سوريا

الحكومة السورية المؤقتة تمنع تجنيد من هم تحت 18 عاماً

محمد ناموس
26 مايو 2020

أصدرت إدارة التوجيه المعنوي التابعة لوزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة قراراً يمنع تجنيد وقبول تطوع أي شخص دون سن 18 عامًا في صفوف "الجيش الوطني السوري".

جاء ذلك في بيان نشرته إدارة التوجيه المعنوي التابعة للجيش الوطني، وطالب البيان بتسريح من هم دون السن القانونية باعتبارهم أطفالًا وتوافقًا مع القوانين الدولية.

البيان الصادر عن وزير الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة اللواء سليم إدريس، اعتبر هذا الأمر من الأوامر الدائمة وأنه يجب على جميع القادة التأكد من تنفيذه والعمل بمضمونه.

وجاء في البيان: "يُمنع منعاً باتّاً تجنيد كلّ من لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره أو قَبول تطوّعه، وفي حال وجود متطوّعين دون الثامنة عشرة من العمر في تشكيلات الجيش الوطني يجب تسريحهم فوراً وعلى مسؤولية القادة المباشرين، لأنّ هؤلاء يُصنَّفون أطفالاً، والقوانين الدولية تمنع تجنيد من هم دون الثامنة عشرة من العمر".

وكانت مؤسسات دولية ومراكز حقوقية عديدة وجهت سابقاً اتهامات لـ "الجيش الوطني" بإرسال وتجنيد أطفال للقتال في صفه وصف حكومة الوفاق الليبية.

آخر هذه الاتهامات كانت من المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي أشار إلى أن تركيا أرسلت آلاف المرتزقة إلى ليبيا، بينهم 150 قاصراً تتراوح أعمارهم بين 16 و18 عاماً.

وقال مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون، إن "نقل مقاتلين من سوريا إلى ليبيا أمر مزعج بشدة"، في حين نفى وزير الدفاع في الجيش الوطني اللواء سليم إدريس في بيان حديث له أن الجيش الوطني لم يرسل مقاتلين إلى ليبيا.

القيادي في الجيش الوطني السوري السيد مصطفى سيجري أشار خلال حديثه لموقع (إرفع صوتك) إلى أهمية البيان الصادر عن وزارة الدفاع وأكد على عدم وجود أي مقاتل تحت السن القانوني في الفصائل المنضوية تحت مظلة الجيش الوطني.

يوضح القيادي سيجري أن "البيان هو في سياق حرص قيادة الجيش الوطني على ألا يكون هناك تجاوزات على اعتبار أن الجيش الوطني مظلة جامعة للفصائل السورية، كما أن تشكيل الجيش الوطني هو تشكيل حديث لذلك فإن عملية تنظيم ومأسسة القوة العسكرية لا بد أن تأخذ وقتاً".

يضيف "نحن في قيادة الجيش نؤكد عدم وجود فصائل تحت السن القانوني، وللعلم معظم فصائل الجيش الوطني وقعت سابقاً مع منظمة نداء جنيف على الالتزام بعدم تجنيد الأطفال".

منظمة "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة" نشرت تقريراً حديثاً لها قالت فيه إنها رصدت تجنيد "هيئة تحرير الشام"، عشرات وربما مئات الأطفال دون سن 18 عامًا خلال بدايات العام الحالي.

وأشارت إلى أن هذه الظاهرة أصبحت نمطاً متكرراً من قبل معظم أطراف النزاع في سوريا.

وأشار التقرير إلى تورط عدد كبير من الفصائل المعارضة وقوات سوريا الديمقراطية وحكومة النظام السوري وهيئة تحرير الشام في تجنيد الأطفال في صفوفهم، حيث رصدت المنظمة تجنيد ما لا يقلّ عن (6) حالات جديدة لأطفال تمّ تجنيدهم في صفوف قوات سوريا الديمقراطية شمال شرقي البلاد، وأنّ هذه القوات لم تظهر الالتزام الكامل بعد بمنع تجنيد الأطفال رغم توقيعها خطة عمل من أجل إنهاء ومنع تجنيد الأطفال دون سن الثامنة عشرة بتاريخ 29 حزيران/يونيو 2019، في مقر الأمم المتحدة في جنيف.

أمّا في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية، وتحديداً في محافظة إدلب (شمال غرب سوريا)، قال باحثو المنظمة بأنّ هيئة تحرير الشام قامت بتجنيد عشرات وربّما مئات الأطفال ما دون سن الثامنة عشرة، وذلك من خلال حملات تجنيد أطلقتها بالتزامن مع الحملة العسكرية التي شنتها القوات الحكومية السورية وحلفاؤها على محافظة إدلب في أواخر العام 2019 وبدايات العام 2020.

وبشكل أساسي حملتي "جاهد بنفسك" و "انفروا خفافاً وثقالاً"، حيث استهدفت هذه الحملات بالدرجة الأولى سكان مخيمات النازحين داخلياً بالقرب من الحدود التركية السورية وخاصةً الأطفال منهم، من خلال تقديم المغريات المادية لهم وحثّهم على "الجهاد في سبيل الله".
 

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".