سوريا

في سوريا .. حرائق تلتهم محاصيل الفلاحين والفاعل مجهول!

محمد ناموس
29 مايو 2020

عادت الحرائق من جديد هذا العام لتلتهم محاصيل زراعية في سوريا، فيما كان ينتظر أصحابها موسم الحصاد كي يجمعوا رزقهم ولكن الحرائق حالت دون ذلك.

وفي الوقت الذي تتبادل فيه عدة أطراف الاتهامات بشأن حرق المحاصيل، نفت وكالة الأناضول أن يكون للقوات التركية شمال سوريا دخل بحرق المحاصيل بينما اتجهت وكالات مقربة من النظام السوري إلى توجيه أصابع الاتهام إلى القوات الأمريكية المتواجدة بمنطقة الجزيرة السورية.

وتستمر الحرائق بالتهام المحاصيل الزراعية، ففي يوم أمس الخميس، احترق ما يقارب 500 دونم من الأراضي الزراعية في قرية الواسطة التابعة لناحية سلوك شمال محافظة الرقة.

كما اندلع حريق آخر في ريف بلدة المسرب الغربي الواقعة بمنطقة دير الزور حيث أظهرت مقاطع مصورة لأهالي المنطقة وهم يحاولون إطفاء الحرائق، وسبق هذه الحرائق حريق آخر لمحصول زراعي في قرية الدروبية شمال الرقة.

فيما التهم حريق آخر محاصيلاً زراعية في منطقة السفيرة التابعة لحلب بالإضافة لحرائق طالت مساحة قدرها 100 ألف دونم من الأعشاب الرعوية في منطقة حماة.

وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، نشوب حرائق عديدة بالمحاصيل الزراعية في شمال الحسكة، حيث امتدت الحرائق لتشمل أراضي أم الكيف الزراعية وأراضي قرى باب الخير والأسدية وأم عشبة في الريف الشمالي من بلدة تل تمر، ما أدى إلى إلحاق ضرر كبير في ممتلكات المواطنين دون أن يتمكنوا من السيطرة على الحرائق.

وتم توثيق حصول حرائق في المنطقة الواقعة بين قريتي العالية ومناجير غربي مدينة رأس العين، بالإضافة لحصول حرائق بالمحاصيل الزراعية في قرية الدردارا في ريف تل تمر.

ونقل المرصد عن مصادر أهلية أن الفصائل الموالية لتركيا تواصل حرق المحاصيل الزراعية بريف تل تمر، حيث شاهدهم الأهالي وهم يحرقون المحاصيل في قرى القاسمية وأم الخير ومناطق أخرى بريف تل تمر.

وكالة الأناضول التركية نفت في تقرير لها ضلوع تركيا بمسؤولية حرق محاصيل زراعية شمال سوريا.
وقالت إن من ينشر هذه الاتهامات هي حسابات ذات توجه عدائي لتركيا، ادّعت قيام قوات تركية بحرق مساحات زراعية بالشمال السوري في مناطق ليس فيها وجود عسكري لتركيا أو حلفائها.
ووسط تبادل الاتهامات بين الأطراف، يرى الإعلامي السوري أحمد الفراتي، أن الخاسر الوحيد هو "الفلاح البسيط الذي لا حول له ولا قوة، الذي كان ينتظر طوال السنة موعد حصد محصوله وجمع رزقه".

ويقول الفراتي إن "جميع الأطراف مسؤولين عن حرق المحاصيل الزراعية وبات هذا الفعل أداة حرب يستخدمونها من أجل تنفيذ مآربهم في سوريا ورمي الاتهامات هنا وهناك"، مضيفا في حديث لوقع (ارفع صوتك) "هذه ليست المرة الأولى التي يحصل فيها ذلك، فمع اقتراب مواسم الحصاد السنة الماضية تعرضت عدة محاصيل زراعية للحرائق أيضاً شمال سوريا".

وفي عام 2019 الماضي، تعرضت مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية في شمال سوريا للحرائق ومنها أراضٍ زراعية تقع في قرى وبلدات العباس والسيال والمجاودة في ريف دير الزور بالإضافة إلى محاصيل زراعية أخرى شمال غربي سوريا وجنوبها.

بينما أكد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة حينها، أن مقاتلين أحرقوا آلاف الفدادين من القمح والمحاصيل الزراعية في شمال غربي سوريا ضمن حملة حولت إمدادات الغذاء إلى "سلاح حرب" وأجبرت المدنيين على الفرار بينما محاصيل مثل الشعير والقمح والخضر والفواكه والزيتون تعرضت للتلف بسبب الحرائق.
 

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".