سوريا

كورونا قد يوفر فرصة لوقف الحرب في سوريا

محمد ناموس
30 أبريل 2020

تناول موقع "THE HILL" الأمريكي فرصة بناء السلام في سوريا في ظل تفشي جائحة كورونا حول العالم، واعتبر الموقع أن هناك فرصة غير متوقعة لبناء السلام في سوريا، ووقف العمليات العسكرية في عموم البلاد، بالتزامن مع تفشي جائحة فيروس كورونا حول العالم.

وأملت المستشارة في المعهد الأمريكي للسلام منى يعقوبيان ولادة هذه الفرصة للسلام في سوريا، وأن يؤدي الفيروس إلى تخفيف الصراع في الشرق الأوسط.
وقالت المستشارة في مقالها، إن "هجوم الفيروس الفتاك خلق فرصة لتخفيف حدة الصراع في سوريا، وبالتالي سيوفر استراحة من ويلات الحرب التي دامت ما يقارب عقد من الزمن".

وحذرت يعقوبيان من خطر انتشار الفيروس في بلدان النزاعات التي يعاني قطاعها الصحي من ضعف كبير في الإمكانيات.
بالإضافة إلى الحالة الإنسانية للسكان، وخصوصًا في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، حيث يُحاصر فيها أكثر من مليون ونصف مدني على الحدود التركية ويعانون من ظروف معيشية سيئة.
وحثَّت الكاتبة خلال مقالها المنظمات الدولية للضغط على نظام الأسد لعدم عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى بعض مناطق شمال شرق وشمال غرب سورية، والتي ستساهم برفع كفاءة هذه المناطق في مواجهة وباء كورونا.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة قد دعا إلى وقف إطلاق نار على مستوى العالم، بما في ذلك سوريا، محذراً من جائحة كورونا الوشيكة.
حيث يمكن أن يؤدي الوباء إلى كارثة في البلاد بسبب نظامها الصحي المدمر، خصوصا مع "الوضع الصحي في مدينة إدلب".

وأشارت الكاتبة إلى أن اتفاق إطلاق النار الهش الذي وقّع بين روسيا وتركيا في الخامس من آذار الفائت بشأن إدلب ما زال سارياً إلى حد كبير، دون أي ضربات جوية منذ ذلك الحين.
وسلط مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا جير بيدرسن الضوء على الخطوات الحاسمة لنزع فتيل الصراع ومحاربة الوباء، وهي وقف إطلاق نار مستدام وإطلاق سراح المعتقلين على نطاق واسع وتحسين وصول المساعدات الإنسانية والتنازل عن العقوبات التي تعيق القدرة على مكافحة الوباء.

وأضافت المستشارة يعقوبيان، أن "هناك ضرورة ملحّة لإطلاق سراح السجناء في سوريا خلال تفشي فيروس كورونا، كما أن سجون النظام مزدحمة جداً ويمكن أن تحرض على انتشار الفيروس".
وشددت على ضرورة تعزيز المساعدات الإنسانية لمدن الشمال السوري المحاصرة، محذرة من إمكانية انهيار المنطقة بالكامل تحت وطأة الفيروس.
منظمة هيومن رايتس ووتش حذرت في بيان لها، من تأثير انتشار فيروس كورونا في صفوف المعتقلين في سجون نظام الأسد، وأضافت المنظمة أن المعتقلين لدى النظام محرومون من الطعام الكافي والرعاية الصحية والتهوية والمساحة، وأن الوضع سيكون كارثيا حال وصل الفيروس إليهم.
ورأت المنظمة أن الخطوات التي تتخذها حكومة النظام السوري للوقاية من الفيروس لا تصل إلى الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة وخاصةً المعتقلين.

ختمت يعقوبيان مقالها بالإشارة إلى أن وقف إطلاق النار الحالي بالإضافة لانتشار الفيروس قد يشكلا فرصة هامّة لتخفيف حدة الصراع في سوريا، مع إمكانية أن تؤدي تداخل جهود بناء السلام مع تدابير مكافحة الوباء إلى تحفيز مهم للسلام، "سيحتاج جميع اللاعبين الرئيسيين، سوريا وروسيا وتركيا وإيران والولايات المتحدة إلى تبادل التنازلات لمحاربة عدو مشترك، مما سيقرّب سوريا من السلام".

وتسبب فيروس كورنا المستجد بمقتل أكثر من 225 ألف شخص حول العالم منذ بدء ظهوره في الصين نهاية العام الماضي، وتسجيل أكثر من ثلاثة ملايين إصابة مؤكدة حول العالم، وذلك بحسب بيانات منظمة الصحة العالمية.
أما في سوريا فتم تسجيل 43 حالة مؤكدة في مناطق سيطرة النظام السوري ولم يتم تسجيل أية حالة في مناطق سيطرة المعارضة السورية، مع تسجيل ثلاث حالات وفاة بحسب الإحصائيات الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة في حكومة النظام السوري.

لكن منظمة الصحة العالمية أعربت في وقت سابق الأسبوع الماضي عن خوفها من انفجار أعداد حالات الإصابة بفيروس كورونا في سوريا.
وقال رئيس فريق الوقاية من الأخطار المعدية، عبد النصير أبو بكر إنه قلق بسبب نقص عدد الحالات المعلن عنها في سوريا.
وبالمقابل، يعتزم مجلس الأمن الدولي التصويت على مشروع قرار يطالب بإرساء "هدنة إنسانية" لمدة 90 يوماً في كل النزاعات المسلّحة حول العالم لإتاحة إيصال المساعدات الإنسانية إلى من هم بأمسّ الحاجة إليها في ظلّ تفشّي جائحة كوفيد-19، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

كورونا سيدة الموقف

من جانبه، يشير العقيد المنشق عن الجيش السوري حاتم الراوي، وهو محلل عسكري مقيم في إسطنبول، إلى مدى أهمية اتفاق التهدئة الذي تم توقيعه بين روسيا وتركيا بالتزامن مع انتشار فيروس كورونا، الذي كان له أثر آخر في انتعاش التهدئة في عموم البلاد.

ويقول الراوي، "بدون شك جائحة كورونا التي أوقفت عجلة العالم بالتأكيد هي سيدة الموقف في التهدئة التي تعيشها جبهة إدلب خاصةً، ولروسيا ولتركيا هامش ضيق جداً يتفاوضون عليه ويقتتلون عليه، وليس لروسيا أي نية بتحدي أمريكا بل هي أول القوى المتواجدة في سورية محاولةً لاسترضاء أمريكا".

ويضيف الراوي في حديث لموقع (ارفع صوتك)، أن "تركيا تلعب بمنتهى المهارة ولاسيما أن ورقتها في سورية هي الأقوى بحكم موقعها ولكونها عضواً مهماً في حلف الناتو ولعلمها أن أمريكا لا تفرّط بتحالفها التاريخي معها حتى مع عدم الارتياح الكامل لحزب العدالة والتنمية الذي تمكن من الحفاظ على الكثير من روابط التناغم مع أمريكا".
أما عن الصراع في محيط إدلب، وضع الراوي الصدام الروسي التركي في سلة الممنوعات، وأشار إلى أن النظام السوري سيستمر بالتحرشات عله يستطيع خلط الأوراق، وهذه آخر أوراقه، بحسب العقيد.

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".