نورا الجيزاوي في جامعة تورنتو- الصورة من موقع الجامعة
نورا الجيزاوي في جامعة تورنتو- الصورة من موقع الجامعة

قبل أن تنطلق الحافلة التي ستنقلها من دمشق إلى حلب، أواخر آذار/مارس 2012، قدم أربعة أشخاص مسلّحين بزي مدني نحو نورا الجيزاوي، وجّهوا مسدساتهم إلى رأسها، وقالوا "هاتي هويتك (البطاقة الشخصية)".

اقتيدت الجيزاوي إلى مكان مجهول، وأغلقت عليها زنزانة انفرادية، مكثت فيها 40 يوماً. 

تقول في مقابلة نشرتها جامعة تورنتو "اجتاحوا بيتي، أخذوا مني كل شيء. أرادوا إفراغي من الذكريات". 

السبب؟ نشاطها في الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد، فقد كلّفها الاحتجاز بلا محاكمة سبعة شهور. وتعرضت خلال التحقيق للتعذيب مثل الصعق بالكهرباء، وإجبارها على رؤية سجين آخر يتعذب، عدا عن شهادتها الحية لمقتل عدد من أصدقائها الذين شاركوا في الثورة، على يد قوّات النظام. 

في حينه، أطلق نشطاء في "تويتر" هاشتاغ #Freedom4Noura

بداية الرحلة 

بعد إطلاق سراحها هربت الجيزاوي إلى تركيا، وهناك أنشأت منظمة لمساعدة الناجين من التعذيب في سجون النظام خصوصا النساء، ثم أصبحت النائبة لرئيس ائتلاف المعارضة السورية، وكانت من نساء قليلات عشن لحظات المواجهة مع فريق المفاوضات الذي يمثل الأسد، لتجلس "عيناً بعين قُبالة عدوّها"، وفق مقال نُشر في موقع جامعة تورنتو.

​​قررت الحصول على شهادة الماجستير في العلاقات الدولية، تقول الجيزاوي "كل ما أؤمن به يمس قضايا عالمية. ما حدث في سوريا لا يخصّ أهالي البلد وحدهم، إنه شأن عالمي".

وتضيف  في المقابلة المصوّرة التي نشرتها جامعة تورنتو في موقعها الرسمي "الثورة السورية لم تكن ملهمة للسوريين فقط بل أصبحت مصدر إلهام للعالم". 

 

من الثورة إلى الدراسة 

خلال نشاطها في الثورة السورية، تعرّض البريد الإلكتروني للجيزاوي إلى محاولة اختراق، أحبطها باحثون في مختبر "سيتيزن" بكليّة "مونك" للعلاقات الدولية، التابعة لجامعة تورنتو. 

وكشف الباحثون في حينه أن المحاولة كانت جزءاً من حملة تجسس إلكترونية متقنة على نشطاء الثورة، انطلقت من إيران. 

يذكر أن مختبر "سيتيزن" متعدد التخصصات، ويركز على البحث والتطوير والسياسة الإستراتيجية رفيعة المستوى والمشاركة القانونية عند تقاطع تكنولوجيات المعلومات والاتصالات وحقوق الإنسان ، والأمن العالمي".

بعد هذا التعاون بين الجيزاوي وCitizen Lab، دعاها المعهد للمشاركة في ورشة عمل صيفية عام 2017 تتعلق بالأمن الإلكتروني وحقوق الإنسان.

وقبل الهجرة من سوريا، كانت الجيزاوي تدرس الماجستير في الأدب المقارن، إلا أنها لم تحصل على الشهادة، فقبل عرض الأطروحة، تم احتجازها، ثم احتجاز المشرف على أطروحتها بعدها، من قبل قوات النظام السوري.

التحقت بجامعة تورنتو عام 2017 لإتمام الماجستير في العلاقات الدولية، بواسطة برنامج تخصص الجامعة لـ"العلماء المعرّضين للخطر".

بدأت الدراسة وهي حامل في شهرها السابع، وأنجبت أثناء الدراسة، وكانت تحضر طفلتها معها إلى الحصص، فيداعبها زملاء الدراسة "طفلة العلاقات الدولية MGA". 

تقول الجيزاوي "قررت تحدي نفسي، حاولت تجنب أي شيء يركز على سوريا، أو أي قضايا مرتبطة بالعدالة وحقوق الإنسان".

الرغبة في التغيير، دفعت الجيزاوي إلى دراسة "الابتكار والذكاء الاصطناعي" تتويجاً لشهادتها في العلاقات الدولية،  وإضافة لذلك، تدرس برنامج الملاريا في غينيا، ومن المقرر أن تسافر إليها هذا الصيف لإجراء البحوث الميدانية.

"إنها رحلتي الأولى إلى إفريقيا"، تقول الجيزاوي، مضيفةً "المرة الأولى أيضاً في القضايا الصحيّة. كل شيء جديد".

تخطط الجيزاوي لتسلّم شهادة التخرّج بصحبة طفلتها، تقول "في اللحظة التي أحمل  شهادتي، أهزم الديكتاتوريين في سوريا، فهذه رسالة لهم: لا يمكنك هزيمتي. أنا من سيفوز".

ولا تزال الجيزاوي تناضل من أجل حقوق السوريين النازحين داخل سوريا، وتتمنى أن تستفيد من دراستها في بناء سوريا المستقبل.​

 

مواضيع ذات صلة:

صورة أرشيفية لطالبات في إحدى الجامعات السورية
صورة أرشيفية لطالبات سوريات في جامعة "البعث" بمدينة حمص- تعبيرية

شهد العام الدراسي الحالي في سوريا ارتفاعاً باهظاً جداً في تكاليف الدراسة بالجامعات الخاصة، التي بات الالتحاق بها شبه مستحيل بالنسبة إلى غالبية فئات المجتمع السوري، وحكراً فقط على طبقة الأثرياء أو الوافدين من خارج البلاد.

قالت مواقع سورية محلية إن رسوم الجامعات الخاصة في سوريا، ارتفعت للعام الدراسي 2023-2024، بنسبة 70 بالمئة، في ظل دهشة كثير من الطلاب وذويهم، الذين اضطُرّوا إلى إلغاء تسجيل أبنائهم فيها، بعد وصول الأسعار إلى "مستوى غير منطقي"، وفق تعبيرهم.

محمد مبيّض (56 عاماً) لديه متجر صغير لبيع الحلويات في منطقة جديدة عرطوز في ريف دمشق، يقول إنه أنفق الملايين بغية دخول ابنه إلى كلية الطب البشري، غير أن المجموع العام لم يسمح له بدخول الفرع الذي يحلم فيه، لا من خلال التعليم العام، ولا من خلال التعليم الموازي، ولذلك "بدأنا نفكّر بإمكانية تسجيله في جامعة خاصة، رغم التكلفة العالية، لتحقيق حلمه وحلمي أنا ووالدته"، على ما يقول محمد لـ"ارفع صوتك".

يتابع مبيّض أنه سأل بعض المعارف والأصدقاء عن التكلفة فكانت في مستوى عالٍ جداً، لكن المفاجأة كانت في الأسبوع الأول من سبتمبر الحالي، حين أذهلته الأسعار الجديدة، حتى إنه اضطُرّ إلى إلغاء الفكرة كلياً، ويقول: "وفقاً للأسعار الجديدة، استطيع أن أرسال ولدي للدراسة في جامعة عربية مرموقة وتبقى الكلفة أقلّ .. الجامعات الخاصة هنا باتت مخصصة فقط لكبار الأثرياء، هم الوحيدون القادرون على إدخال أبنائهم إليها".

أسعار جنونية

وفقاً لموقع "سناك سوري" المحلي، فإن الارتفاع الأكبر في تكلفة الدراسة بالجماعات الخاصة كان من نصيب الكليات الطبية، مثل الطب البشري والأسنان والصيدلة. حيث باتت كلفة السنة الدراسية الواحدة في الطب البشري 19 مليون و740 ألف ليرة، ليصل المبلغ إلى 118 مليون و440 ألف ليرة (يعادل نحو 9 آلاف دولار وفقاً لسعر الصرف الحالي في أسواق العاصمة) لست سنوات هي مدّة الاختصاص.

أما طب الأسنان فكلفة السنة الدراسية وصلت إلى 15 مليون و300 ألف ليرة، لتصل إلى 77 مليون ليرة لكلفة السنوات كلها، أما الصيدلة فكلفة السنة الواحدة 13 مليوناً و500 ألف، وتصل إلى 67 مليوناً و500 ألف في عموم السنوات.

وفيما يخص الطلاب الأجانب أو الطلاب السوريين غير المقيمين، فبلغت أجور الساعة الواحدة في كليات الطب البشري 250 دولاراً، و200 دولار لطب الأسنان، و175 دولاراً للصيدلة وكل الاختصاصات الأخرى. هذا بالنسبة للطلاب الأجانب والعرب، أما الطلاب السوريون غير المقيمين، فباتت كلفة ساعة الطب البشري 170 دولاراً، والأسنان 150 دولاراً، والصيدلة 130 دولاراً.

ووفقاً للأسعار السابقة، تصبح كلفة دراسة الطبّ بالنسبة للطالب السوري غير المقيم 7140 دولاراً في الطب البشري بمعدل 42 ساعة دراسية خلال العام الدراسي، لتصل كلفة سنوات الدراسة الستة إلى 42 ألفاً و840 دولاراً. وفي الصيدلة 4680 دولاراً بمعدل 36 ساعة دراسية بكل موسم، لتصل إلى 23 ألفاً و400 دولار لسنوات الدراسة الخمس، وفي طب الأسنان 5400 دولار بمعدل 36 ساعة دراسية بالسنة الواحدة، لتصل كلفة سنوات الدراسة الخمس إلى 27 ألف دولار.

سوريا
"قرارات تكبّل الأحلام".. لا شهادات لخريجي جامعة دمشق إلا بموافقة أمنية
أصدرت رئاسة جامعة دمشق نهاية الشهر الفائت، قرارًا يقضي بعدم منح "كشف علامات" أو "مصدقة تخرج" لطلاب سنة التخرج في عدد من كلياتها، إلا بعد إبرازهم بيانًا تفصيليًا صادرًا عن مديرية “الهجرة والجوازات” تتضح فيه حركة القدوم والمغادرة من

خاصّة الخاصّة

صحيفة "الوطن" السورية المقرّبة من النظام، وصفت الدراسة بالجامعات الخاصة في سوريا بأنها باتت لـ "خاصة الخاصة"، أي إن الأسعار يعجز عنها حتى بعض الذين يُعدّون من ميسوري الحال.

ونقلت "الوطن" عن "مصدر مطلع" تصريحات برّر فيها رفع الرسوم بأنها نتيجة ارتفاع تكاليف ومستلزمات العمل، خصوصاً المحروقات، إضافة إلى النقل والخدمات الأخرى.

وأوضحت الصحيفة أن القرارات تنطبق على الطلاب المستجدّين اعتباراً من الموسم الدراسي 2023-2024، بينما يستمر الطلاب المسجّلون بالأعوام السابقة بتسديد الرسوم والأقساط التي دخلوا الجامعة على أساسها.

وتعدّدت تعليقات السوريين على الأسعار الدراسية الجديدة، وعبّرت في مُجملها عن أن الأشخاص الذين وضعوا الأسعار "يعانون من حالة انفصال عن الواقع"، وأن التكلفة بالنسبة للطلاب الأجانب والعرب وغير المقيمين "تعادل أو تزيد على أسعار الدراسة في بعض الجامعات الأوروبية".