أحد أسواق مدينة دمشق
أحد أسواق مدينة دمشق

ارتفعت أسعار المواد الغائية في دمشق بشكل جنوني مع إعلان تسجيل أول حالة إصابة بفيروس كورنا بتاريخ 20 آذار الحالي. وتواصل ارتفاع الأسعار بشكل يومي وخاصة مع إعلان دمشق تسجيل أربع حالات جديدة مصابة بالفيروس، بالتزامن مع الارتفاع الحاد والتاريخي لسعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة السورية.

وسجل سعر صرف الليرة السورية اليوم مقابل الدولار 1360 ليرة مقابل الدولار الواحد في دمشق، وسجل في محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية 1250 ليرة سورية مقابل الدولار الواحد، وذلك بحسب موقع الليرة المختص بأسعار صرف العملات الأجنبية.

وبحسب المصادر المحلية التي تواصلنا معها من دمشق، فإن الأسواق تشهد الآن ارتفاعاً حاداً في أسعار اللحوم والمواد الغذائية الأخرى كالبقوليات والمعلبات، حيث وصل سعر كيلو اللحم إلى 13000 ليرة سورية، أي ما يعادل 9.5 دولار للكيلو الواحد، فيما يصل راتب الموظف الشهري في سوريا لما لا يزيد عن 50 دولار فقط، أي أن سعر كيلو اللحم الواحد يعادل 20% من راتب الموظف في سوريا.

ووصل كيلو الدجاج لسعر وسطي إلى 2500 ليرة سورية أي قرابة الدولارين للكيلو الواحد، كما ارتفعت أسعار جميع الخضراوات والمواد الغذائية بشكل ملحوظ تجاوز نسبة 40% لبعض الأسعار.

فراس صليبي مواطن سوري مقيم في دمشق أكد على غياب دور الرقابة التموينية التابعة لوزارة التجارة الداخلية وأن أسعار السوق الحالية تختلف اختلافاً تاماً عن الأسعار التي تنشرها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك.

ولاقت نشرة الأسعار اليومية التي تنشرها الوزارة امتعاضاً كبيراً لدى رواد شبكات التواصل الاجتماعي، وقال أحدهم: " إذا كيلو بطاطا ما عم تسيطروا على سعره، رح تسيطروا على فيروس عقد أمة الله كلها؟!".

 

وفي درعا، أبدى المواطنون امتعاضهم من فلتان الأسعار الحاصل في الأسواق وغياب الرقابة التموينية الفاعلة لردع حالات الجشع الحاصلة، لافتين إلى التفاوت الكبير الحاصل في الأسعار، وعلى سبيل المثال تجد سعر صحن البيض عند محل ب 1900 ليرة ولدى آخر 2000 ولدى ثالث 2100 ومن التمر لنفس الصنف والجودة لدى محل 1650 وعند آخر 1850 وفي غيره 2000 ليرة، وذلك بحسب صحيفة تشرين الناطقة باسم حكومة النظام السوري.

في المقابل، أوضح المهندس بسام الحافظ رئيس دائرة حماية المستهلك في درعا أن دوريات الرقابة متواصلة بشكل يومي، وبلغ عدد الضبوط المنظمة خلال الأيام العشرة الأخيرة 61 ضبطاً تموينياً موزعة بين 28 ضبطاً لعدم الإعلان عن الأسعار و10 ضبوط للبيع بسعر زائد و7 ضبوط لعدم إبراز فواتير ومثلها بالمخابز بسبب نقص الوزن وسوء صناعة الرغيف وضبطاً واحداً للإتجار بمادة الخبز و5 ضبوط لتقاضي زيادة في بدل خدمات مختلفة.

ارتفاع لدى المعارضة

أما في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، كذلك الأمر. شهدت مدينة إدلب ارتفاعاً ملحوظاً في الأسعار وسط الحصار المطبق على المدينة وجز سكان المدينة من الأهالي والمهجرين عن سد احتياجاتهم الأساسية للحياة اليومية، حيث يبلغ دخل المواطن في هذه المنطقة ما يعادل الدولارين ونصف يومياً، وهو لا يغطي ثمن وجبة الغذاء للعائلة بشكل يومي، كما شهدت المدينة ارتفاعاً كبيراً بأسعار المحروقات وباقي المواد الأساسية.

أما عن تسجيل الإصابات بالفيروس فلم تسجل وزارة الصحة التابعة للحكومة المؤقتة في مناطق الشمال السوري أي إصابة هناك، وأعلنت مديرية صحة إدلب عن إنشائها لعدد من المراكز الطبية لاستقبال المصابين وحجرهم في حال حدثت أي إصابات في المدينة.

 

ارتفاع حاد في المواد الطبية

شهدت الكمامات الطبية والمنظفات والمعقمات أيضاً ارتفاعاً حاداً في الأسعار وصل إلى نسبة تتجاوز الـ200%، بسبب نقص إنتاجها في المناطق التابعة للمعارضة وكذلك الأمر في المناطق التابعة للنظام السوري، وبحسب المصادر المحلية فإن سعر الكمامة الواحدة متوسطة الجودة ارتفع من 100 ليرة سورية إلى 300 ليرة.

يقول أحمد وهو مواطن سوري يعيش في مدينة إدلب، "في حال وجدنا الكمامات أو المعقمات التي نحتاجها للوقاية من الفيروس، فلن نجد ما يكفينا من المال لدفع حقها".

إحصائيات الفيروس

وفي إحصائية حديثة يوم أمس أعلن النظام السوري عن ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا إلى خمس إصابات حتى هذه اللحظة، واتخذت حكومة النظام عدداً من الإجراءات الاحترازية للحد من انتشار الفيروس كحظر التجول في ساعات معينة وإغلاق عدد كبير من المقاهي والمؤسسات التجارية في دمشق.

وكانت منظمة الصحة العالمية حذرت من انفجار عدد حالات الإصابة في سوريا وأعربت عن قلقها من عدم نشر أعداد الإصابات في سوريا واليمن.

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".