سوريا

في سوريا طلاب الصفوف الانتقالية إلى صف أعلى، ولكن؟

محمد ناموس
04 مايو 2020

أصدرت وزارة التربية في حكومة النظام السوري قرارا بنقل جميع طلاب الصفوف الانتقالية لمرحلة أعلى وإلغاء امتحاناتهم الدراسية بسبب جائحة كورونا.
ونشر مجلس الوزراء السوري عبر صفحاته على شبكات التواصل الاجتماعي التعليمات المتعلقة بطريقة نقل الطلاب، واستثني منها طلاب شهادتي المرحلة الإعدادية والمرحلة الثانوية.

كما أعلن المجلس تكليف وزارة التربية بوضع خطة لتعويض الفاقد التعليمي للطلاب مع بداية العام القادم، وفيما يخص شهادتي "التعليم الأساسي والثانوي"، طلب المجلس من وزارتي التربية والصحة التنسيق لتحديد الموعد المناسب لإجراء الامتحانات واتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على صحة الطلاب من خلال زيادة عدد المراكز الامتحانية وتحقيق التباعد المكاني بين الطلبة وتحقيق شروط السلامة الصحية لجميع الطلاب.
فيما توقع تربويون أن يكون لهذا القرار انعكاسا سلبيا على الواقع التعليمي في سوريا.

وفيما يتعلق بدوام الجامعات قرر المجلس تمديد تعليق دوام الجامعات العامة والخاصة والمعاهد إلى ما بعد عطلة عيد الفطر، أي بداية شهر أيار القادم.
وزير التربية في حكومة النظام عماد العزب أوضح في حديثه لإذاعة "شام" المحلية أن الدروس التي تعطى عبر الإنترنت لن تعتبر ضمن المنهج المطلوب من الطلاب، وهي فقط لتعويض الفاقد التعليمي، ولن يمتحن الطلاب بشيء لم يأخذوه بشكل فيزيائي قبل توقف الدراسة.
أما عن مصير الامتحانات في الجامعات السورية، أوضح وزير التعليم العالي بسام إبراهيم أنه في كل أسبوعين يتم تقييم وضع انتشار الفيروس، وعلى أساس ذلك يتم اتخاذ القرارات المناسبة.
وأكد الوزير أنه لن يتم إلغاء الامتحانات وإنما تأجيلها، وأشار إلى أن فترة العطلة لطلاب الجامعات هي فترة مبررة بشكل كامل من حياة الطالب الدراسية بالنسبة للتعليم العالي، ولا تحتسب من عامهم الدراسي.

انعكاس سلبي

ورغم أن جميع دول العالم لجأت إلى التعليم عن بعد، لكن أحمد العيسى وهو مدرس سوري في محافظة ريف دمشق، يعتبر أن لهذا الموضوع "انعكاس سلبي حقيقي سيطرأ على الطلاب السوريين بسبب الوضع الحالي".
يقول العيسى في حديثه لموقع (ارفع صوتك)، "في الحقيقة الفرق بين سوريا والدول الأخرى أن انتشار الفيروس فيها جاء في وقت تمر فيه بلدنا بحرب مستمرة منذ عشر سنوات، ونحن نعاني من انقطاع الكهرباء الدائم ومن ضعف البنية التحتية وشبكة المواصلات، وبالتالي لا توجد هناك منصات تعليمية تعويضية كافية للطلاب عمّا سيفقدونه خلال هذه الفترة".
ويأمل العيسى أن تكون خطة الاستجابة التعليمية التي أعلن عنها وزير التربية وسيلة مساعدة لعدم انقطاع الطلاب عن الحصول على المعلومات.
ويضيف أن "الطالب الذي ينقطع عن الدراسة لفترة طويلة سينتابه شعور بالكسل وخاصة أنه سينتقل إلى مرحلة أخرى دون القيام بالامتحانات".
ويرى المدرس السوري أنه "في النهاية يبقى الأمر مرهونا بالطالب"، موضحا "يجب عليه أن يتابع دراسته ولو عن بعد، فخطة الدراسة عن بعد موجودة في معظم بلدان العالم، على الرغم من الظروف الصعبة التي تمر بها بلادنا، فيجب على الطلاب أن يجدوا في ذلك فرصة للتحدي ومواصلة تعليمهم".

تطورات الوباء

واتخذت حكومة النظام السوري العديد من الإجراءات الاحترازية للوقاية من تفشي فيروس كورونا على جميع الأصعدة، إلا أنها بدأت بإعلان تخفيف إجراءات الحظر يوم أمس الأربعاء 29 نيسان، بعد إعلان وزارة الصحة شفاء خمس حالات جديدة من إجمالي الإصابات بفيروس كورونا.
ووصل عدد الإصابات إلى 43 حالة مسجلة، و21 حالة شفاء، ما اعتبرته وزارة الصحة مؤشراً إيجابياً لبدء التخفيف من إجراءات الحجر الصحي على المواطنين.
 

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".