سوريا

داعش ينشط في البادية السورية

20 أبريل 2020

عاد نشاط تنظيم داعش إلى البادية السورية بداية شهر نيسان الحالي، حيث أصدر التنظيم فيديو مصور أطلق عليه اسم "ملحمة الاستنزاف 2"، كما شن عدة هجمات ضد عناصر قوات النظام السوري والميليشيات المساندة له في مناطق البادية السورية قرب مدينة تدمر وسط سوريا.

بداية العودة
مع إرسال الكثير القوات الموالية للنظام إلى إدلب، تعزز وجود داعش في منطقة البادية السورية، حيث أسس التنظيم لنفسه كياناً جديداً، وبدأ بتنفيذ هجماته ضد عناصر النظام السوري وميليشياته المسيطرين على المنطقة هناك، وازداد هذا النشاط مؤخراً مع بدء انتشار فيروس كورونا، حيث صعد التنظيم عملياته في منطقة البادية بشكل لافت.
ونشر تنظيم داعش نهاية شهر آذار الفائت إصداراً مرئياً جديداً أطلق عليه اسم "ملحمة الاستنزاف 2"، والذي أكد فيه استمرار حربه ضد النظام السوري، أو ما أطلق عليهم قوات "النصيريين"، واستكمالاً لـ "ملحمة الاستنزاف" التي أطلقها زعيم التنظيم السابق أبو بكر البغدادي في آب 2019 قبل قتله على يد الجيش الأميركي في إدلب.

تصاعد الهجمات
خلال الأسبوع الماضي قتل داعش العشرات من عناصر قوات النظام السوري وميليشياته المساندة له في كمين نصبه عناصر التنظيم قرب مدينة تدمر.
وبحسب تنسيقية تدمر فإن عناصر التنظيم نصبوا الكمين في قرية أرك شرق المدينة، مما استدعى قدوم تعزيزات عسكرية من دمشق وريف دير الزور من قوات النظام إلى تلك المنطقة، وقصفت طائرات روسية تلك المنطقة وصولاً إلى عمق البادية حيث معقل قوات التنظيم.
 

شبكة "المحرّر" الإخبارية وهي شبكة إعلامية سورية محلية ذكرت أن التنظيم "استخدم أسلحة إيرانية خلال هجماته الأخيرة على مواقع قوات النظام، مؤكّدة أن الهجمات تمّت بتقنيات صاروخية إيرانية ومتطورة جدا".

الباحث في مجال الأسلحة (كاليبر ابسكيورة)، نشر تغريدة له عبر تويتر أكد فيها أن القذائف التي استخدمها تنظيم داعش في هجماته على مناطق البادية إيرانية الصنع والمصدر، وأشار الباحث إلى أن التواريخ الواضحة في الصور تشير إلى ذلك.

قراءة في إصدار التنظيم
مركز جسور للدراسات نشر قراءة لإصدار تنظيم داعش الأخير قال فيها أن "رسائل التنظيم واستراتيجياته في هذا الإصدار ضمن تقنيات حرب العصابات بالرغم من افتقار الإصدار إلى اللمسات الحرفية التي كان يحرص على اتباعها في إصداراته إبان توسّع رقعة سيطرته الجغرافية، كتعدد الكاميرات، وإعادة اللقطات المصوّرة من عدّة زوايا".
وأضافت الدراسة أن عمليات التنظيم المعروضة في الإصدار أكدت "قدرته على تنفيذ الكمائن في طُرق البادية السورية شرق حمص بأعداد قليلة من العناصر، وذلك باتباع طرائق مختلفة، كالتنكّر بلباس قوات النظام واستدراج عناصره للوقوف أمام حواجز وهميّة، أو من خلال التخفي داخل القرى المهجورة على جوانب طريق حمص – دير الزور بهدف قطع طرق إمداد قوات النظام تجاهها".
وأكد المركز على حرص التنظيم في إصداره الأخير على تأكيد دمويته بإصراره على أساليب الترهيب التي عُرِف بها، من خلال تصفية العناصر بطرقٍ متنوّعة، حيثُ يكون مصير المتعاون مع قوات النظام والمجندين التصفية بالنحر أو إطلاق النار عليه مباشرة، كما يعمد إلى تصفية عناصر آخرين بالرشاشات الثقيلة أو تفجير الألغام فيه بحسب تخصّص الشخص في صفوف قوات النظام.
وتوقع المركز في قراءته أن يعود التنظيم في الفترة المقبلة لتكثيف الهجمات على حقول النفط الممتدة بين دير الزور ومدينة السخنة، كحقل الهيل النفطي، إضافة إلى مهاجمة المحطّة الثالثة المحاذية له، وذلك في إطار عمله على استنزاف النظام في المنطقة الممتدة بين محافظتي حمص ودير الزور.

وتناول الإصدار مبايعة عناصر جديدة لزعيم التنظيم الجديد. وعمليات له ضد قوات النظام السوري وميليشياته، وعرض استخدامه لسيارات رباعية الدفع وأسرهِ لعدد من قوات النظام وإعدامهم بالرشاشات أو ذبحاً بالسكاكين.
كما أظهر الفيديو عملية إعدام لعنصر من قوات النظام السوري بعبوة ناسفة زرعوها في جسمه وفجروها.


معارك مستمرة
بعد تأكيد وزارة النفط والثروة المعدنية التابعة للنظام السوري على توقف آبار النفط عن عملها في حقلي حيان والشاعر في 12 نيسان الحالي مما أجبرها على تقنين الكهرباء، عادت الوزارة لتؤكد عمل الحقلين بعد سيطرة قوات النظام السوري عليهما بتاريخ 15 نيسان - 2019، نتيجة لمعارك الكر والفر المستمرة بين عناصر النظام وعناصر تنظيم داعش في تلك المنطقة.
ونشرت الوزارة منشوراً عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك أكدت فيه على إعادة ضخ الغاز إلى شبكات الغاز ومحطات توليد الكهرباء.

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".