سوريا

انهيار متزايد لليرة السورية أمام الدولار

محمد ناموس
18 مايو 2020

شهدت الليرة السورية خلال تداولات اليوم الاثنين 18 أيار مزيدًا من التدهور نحو أرقام قياسية جديدة وصل فيها سعر الدولار في مدينة دمشق إلى 1790 ليرة مقابل كل دولار أمريكي.

بينما في حلب وصل سعر الدولار إلى 1775 ليرة.

وحقق سعر الدولار أعلى رقم في إدلب حيث سجل 1810 ليرة، وهو ما يشكل انخفاض يصل تقريباً لحدود 5%.

الارتفاع لكبير للدولار أمام الليرة السورية بدأ خلال آذار الفائت عقب بدء تسجيل إصابات فيروس كورونا في سوريا، مما أدى لخمول الأسواق وانخفاض الحركة التجارية.

حيث كان سعر الصرف حينها يصل إلى (1200 ليرة للدولار الواحد)، إلا أن الارتفاع الأكبر بدأ يوم أمس عقب ظهور رجل الأعمال وابن خال رئيس النظام السوري بشار الأسد، رامي مخلوف، بفيديو جديد وهو الثالث من نوعه، حذر خلاله من انهيار الاقتصاد السوري، ومن تبعات اعتقال الأفرع الأمنية لموظفي الشركات التابعة لرامي مخلوف.

وهدد مخلوف خلال كلمته المصورة من أن انهيار شركة "سيرتيل" للاتصالات التابعة له سيؤدي بالتالي لانهيار الاقتصاد السوري، مشيراً إلى أن شركته من أقوى الشركات المساهمة بالاقتصاد الوطني.

المحلل الاقتصادي السوري عقبة العمر رجح خلال حديثه مع (ارفع صوتك) وصول سعر الدولار إلى 2000 ليرة سورية إذا ما استمر البنك المركزي السوري في المشاهدة فقط بدون أي تدخل.

يقول العمر "هناك خلاف كبير بين المتحكمين في الاقتصاد السوري، وخاصة بعد ظهور رامي مخلوف وحديثه عن تعبات ملاحقة شركته التي تساهم بشكل كبير في دعم كافة القطاعات في سوريا، بالإضافة إلى أن المصرف المركزي السوري مصّر على تحديد سعر 700 ليرة كسعر صرف مقابل الدولار الأمريكي، وهذا بدوره يؤثر بشكل كبير على أسعار الصرف الحقيقية في الأسواق، أضف إلى ذلك الأزمة الاقتصادية للبنان التي تؤثر أيضاً على الاقتصاد السوري".

ارتفاع في الأسعار

بالتزامن مع ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة السوري، ارتفعت جميع أسعار المواد الغذائية، بدون أي زيادة مقابلة في رواتب الموظفين، مما تسبب بحالة اختناق شعبي وانتقادات كبيرة للوضع المعيشي.

الفنان السوري بشار إسماعيل هاجم وزراء الحكومة السورية بعد تصريحات منسوبة لوزير المالية السوري، قال فيها الأخير إن رواتب الموظفين يمكن أن تكفيهم خلال هذه الأزمة.

وانتقد الفنان السوري وزير المالية بقوله "هل تستطيع تدبر أمرك براتب 50 ألف ليرة؟ الإبداع يكون في حالات الحرب وليس السلم، الإبداع يكون في تحمل المسؤولية".

سامي الأحمد مواطن سوري نازح من مدينة حمص ويقيم حالياً في مدينة دمشق في منزل استأجره منذ عدة أعوام، يشير إلى أن تردي الأوضاع الاقتصادية وانعكاسها على طال جميع المواطنين.

يقول سامي "أسعار اللحوم ارتفعت جداً وكذلك أسعار جميع المواد الغذائية، وراتبي كموظف لا يكفيني لدفع أجرة بيتي وتأمين احتياجات البيت لأسبوع، الوضع أصبح أسوأ بكثير مما كان عليه سابقاً، حتى من يقيم في منزل يمتلكه لا يستطيع تأمين كافة احتياجاته".

محاولات للتهدئة والتبرير

عدد من المسؤولين في غرفة الصناعة ووزارة التجارة الداخلية عزوا ارتفاع الأسعار إلى عدة أسباب.

مدير مديرية الأسعار في وزارة التجارة الداخلية تمام العقدة، ألقى باللوم على المواطنين لعدم وجود كثافة في الشكاوى التي ترد إلى المديريات، ما يشكل عائقًا أمام ضبط الأسواق.

أما نائب رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، عمار البردان، أشار في حديثه لصحيفة الوطن المحلية إلى أن عمليات التهريب إلى الدول المجاورة أدت إلى ارتفاع الأسعار.

وأعلن رئيس النظام السوري بشار الأسد إقالة وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عاطف النداف، وعين محافظ مدينة حمص طلال البرازي بدلاً عنه بعد ارتفاع الشكوى والمطالبات بإقالته مؤخراً.

أما في الشمال السوري وتحديداً بمدينة إدلب التابعة للمعارضة السورية، أصدرت نقابة "الاقتصاديين الأحرار" في المدينة بياناً دعت فيه المواطنين والمسؤولين عن المناطق المحررة بوقف التعامل بالليرة السورية والتحويل إلى الدولار أو الليرة التركية، بسبب الانهيار الذي تشهده الليرة.

كما طالبت النقابة إدارات المناطق المحررة صاحبة القرار بوقف التعامل المؤقت بالليرة السورية كخطوة أولى وفق خطة متكاملة وعاجلة للإصلاح الاقتصادي.

ويعاني اليوم 9.3 مليون سوري من انعدام الأمن الغذائي بالتزامن مع ارتفاع ملحوظ بالأسعار وتراجع النشاط الاقتصادي في سوريا مع تفشي فيروس كورونا في سوريا وحول العالم.

وكان البرنامج التابع للأمم المتحدة أعلن في وقت سابق في نيسان الفائت أن أسعار المواد الغذائية في سوريا ارتفعت بمعدل 105%، خلال عام واحد.
 

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".