من اليمين  إلى اليسار: أبو خديجة الأردني، سامي العريدي، وأيمن الظواهري.
من اليمين إلى اليسار: أبو خديجة الأردني، سامي العريدي، وأيمن الظواهري.

للمرة الأولى، منذ شباط/فبراير 2017، تستهدف قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة مواقع لتنظيم القاعدة في سوريا.

واستهدفت غارة، أمس الأحد، اجتماعا لقياديين في تنظيم "حراس الدين" المرتبط بالقاعدة في شمال غرب سوريا.

وبين القتلى، ستة قياديين في التنظيم: تونسيان وجزائريان ومصري وسوري، وفق ما نشرت وكالة الصحافة الفرنسية.

فمن يكون تنظيم "حراس الدين"؟ وكيف ظهر على الساحة؟ وما علاقته بتنظيم القاعدة؟ وما هي خلافاته مع هيئة تحرير الشام؟​

الغاضبون من الجولاني

قتلت طائرة بدون طيار، في الأسبوع الأخير من شباط/ فبراير 2017، عبد الله عبد الرحمن، الملقب بأبي الخير المصري، الرجل الثاني في تنظيم القاعدة بعد أيمن الظواهري.

ولم ينفذ التحالف، عقب مقتل المصري، أية ضربة ضد أهداف للقاعدة في سوريا حتى غارة أمس ضد "حراس الدين".

وتزامن مقتل المصري، وهو أيضا زوج ابنة أسامة بن لادن، مع اندلاع خلافات حادة حول قرار زعيم هيئة تحرير الشام أبي محمد الجولاني الانفصال عن تنظيم القاعدة. وهو  القرار الذي رفضه عدد من قادة الجبهة، معلنين تشبثهم بالقاعدة قبل أن يعيدوا تجميع أنفسهم في تنظيم "حراس الدين".

وتم الانفصال على مرحلتين: تأسيس "جبهة فتح الشام" في حزيران/يونيو 2016، ثم "هيأة تحرير الشام" في كانون الثاني/يناير 2017.​

​​وضمت لائحة القيادات الرافضة للانفصال المسؤول الشرعي السابق في النصرة سامي العريدي، والقيادي في الجهاز العسكري سمير حجازي (أبو همام الشامي) وقياديين مؤسسين للنصرة كإياد الطوباسي (أبو جليبيب الأردني)، وبلال خريسات (أبو خديجة الأردني).

ورغم الخلافات حول الانفصال، حافظ الجولاني والمتشبثون ببيعة القاعدة على نوع من التعايش حتى الأشهر الأخيرة من سنة 2017، حيث شنت الهيئة حملة اعتقالات في صفوفهم شملت سامي العريدي، وأبا جليبيب الأردني، وأبا همام الشامي. لكنها أفرجت عنهم بعد أسابيع قليلة.​

​​تزامنت الاعتقالات أيضا مع دخول تحرير الشام في اتفاق مع تركيا نص على تشكيل نقاط مراقبة للجيش التركي في محافظة إدلب. وهو الاتفاق الذي رفضه موالو القاعدة.

وأعلن هؤلاء، في تشرين الأول أكتوبر 2017، تشكيل فصيل جديد تحت اسم "أنصار الفرقان في بلاد الشام". وصف التنظيم نفسه بأنه "كيان جهادي سني مسلم يتكون من مهاجرين وأنصار ممن حضر أغلب أحداث الشام الأولى"، في إشارة إلى قادته المؤسسين.

من "الأنصار" إلى "الحراس"

ظل تنظيم "أنصار الفرقان" شبه مجمد حتى أواخر شباط/فبراير 2018، ليخلفه تنظيم "حراس الدين".

ضم "حراس الدين" فصائل مسلحة صغيرة (أغلبها منسحبة من جبهة النصرة)، مثل جيش البادية وجيش الساحل وسرايا الساحل وجيش الملاحم.

وجاء تأسيس التنظيم بالتزامن مع موجة القتال العنيف بين هيئة تحرير الشام وجبهة تحرير سوريا (أحرار الشام والزنكي) في بداية سنة 2018، ومع حملة النظام السوري ضد الغوطة الشرقية. لذا، دعا في بيانه التأسيسي إلى وقف القتال بين الفصائل السورية وإلى إنقاذ الغوطة الشرقية التي وصفها بـ"فسطاط المسلمين".

ويبلغ عدد مقاتلي حراس الدين حوالي 2000 عنصر، حسب تقديرات مؤسسة "شاتام هاوس" البريطانية.

ويقود التنظيم حاليا سمير حجازي (أبو همام الشامي)، فيما يعد سامي العريضي أبرز علمائه الشرعيين.

وفقد "حراس الدين" عددا من قادته المؤسيين، بينهم أبو خديجة الأردني (حزيران/يونيو 2018) وأبو جليبيب الأردني (كانون الأول/ديسمبر 2018).

وفي الوقت الذي التزمت فيه أغلب فصائل الشمال السوري باتفاقات خفض التصعيد، وقبلت بنشر الجيش التركي لنقاط مراقبة في الداخل السوري، رفض تنظيم "حراس الدين" هذه الاتفاقات وشارك في تأسيس غرفة عمليات جديدة أطلق عليها اسم "وحرض المؤمنين" أعلنت استمرارها في العمليات العسكرية.

ورفض التنظيم أيضا اتفاق سوتشي ووصفه بـ"المؤامرة الكبرى". ونصّ هذا الاتفاق على إنشاء منطقة منزوعة السلاح في إدلب بعمق 15 إلى 20 كيلومترا، تفصل بين قوات النظام وفصائل المعارضة.

لكن التنظيم يشهد منذ أيام خلافات حادة، أدت إلى فصل بعض قياداته.

ورفض عدد من القادة، وعلى رأسهم أبو ذر المصري وأبو يحيى الجزائري، المشاركة في القتال إلى جانب بعض فصائل "درع الفرات"، باعتبارها مرتدة. وهو ما دفع قائد التنظيم أبا همام الشامي إلى فصلهم.

وحسب الصحافي الفرنسي المتخصص في الجماعات الجهادية وسيم نصر خالف هؤلاء القادة أيضا التوجيهات العامة للقاعدة بعدم استهداف المصالح الأميركية (والغربية عموما) انطلاقا من الأراضي السورية.​

​​وعلى ما يبدو، هذا ما يشير إليه بيان التحالف الأخير بالقول إن عملية أمس استهدفت "عناصر من تنظيم القاعدة في سوريا مسؤولين عن التخطيط لهجمات خارجية تهدد مواطنين أميركيين وشركاءنا ومدنيين أبرياء".

وأضاف البيان أيضا أن القصف طال هؤلاء القياديين في "منشأة تدريب قرب محافظة حلب".

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".