نيرو سراييفا (يسار) وجون كانتلي في آخر ظهور له بالموصل (يمين)
نيرو سراييفا (يسار) وجون كانتلي في آخر ظهور له بالموصل (يمين)

في نوفمبر 2012، خطف مقاتلون في تنظيم “داعش” الصحافي البريطاني جون كانتلي والأميركي جيمس فولي.

أُعدم فولي في أغسطس 2014 بمدينة الرقة شمالي سوريا، ووُثق ذبحه في تسجيل مصور. أما كانتلي، فاستغله "داعش" في حملاته الدعائية، وبدأ في نشر سلسلة فيديوهات تتحدث عن الحياة داخل "أراضي الخلافة".

كان كانتلي يظهر مراسلا صحافيا يطوف أراضي داعش، من الموصل حتى كوباني (عين العرب).

اليوم، تحتجز قوات سوريا الديمقراطية مقاتلا أجنبيا كبيرا في داعش يعتقد المحققون الغربيون أنه قد يكون على علم بمصير كانتلي.

وكان آخر ظهور للصحافي البريطاني في ديسمبر 2016 من مدينة الموصل.

لكن، في فبراير الماضي، قال وزير الوزير الدولة البريطاني للشؤون الأمنية بن والاس، إن كانتلي (49 عاما) "ما يزال على قيد الحياة".

مرتبط بذبح جيمس فولي

المقاتل الغربي الذي تحتجزه قوات سوريا الديمقراطية اسمه نيرو سراييفا، ويحمل الجنسية البرتغالية، لكنه كان يقطن في لندن قبل انتقاله إلى سوريا، وفق ما تقول "التايمز" البريطانية، نقلا عن مجلة "سابادو" البرتغالية.

ويُعتقد أن سراييفا على علاقة بعملية إعدام جيمس فولي على يد محمد إموازي المعروف بالجهادي جون.

ففي يوليو 2014، كتب المقاتل البرتغالي تغريدة على تويتر تحدث فيها عن "رسالة إلى أميركا" وعن شريط قادم لداعش. وبعد 39 يوما، أصدر التنظيم شريطا بنفس العنوان (رسالة إلى أميركا) يتضمن عملية إعدام جيمس فولي.

وتُعول المخابرات الغربية، خاصة البريطانية، على المعلومات التي في حوزته، خاصة أنه أحد أوائل المقاتلين الغربيين التحاقا بداعش. فقد التحق بالتنظيم في سوريا منذ سنة 2012 وقضى معه سبع سنوات.

وحقق محققون غربيون مع سراييفا في يوليو الماضي.

وكان المقاتل البرتغالي يقود وحدة للمقاتلين الأجانب داخل داعش. وهو واحد من ستة أصدقاء من منطقة والثام فوريست بلندن، كلهم بورتغاليو الجنسية، التحقوا بداعش.

واعتقل سراييفا عقب معركة الباغوز قبل أشهر، ويعاني شللا جزئيا نتيجة إصاباته البالغة خلال المعركة.

خمس زوجات و10 أولاد

قبل تحوله إلى الإسلام، كان نيرو سراييفا كاثوليكيا. وقد ولد في أنغولا المستعمرة البرتغالية السابقة.

وكان أول أصدقائه الستة وصولا إلى لندن.

وبعد التحاقه بسوريا في 2012، صار على لوائح المطلوبين لأجهزة المخابرات الغربية.

في سوريا، تزوج المقاتل البرتغالي خمس مرات، وأنجب 10 أبناء.

آخر زوجاته تدعى أنجيلا باريتو، وهي ألمانية تحولت إلى الإسلام، تزوجها بعد مقتل زوجها فابيو بوكاس وهو أحد أصدقائه.

وكان سراييفا قبل التحاقه بداعش، يعيش في لندن مع زوجته وطفله الوحيد، قبل أن يهجرهما ويغادر إلى سوريا.

وهناك، التحق به أصدقاؤه الخمسة. وكان مهمة المجموعة استقطاب المتعاطفين الغربيين للالتحاق بداعش.

وفي سوريا عرف سراييفا بلقب أبو يعقوب الأندلسي، وهو الناجي الوحيد من بين أصدقائه جميعا.

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".