مدنيون عرب وأكراد يفرّون من القصف في رأس العين-الحسكة/وكالة الصحافة الفرنسية
مدنيون عرب وأكراد يفرّون من القصف في رأس العين-الحسكة/وكالة الصحافة الفرنسية

أربيل - متين أمين:

يترقب إقليم كردستان العراق موجة من اللاجئين السوريين بعد بدء الجيش التركي عملياته العسكرية رسميا الأربعاء في شمال شرق سوريا وشنه غارات جوية متزامنة مع قصف مدفعي واجتياح بري قد يمتد ليشمل كافة المناطق الواقعة شرق الفرات داخل الأراضي السورية.

وبحث مجلس وزراء إقليم كردستان الأربعاء في جلسته الاعتيادية الأحداث التي تشهدها الساحة في شمال شرقي سوريا.

ونقل المجلس في بيان له عقب انتهاء الجلسة عن رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني قوله إن "تصعيد الأوضاع في شمال شرق سوريا له عواقب سلبية لا تقف عند حدود سوريا فحسب، بل ستدفع بآلاف السكان إلى النزوح، فيما سيلوذ كثيرون بإقليم كردستان".

وأشار البيان إلى أن وزير داخلية الإقليم، ريبر أحمد، عرض خلال الجلسة تقريراً مفصلاً حيال الاستعدادات الاحترازية تحسباً لأي موجة محتملة من اللاجئين السوريين الذين يلجؤون لكردستان العراق.

وطالبت حكومة الإقليم المجتمع الدولي والأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتهم وتقديم المساعدة في حال بدء موجة لجوء أخرى من سوريا إلى إقليم كردستان.

ورغم عدم كشف حكومة الإقليم عن تفاصيل خطتها لاستقبال اللاجئين السوريين، إلا أن موقع (ارفع صوتك) تمكن من خلال متابعة دقيقة من معرفة آخر الاستعدادات التي تجري حاليا في كردستان لاستقبال موجة جديدة من اللاجئين السوريين الهاربين من الحرب.

وبحسب هذه المعلومات خصصت حكومة الإقليم أربعة مخيمات في حدود محافظة دهوك لاستقبال اللاجئين تقع ٣ منها في قضاء شيخان، أما الرابع فيقع في قضاء برد رش، وتجري في أربيل استعدادات مماثلة لاستقبال اللاجئين السوريين.

وقال موسى أحمد، رئيس مؤسسة بارزاني الخيرية التي تدير غالبية مخيمات النازحين واللاجئين في إقليم كردستان، لموقع (ارفع صوتك): "إذا استمرت الحرب الحالية في كردستان سوريا من المتوقع أن تلجأ أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين إلى إقليم كردستان، خاصة إلى محافظة دهوك ومن ثم محافظة أربيل ومحافظة السليمانية".

وتابع أحمد "نحن نتخذ استعداداتنا عند وجود هكذا أحداث مثل الأحداث الحالية في سوريا، وهذه الاستعدادات تتمثل في مراجعة الاحتياجات المتوفرة لدينا، ونبحث مع المانحين والمتعاونين والمتطوعين الذين يدعموننا مدى استعداداهم لدعمنا، وقد بدأنا من هذه اللحظة هذه التحضيرات".

ويحتضن إقليم كردستان منذ عام ٢٠١٢ تسعة مخيمات للاجئين السوريين موزعة بواقع ٤ مخيمات في محافظة دهوك و٤ في محافظة أربيل ومخيم واحد في محافظة السليمانية، وبحسب إحصائيات رسمية صادرة عن حكومة الاقليم يبلغ أعداد السوريين اللاجئين في هذه المخيمات نحو ٢٥٠ ألف لاجئ بعد عودة عدد منهم إلى سوريا خلال الأشهر الماضية.

وأوضح عماد برهو القيادي في المجلس الوطني الكردي السوري لموقع (ارفع صوتك) "حالة شبه الاستقرار التي كانت تتمتع بها مناطق كردستان روژئاوا (شمال شرق سوريا) في الآونة الأخير دفعت بالعديد من اللاجئين السوريين الى العودة، لذلك؛ لا أتوقع أن تكون هناك حاجة لإنشاء مخيمات جديدة"، لافتا الى أن الإقليم تعرض خلال السنوات الماضية للعديد من الضغوطات الاقتصادية والسياسية بسبب تواجد اللاجئين والنازحين على أراضيها خصوصا إثر انحسار الدعم الدولي للاجئين والنازحين في العراق.

وأكد برهو أن المعبر الحدودي بين إقليم كردستان العراق وسوريا مفتوح، وأن حكومة الإقليم والجهات المعنية على أهب الاستعداد لاستقبال أي موجة لاجئين جديدة.

ونزح الآلاف من المدنيين السوريين إثر القصف التركي الجوي والبري المكثف على مناطق عدة من شمال شرق سوريا، وبحسب الجهات المعنية من المتوقع أن يلجأ عشرات الآلاف من السوريين خصوصا الغالبية الكردية إلى إقليم كردستان العراق الذي يشكل النقطة الأقرب للحدود مع المناطق الشمالية الشرقية من سوريا.

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".