بلال عبدالكريم، الصورة من صفحته الرسمية في فيسبوك
بلال عبدالكريم، الصورة من صفحته الرسمية في فيسبوك

 يظهر في بث مباشر عبر "فيسبوك"، ينضم لبثه شاب من لندن يحدثه من أمام مسجد عن رمضان هناك وعن الأواصر القوية بين المسلمين خلال هذا الشهر، وكلاهما يحث على التبرعات النقديّة من المتابعين لتحصيل 4000 دولار، دعماً لوكالة أنباء من داخل الأراضي السورية، هو صاحبها.

وصفته صحف ومواقع إعلامية غربية بــ"المتشدد ومروّج للأجندة الجهادية" كما اعتبره الممثل الدائم لسوريا في الأمم المتحدة، بشار الجعفري من "الإعلاميين المرتزقة المروجين للإرهاب ومراسلاً لتنظيم جبهة النصرة الإرهابي".

​​صحيفة "الغارديان" البريطانية عرّفته بـ"الناشط المدني"، في تقرير نشرته الشهر الماضي، حول استهداف مراسلة "سكاي نيوز" وفريقها في إدلب.

من هو بلال عبدالكريم؟

اسمه الأصلي قبل أن يغيّره لبلال بعد تحوّله للإسلام، هو داريل لامونت فيليبس،  ترعرع في مدينة "ماونت فيرنون" بولاية نيويورك الأميركية، وعمره 47 عاماً، لديه خمسة أطفال، ويقيم في سوريا منذ ثلاث سنوات.

 

يتابعه أكثر من 300 ألف شخص عبر مواقع التواصل (فيسبوك، يوتيوب، تويتر)، ويُعتبر مصدر معلومات ميداني في سوريا لوسائل إعلامية عربية وغربية عدة مثل "سكاي نيوز"

ادّعى عبدالكريم، أنه تعرّض لخمس محاولات اغتيال تقف وراءها الحكومة الأميركية، بالإضافة لمحاولات اغتيال أخرى من قبل قوات النظام السوري، عبر غارات جويّة. 

ويعتقد أن "الولايات المتحدة خَلُصت إلى أنه إرهابي بسبب تواصله مع جهاديين في تغطيته للأزمة السورية".

وبسبب انتقادات عدة لتعاونها معه في إعداد فيلم وثائقي بعنوان "Undercover in Syria"، حاولت CNN النأي بنفسها عن عبدالكريم، الذي يُشتبه بارتباطه بتنظيم القاعدة بسبب تواصله المستمر والترويج لعناصر من "جماعة النصرة" المحسوبة على التنظيم (اقرأ من المصدر).

تعرف الجبهة اليوم باسم "هيئة تحرير الشام"، وتصنفها الولايات المتحدة جماعة إرهابية.

​ما الذي يُقدّمه للجمهور؟ 

وفي قناة اليوتيوب "OGN" التي يديرها عبدالكريم، ويجمع التبرعات النقدية لصالحها  كما ذكرنا آنفاً، نجد الكثير من المقابلات مع جهاديين في تنظيمات تعتبر إرهابية، يتغنى بعضهم بالجهاد ويحث المسلمين على القدوم لسوريا من أجله، ويتعاملون بمفهوم "المؤمنين والكفّار" في حربهم ضد النظام السوري وحلفائه من الرّوس والإيرانيين.

كما نجد أغلب التعليقات داعمة لمفاهيم الجهاد، كما تظهر هذه المقابلة مع أمير جماعة "جنود الشام" أبو وليد الشيشاني، تم تعريفه بأنه "مخضرم" بسبب مشاركته في حرب الشيشان مع روسيا (1994-1996).

​​وقبل دخوله عالم الصحافة، كانت لعبدالكريم محاولات في العمل الكوميدي، نراها جليّة في العديد من مقاطع الفيديو الساخرة التي ينشرها في نقد قيادات عربية وغربية. 

ونلحظ وجود شبكة من المراسلين الميدانيين التابعين لوكالة عبدالكريم "أخبار على الأرض On the Ground News"، ويبدي تعاطفاً ملحوظاً مع التنظيمات الجهادية. 

وإذ بدأ عبدالكريم عمله في تغطيات إخبارية من حلب، ينشط اليوم في تغطية عمليات التصعيد في إدلب، من خلال التواجد في معاقل المعارضة المسلّحة، منها الجهادية، بالإضافة إلى التقارير المنزلية التحليلية لسير النزاع على مختلف الجبهات المشاركة.

كيف يدافع عن نفسه؟

رداً على اتهام بشار الجعفري لعبدالكريم، كان هذا الفيديو الذي نشره في جميع الصفحات التي يديرها في مواقع التواصل:

​​ورفض عبدالكريم ما أوردته عنه قناة "العربية" السعودية، إذ "نسبت أقوال جهاديين له رغم أنها تصريحاتهم التي تعبر عن آرائهم فقط، وما هو سوى ناقل"،  كما نفى علاقته كمراسل لقناة "الجزيرة" القطرية، موضحاً أنها لا تتجاوز استضافته مرات عدة بوصفه "محللاً" أو نشره بعض المقالات فيها.

ورداً على سهولة تنقله في سوريا بين معاقل المعارضة المسلّحة وإجراء مقابلات حصرية مع بعض القيادات الجهادية أو المحسوبة على جبهة النصرة الإرهابية، وعدم تعرّضه للخطف أو القتل كما طال بعض الصحافيين، قال عبدالكريم: "كل شيء على الكاميرا يبدو نظيفاً لامعاً، ها أنا أرتدي هذا القميص النظيف أمامك مع ذقن مهذّب، لكن من يعرف كيف وصلت هنا؟" مشيراً إلى الجروح والإصابات بالعيارات النارية أو شظايا القنابل في جسده. 

وأضاف عبر مقابلة مصورة معه "الناس يتخيلون لا مشاكل في تنقلي لكن لا يشعرون بعظامي المتكسرة، لكني قررت البقاء هنا لأن هذا الفعل الصحيح، لنقل أخبار أًيلة غير مزيفة من قلب الأحداث".

أما عن ربطه بتنظيم القاعدة "أنا لست كذلك، لم أكن كذلك، ولا أحتاج أن أكون جزءاً من القاعدة"، مؤكداً على وجود احترام متبادل بينه وبين المقاتلين في "تحرير الشام".

ويحرص عبدالكريم على إبراز أن المعارك الدائرة بين النظام وحلفائه من جهة والمعارضة المسلحة (جماعات جهادية وغير جهادية) من جهة أخرى، هي معركة بين "الإسلام والكفر- المسلمين والكافرين".

​​  

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".