سوريا

حرب السوريين على أرض ليبيا

14 أبريل 2020

تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورا تظهر عشرات المقاتلين السابقين في المعارضة السورية المسلحة في باصات تمهيداً لنقلهم إلى ليبيا.

وأشار الناشطون إلى أن النظام السوري يعد لنقلهم إلى هناك للقتال إلى جانب قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

تجمع أحرار حوران، وهو تجمع مدني معارض في درعا جنوب سوريا، أفاد بأن روسيا عملت على تجنيد شبان بهدف إرسالهم إلى ليبيا للقتال مقابل مبالغ تصل إلى 1000 دولار شهرياً.

أبو محمود الحوراني الناطق باسم التجمع أكد لـ"ارفع صوتك" نقل أكثر من 100 عنصر من مدينة القنيطرة وحدها إلى جنوب حمص وتحديداً إلى الفرقة 18 تمهيدا لانتقالهم إلى ليبيا.

وقال الحوراني إن المقاتلين السوريين وقعوا عقودا مع شركة فاغنر الروسية تنص على حمايتهم للمنشآت النفطية في ليبيا لمدة ثلاثة أشهر مقابل مبالغ مالية.

لكنهم فوجئوا في حمص بخضوعهم لتدريبات عسكرية قتالية وباحتمال مشاركتهم في المعارك في ليبيا، ليقرر بعضهم التخلي عن عقده مع شركة فاغنر والعودة إلى مدينة القنيطرة.

الناشطة والباحثة في حقوق الإنسان إليزابيت تسوركوف نشرت سلسلة تغريدات عبر تويتر قالت فيها إن 350 مقاتلاً من عناصر المعارضة المسلحة سابقا بدؤوا أول أمس رحلتهم إلى ليبيا للقتال إلى جانب قوات حفتر.

وأشارت الباحثة إلى أن هؤلاء العناصر، الذين تصالحوا مع النظام السوري سابقا، انضموا إلى الفيلق الخامس تحت القيادة الروسية وكانوا يتقاضون مبلغاً لا يتجاوز 24 دولار شهرياً. أما في ليبيا، فوعدوا بالحصول على ألف دولار شهريا.

الصحفي أنور الرفاعي قال في حديث للموقع التابع لتجمع أحرار حوران إن تجنيد شركة فاغنر الروسية لعشرات المقاتلين جاء بالتعاون مع فرع سعسع التابع للمخابرات العسكرية وبعض قادة الفصائل السابقين من أمثال محمد العر القيادي السابق في جبهة ثوار سوريا وياسين الساري أحد قادة فصائل المعارضة سابقاً في المنطقة.

وأوضح الرفاعي أن هناك حالة استياء ورفضا شعبيا لعملية التجنيد واستغلالا لحاجة الأهالي للمال بسبب الفقر الناتج عن الحرب التي عصفت بالمنطقة خلال تسع سنوات.

من هم عناصر المصالحات؟

يطلق اسم المصالحة السورية المسلحة على العناصر المسلحة السابقة في قوات الجيش السوري الحر والتي وقعت تسويات مع النظام السوري وأصبح بعض عناصرها تابعا له.

وتجمع النظام السوري علاقة طيّبة بالحكومة المؤقتة التابعة للواء خليفة حفتر، حيث تبادل الطرفان الزيارات فيما بينهما.

وافتتحت حكومة حفتر مؤخرا أول سفارة لها في دمشق، وهي السفارة الوحيدة لها في العالم.

في المقابل، قالت حكومة الوفاق المعترف بها دوليا إن عدداً من الرحلات الجوية وصلت من دمشق إلى مدينة بنغازي مؤخراً عبر طيران أجنحة الشام السورية.

وأبدت الحكومة ومقرها في العاصمة طرابلس الحكومة تخوفها من انتقال فيروس كورونا عبر هذه الرحلات إلى ليبيا، عبر العناصر المقاتلين الذين ترسلهم روسيا ودمشق.

بــيان وزارة الـــداخـلـية #وزارة_الداخلية #حكومة_الوفاق_الوطني

Posted by ‎وزارة الداخلية - ليبيا‎ on Wednesday, March 18, 2020

 

وكانت تركيا بدورها أرسلت منذ ديسمبر الماضي على الأقل عناصر تابعين للمعارضة السورية المسلحة، إلى ليبيا للقتال إلى جانب حكومة طرابلس المعترف بها دوليا.

وينتمي أغلب هؤلاء المقاتلين إلى فصائل مسلحة قريبة من تركيا مثل فرقة "السلطان مراد"، ذات الأغلبية التركمانية، و"فيلق الشام" و"فرقة المعتصم" وفصيل "سليمان شاه".

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان حينها  إن عدد المرتزقة السوريين الموالين لتركيا الذين وصلوا إلى طرابلس تجاوز 1250 مقاتل، وإن 2000 آخرين يوجدون في معسكرات تدريب تركية تمهيدا لنقلهم إلى ليبيا.

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".