ازدياد حالات الانتحار في سوريا .. والأسباب؟
بالتزامن مع سوء الأوضاع المعيشية، ازدادت حالات الانتحار في سوريا خلال فترة انتشار فيروس كورونا حول العالم.
تم تسجيل ثلاث حالات انتحار خلال أقل من أسبوع في مدينة حلب.
الأولى عندما أقدم شاب على الانتحار عن طريق رمي نفسه من الطابق الرابع في حي بستان القصر.
أما حادثة الانتحار الثانية فقد حصلت في حي الشعار، حيث وُجد رجل مسن يعاني من ظروف مادية قاسية وقد شنق نفسه في منزله.
أما الثالثة في حي الفرقان بحلب بعد أن أقدم شاب على قتل نفسه بواسطة سلاح المسدس في منزله.
أثارت حوادث الانتحار هذه ضجّة كبيرة بين سكان في مدينة حلب، وباتت الحديث الشائع بينهم.
تقول رؤية الحسن (32 سنة)، إن "حالات الانتحار الأخيرة رغم أنها متوقعة ولكنها شكلت صدمة لدينا، نتساءل جميعنا اليوم عن الأسباب القاهرة والصعبة التي تجعل هؤلاء يقدمون على الانتحار"، مضيفة في حديث لموقع (ارفع صوتك)، أن "الناس في حلب انقسموا بين رافض لهذا الفعل بدعوى أن الوضع المعيشي الصعب امتحان من الله وآخرون انتقدوا حكومة النظام السوري بسبب سوء الظروف المعيشية".
وتشير رؤية التي تقيم في حلب إلى أن الظروف المعيشية السيئة "زادت من نسبة الجرائم وحالات الانتحار في حلب فالكثير من الناس ليس لديهم خيارات متاحة من حيث فرص العمل أو استيعاب الغلاء المعيشي وتخشى أن تستمر هذه الحوادث التي باتت تسمع بشكل يومي وتثير الرعب في نفوس سكان المدينة".
وكانت هيئة الطب الشرعي التابعة لحكومة النظام السوري، أعلنت في أيار الفائت، عن تسجيل 51 حالة انتحار في سوريا منذ بداية عام 2020.
وبلغت نسبة الذكور الذين أقدموا على الانتحار ضعفي عدد الإناث.
كما تم رصد 13 حالة انتحار لمراهقين دون سن الثامنة عشر ومنهم ثمانية إناث.
وبينت الهيئة أن ما يقارب 48% من حالات الانتحار حصلت عن طريق الشنق و10% بواسطة طلق ناري و8% الرمي من شاهق و5% حالات تسمم.
وأكدت أن ارتفاع حالات انتحار المراهقين في سوريا يُنذر بأحداث أُخرى خطيرة على المجتمع السوري.
وترى الإخصائية النفسية نور محمد أن حالات الانتحار من أحد أسبابها التأثر بالمجتمع المحيط بالمقدم على الانتحار.
وتقول في حديث لموقعنا، "غالباً ما يتعرض المقدم على الانتحار إلى ضغوط تفوق قدرة التحمل لديه فيظن أن الأبواب مغلقة أمامه ولا توجد أية حلول لمشاكله ويعزز ذلك تلقي الأخبار السيئة باستمرار بالإضافة لأحاديث المجتمع المحيط به الذي يزيد من الأزمة النفسية أو من الممكن أن يكون يائساً من الحياة كمن يعيش في عزلة تامة ولا يتم تقبل وجوده أو غير مرحب به بين رفاقه وأقاربه، كما توجد أسباب كثيرة أخرى".
وعن الحلول التي من الممكن أن تحدّ أو تقلل من نسب الانتحار في سوريا تجيب الأخصائية، "في أي مجتمع يعاني من هذه الظاهرة لابد من التركيز على تأسيس مراكز معالجة نفسية مجانية ويجب أن تصل هذه المراكز بالفعل إلى كافة طبقات المجتمع، فسبب الانتحار لا يتعلق فقط بالأزمة الاقتصادية بل قد يكون هناك أسباب أخرى مثل الأشخاص العاطفيين الذين يتأثرون بسرعة بأي موضوع يحصل من حولهم إيجاباً أو سلباً".
وارتفعت حالات الانتحار في سوريا خلال العام الحالي بالتوازي مع انهيار الليرة السورية التي سجلت قرابة 1800 ليرة لكل دولار أمريكي ما سبب بإحداث موجة غلاء واسعة، خصوصا أن دخل المواطن السوري بقي على ما هو عليه.
بينما تأثرت معظم السلع والمنتجات بهذا الانخفاض واتجه معظم التجار إلى تغيير أسعار منتجاتهم بما يلائم أسعار الصرف الجديدة.