المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية
المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية

تحل هذه الأيام الذكرى الخامسة لمقتل ما لا يقل عن 1500 شخص من الطلبة غير المسلحين من سلاح الجو العراقي، على يد عناصر من داعش، خارج أكاديمية تكريت الجوية والمعروفة سابقا باسم معسكر سبايكر. 

خلال مؤتمر صحافي، قال فرحان حق، المتحدث باسم الأمم المتحدة، الأربعاء، إن "رئيس فريق التحقيق الأممي لتعزيز المساءلة عن الجرائم التي ارتكبها داعش، كريم أسد أحمد خان، أصدر بيانا في ذكرى من قتلوا في تلك المذبحة، بالإضافة إلى العديد من المسيحيين والإيزيديين والسنة والشيعة والتركمان والكاكائيين وجميع المجتمعات الأخرى التي استهدفها داعش". 

وفي بيانه، قال خان إن "الأمم المتحدة تنشر مواردها الفنية والقانونية والتحقيقية عملا بقرار مجلس الأمن رقم 2379 لعام 2017، إذ يتم تحقيق المساءلة حيال الجرائم التي ارتكبها داعش التي قد ترقى إلى جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية أو الإبادة الجماعية". 

قرار مجلس الأمن رقم 2379 لعام 2017

​​وكانت ألمانيا حاكمت ألمانية متهمة بجريمة حرب وقتل، بعدما تركت فتاة أيزيدية تموت عطشا في العراق، في أول محاكمة من هذا النوع لعضو في تنظيم داعش.

محاكمة ألمانية داعشية تسببت في موت طفلة أيزيدية

في هذا السياق، نشرت صحيفة "ديلي بيست" الأميركية، عن داعشي مشتبه بضلوعه في مذبحة الطبقة عام 2014، وهو متهم بارتكاب جرائم حرب بالإضافة إلى دوره في نشاطات إرهابية. 

ماذا حصل في الطبقة؟

عام 2014، أعدم تنظيم "داعش" 250 جندياً سورياً قرب معمل القرميد في الرقة، كانوا يحاولون الفرار من محيط مطار الطبقة العسكري شمال سوريا، حيث أسرهم التنظيم.

وبث التنظيم الإرهابي في حينه فيديو عبر حساباته في مواقع التواصل، يُظهر عشرات الأجساد العارية جثثاً على الأرض، أكد التنظيم أنها لـ250 جندياً في الجيش السوري.

أحد المشتبه في تنفيذهم هذه الجريمة، يُدعى عبد الجواد خلف، وهو سوريّ هرب قبل سنوات إلى ألمانيا، لكنه وقع بيد السلطات الأمنية.

يواجه خلف اليوم منذ 2017 اتهامات الادّعاء الألمان بارتكاب جرائم حرب ونشاطات إرهابية، لكن أي تفاصيل لم تُنشر بعد.

هل أُدينَ خلف؟

وفق المدّعين الألمان، شكل خلف وحدته القتالية التي أطلق عليها "كتيبة محمد بن عبد الله" عام 2012 وخاضها تحت قيادة جبهة النصرة التي تعهدت بالولاء للقاعدة أواخر عام 2013.

وكان عضو من داعش وهو لاجئ سوري اسمه صالح الغضبان، سلّم نفسه للسلطات الفرنسية عام 2016، وخلال التحقيق اعترف بالانتماء إلى تنظيم داعش، وحدد خلف وآخرين كجزء من خلية تخطط لهجمات في ألمانيا.

وقال الغضبان إنه  قاتل في الطبقة عام 2013 مع جماعة مسلحة انضمت لاحقاً إلى داعش وعرف الكثير من المقاتلين الذين يقاتلون هناك، بما في ذلك خلف.

بناء على اعترافاته، ألقت الشرطة الألمانية القبض على ثلاثة رجال في حزيران/ يونيو 2016، لكن قصة الغضبان سرعان ما انهارت؛ إذ قال إنه اختلق كل قصة اعترافه "لضمان اللجوء في فرنسا"، وفق "ديلي بيست".

لكن التحقيق مع خلف لم ينته هنا، إذ ظهر اعتراف آخر من طالب لجوء في ألمانيا عرف باسم "الحاز"، قال إنه " قاتل في وحدة خلف داخل سوريا، وقدّم تفاصيل عضويتها وعملياتها.

وقادت معلومات "الحاز" السلطات إلى شاهد آخر في هولندا، تم التعريف عليه فقط باسم "الشاهد 1"، وعمل كرئيس لمنفذ إعلامي للمتمردين في الطبقة، حيث وقعت المذبحة.

وأضاف أنه "كان عضواً في داعش وحدد خلف وغيره كمشاركين مفترضين في مؤامرة لتنفيذ هجوم على طراز باريس في دوسلدورف مع مفجرين انتحاريين يرتدون أسلحة"، وفق "ديلي بيست".

وقال "الشاهد 1" للشرطة إنه "شاهد المجزرة بعد أن طلب منه المسلحون تصوير عمليات الإعدام، لكنه رفض. أثناء ذلك رأى خلف يقوم بإعدام السجناء ويوجه رجاله للانضمام إليه".

وتتلقى السلطات الألمانية مساعدة من نظيرتها الأميركة في جمع أدلة تثبت تورّط خلف في الجرائم المنسوبة إليه.​

يُذكر أن وكالات إنفاذ القانون الأوروبية تواجه عبء العمل المتزايد في قضايا جرائم الحرب، حيث سعى العديد من مجرمي الحرب المشتبه بهم للاختباء بين اللاجئين الفارّين من العراق وسوريا.

مواضيع ذات صلة:

FILE - Children gather outside their tents at the al-Hol camp, which houses families of members of the Islamic State group, in…
أطفال يلهون أمام خيامهم في معسكر "الهول"- أرشيفية

قررت 11 امرأة و30 طفلاً أستراليين محتجزين في مخيم "الهول" رفع دعوى قضائية ضد حكومة بلادهم للضغط من أجل إجبارها على إعادتهم إلى وطنهم.

ولا ترفض أستراليا استعادة مواطنيها المحتجزين في معسكرات اعتقال "عائلات داعش" لكنها تتبنّى سياسة بطيئة في هذا الشأن أسفرت عن استعادة 4 نساء و13 طفلاً العام الماضي فقط.

وسبق وأن اهتزَّ الرأي العام الأسترالي بأنباء معاناة عددٍ من الأطفال الأستراليين داخل المخيم، مثل الطفل يوسف ذي الـ11 عاماً الذي أصيب بالسُل ومات متأثراً به، وفي 2021 تعرضت فتاة أسترالية لمحنة مرضية صعبة بسبب سوء التغذية، وقبلها بعامٍ أصيبت طفلة في الثالثة من عُمرها بـ"قضمة صقيع" في أصابعها بسبب البرد القارص الذي اجتاح المخيم.

بسبب عملية الاستعادة الأخيرة تلك قرّرت مجموعة النساء الأستراليات رفع دعوى قضائية أمام المحكمة العُليا في ملبورن، يُطالبن فيها بإصدار "أمر إحضار" للحكومة لإنقاذهن من "الظروف البائسة والمروعة" التي يعشن بها منذ سنوات.

أعادت تلك القضية تسليط الضوء على الأوضاع المزرية التي تعيشها آلاف النساء والأطفال داخل مخيمات تقع في الأراضي السورية وتفتقر لأدنى متطلبات الحياة الإنسانية، إلى درجة دفعت وسائل إعلام عالمية إلى وصفه بأنه "غوانتانامو جديد في سوريا".

بداية الأزمة

نشأت مشكلة مخيم "الهول" عقب نجاح التحالف الدولي الذي قادته الولايات المتحدة في إنهاء دولة داعش التي امتدّت حدودها إلى شمال شرق سوريا.

بدءاً من شهر فبراير 2019 جرت عملية اعتقال واسعة بحق زوجات وقريبات وأطفال مقاتلي "داعش" الذين ماتوا في المعارك أو فرّوا إلى جبهات قتال أخرى.

الآن يعيش في مخيميْ "روج" و"الهول" قرابة 10 آلاف مواطن أجنبي ينتمون إلى 60 دولة تقريباً وتزيد نسبة الأطفال فيهما عن 60%.

أكثر من 80% من هؤلاء الأطفال أعمارهم تقلّ عن 12 عاماً فيما تبلغ نسبة الذين بلغوا الخامسة أو أقل قرابة 30%، وهو ما يعني أن بعضهم قضى أغلب حياته -أو حياته كلها- داخل المخيمات.

تقع هذه المخيمات في منطقة الإدارة الذاتية التي يديرها الأكراد بمعزلٍ عن سيطرة الحكومة السورية. مراراً أعلنت السُلطة الكردية أنها عاجزة عن إيواء هذا العدد الضخم من قاطني المخيّم وطالبت الدول الأجنبية العمل على إعادة مواطنيها إلى بلادهم.

رحلة العودة الصعبة

منذ 2019 أعادت بعض الدول مثل الدنمارك وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة وأوزبكستان وغيرها جميع مواطنيها -أو أغلبهم على الأقل- إلى أراضيها.

في بداية العام الماضي وافقت الدنمارك على السماح للأطفال بالعودة إلى بلادهم لكن دون أمهاتهم حيث اعتبرتهن خطراً على أمنها القومي.

دولٌ أخرى تبنّت موقفاً رافضاً لإعادة مواطنيها مثل كندا والمغرب والمملكة المتحدة فيما اتخذت دول أخرى مثل أستراليا وفرنسا وهولندا موقفاً متأرجحاً بين تحفّظ أولي ثم تراجع وبدء جهود بطيئة لاستعادة مواطنيها تدريجياً.

حتى الآن لا يزال آلاف الأطفال يعيشون أوضاعاً مأساوية داخل المخيمات حُرموا فيها من الطعام والمأوى وفي بعض الأحيان ماتوا بسبب الأمراض وحوادث العنف التي يشهدها المخيم من وقتٍ إلى آخر، وسط مخاوف من أن يستغلَّ مقاتلو "داعش" هذه الأوضاع لينشروا أفكارهم المتطرفة بين الأطفال وتكون بمثابة عودة جديدة للتنظيم في المستقبل القريب.

في ختام 2022 ماتت فتاتان داخل مخيم "الهول" تحملان الجنسية المصرية بسبب الأوضاع الصعبة التي عاشتا فيها لسنواتٍ طويلة، ما دفع بعددٍ من المنظمات الدولية المعنية بحقوق الأطفال إلى تكرار مناشدة الحكومات بالتدخل وإعادة جميع النازحين إلى بلادهم.

منذ عدة أشهر حاولت الإدارة الكردية للمخيّم حل مشكلة الأطفال عبر فصلهم عن أمهاتهم وإخضاعهم لبرنامج تأهيلي يشمل تعلُّم الرسم والموسيقى وبعض المهارات العملية وممارسة الرياضة إلا أن هذا البرنامج واجه انتقادات حقوقية دولية بسبب قيامه بحرمان الأطفال من أمهاتهم الامر الذي قد يعرّضهم إلى المزيد من الأضرار.

هذه الخطوة وصفتها ليتا تايلر المديرة المساعدة لقسم النزاعات في "هيومن رايتس ووتش"، بأن هذا الإجراء "احتجاز لأجلٍ غير مسمى دون تهمة للأطفال" معتبرة أن إبعاد المراهقين عن أُسرُهم يسبّب المزيد من الصدمات لهم.

خلال زيارة بعض صحفيي وكالة "أسوشييتد برس" أظهر بعض الصبية عداءً مفرطاً لهم فألقوا الحجارة عليهم وأشار أحدهم بحركة قطع الرأس.

وفي سبتمبر 2022 زار مايكل كوريلا قائد القيادة المركزية للولايات المتحدة مخيم الهول واطلع على أوضاعه عن كثب ووصفه بأنه "بؤرة للمعاناة الإنسانية" مهددة بالانفجار في أي وقت لصالح "داعش".

تحديات العودة

تستشعر العديد من الدول قلقاً من أن تؤدي استضافة عائلات مقاتلي "داعش" إلى متاعب أمنية داخل بلادهم لذا فإنها لا تمنحهم موافقتها إلا بعد تدبير إجراءات أمنية صارمة قد تصل إلى حدّ حرمان الأمهات العائدات من أبنائهن.

تمتلك هذه الدول بعض المخاوف الأمنية "المنطقية" من أن هؤلاء الأطفال يحملون أفكار آبائهم المتطرفة والدموية، وقد يجعلونها محلَّ التنفيذ يوماً ما أو على الأقل يعملون على نشرها في المحيط الخاص بهم. كل هذه الهواجس تعطّل كثيراً من جهود إعادة أبناء المخيم إلى بلادهم.

دولة مثل بريطانيا قرّرت إغلاق باب العودة تماماً فجردت بعض مواطنيها المنتمين إلى "داعش" من جنسياتهم الإنجليزية لتحوّلهم إلى "عديمي الجنسية" لا يحقُّ لهم المطالبة بالرجوع إلى بريطانيا ولا يقع أي التزام على الحكومة في هذا الصدد، وهو ما جرى مع الطالبة البريطانية شاميما بيجوم التي انضمت إلى تنظيم داعش وهي في الـ15 من عُمرها وانتقلت للعيش في مخيم لاجئين بعد سقوط التنظيم، والآن تُطالب بالعودة بعدما أصبحت حبيسة في المخيم، طلبٌ لم تلتفت له لندن بدعوى أن بيجوم لم تعد مواطنة بريطانية.

في ألمانيا تخضع الأمهات العائدات إلى محاكمات فورية بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي. وقد يحكم عليهن بالسجن عشرات السنوات مثلما جرى مع جنيفر دبليو التي هربت من ألمانيا إلى العراق حيث انضمّت إلى تنظيم "داعش" وهناك تسبّبت في مقتل فتاة إيزيدية بالاشتراك مع زوجها.

أما في السويد فلقد فُصلتْ الأمهات العائدات عن أبنائهن فور وصولهن إلى الأراضي السويدية ووضعوا في عُهدة وحدة متخصصة في رعاية الأطفال، وهو إجراء قابله الأطفال بالصراخ والبكاء وفي بعض الحالات ظهرت عليهم أعراض الاكتئاب والقلق.

خضعت الأمهات لاستجوابٍ مكثّف استغرق من 24 إلى 48 ساعة بعدها حُرمن من الاتصال بأطفالهن لعدة أسابيع حتى سًمح لهن أخيراً برعايتهم، وفي بعض الحالات النادرة رفضت الحكومة السويدية السماح للأمهات باستعادة أطفالهن بدعوى أنهن ليسن مؤهلات لتربيتهن.

بعض الأبحاث اهتمّت بتأثير هذه التجارب القاسية على نفسية الأطفال الذين تربّوا في أجواء حرب ثم عاشوا بعدها أوضاعاً صعبة داخل المخيمات وهو ما شكّل صدمات متعددة في نفسية هؤلاء الصغار تجعل عملية إعادة دمجهم في المجتمعات الغربية أمراً بالغ الصعوبة.

هذه الصدمات قد تجعل الأطفال عُرضة لارتكاب سلوكيات خطرة في المستقبل مثل تعاطي المخدرات والكحوليات فضلاً عن الإصابة بأمراضٍ نفسية كالقلق والاكتئاب واضطرابات ما بعد الصدمة، كذلك تزداد بينهم احتمالية الإصابة بأمراضٍ مزمنة كالقلب والسكري والسرطان.

تقول ليليان موانري أستاذة الصحة العامة في جامعة تورينس الأسترالية، إنه إذا كان الوقت الذي قضاه الأطفال في المخيمات مؤلماً فإن عملية إعادتهم إلى وطنهم ستكون أيضاً مزعجة، مضيفة أن عملية إعادة توطينهم في بلادهم غالباً ستكون مصحوبة بالوصم والتمييز وهي سلوكيات ستخلّف آثاراً مدمرة على نفسياتهم.

لذا اعتبر قادة عسكريون أميركيون أن هذه العيوب التي تشوب عمليات إخلاء المخيم هي "أكبر عائق أمام ضمان هزيمة كاملة ونهائية لداعش".