعوبة التعامل بها في البيع والشراء، نظراً لتراجعها إلى مستويات تجعلها من دون قيمة تذكر.

ونقلت صحيفة "الوطن" عن الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة حلب حسن حزوري، قوله، إنه "كلما ازداد التضخم تصبح الفئات النقدية الصغيرة لا قيمة لها، وبالتالي فإن السوق بحاجة لإصدار فئات نقدية جديدة، بديلة عن العملات التالفة أيضاً، ولتخفيف عبء حمل أكياس نقود بأوزان كبيرة، فأغلبية الباعة مهما كان اختصاصهم أصبحت لديهم عدادة نقود أو أصبحوا يكيلون الرزم النقدية على الميزان بدلاً من عدّها".

ويشير حزوري إلى أن المصرف المركزي "يبرر بشكل دائم عدم وجود نية بإصدار فئات نقدية كبيرة لأنه يسعى إلى استبدال الدفع النقدي بالدفع الإلكتروني، ولكن هذا الأمر صعب المنال نوعاً ما في الوقت الحالي لعدم وجود بنى تحتية مجهّزة".