سوريا

من المسؤول عن الاغتيالات والتفجيرات شمال سوريا؟

محمد ناموس
03 يونيو 2020

يتوالى مسلسل التفجيرات ومحاولات الاغتيال في شمال سوريا وتحديداً بمنطقة درع الفرات التي تتوزع فيها فصائل معارضة موالية لتركيا.

وكان آخرها انفجار مركبة مفخخة في بلدة جنديرس التابعة لمدينة عفرين شمال غربي سوريا، بالإضافة إلى انفجار عبوة ناسفة في مدينة الباب بريف حلب الشرقي ما أدى لجرح مدنيين بينهم طفل وسيدة.

وتعيش المنطقة حالة عدم استقرار أمني فيما تتنوع الانفجارات بين زرع عبوات ناسفة أو تفخيخ مركبات بالمتفجرات أو محاولات اغتيال لشخصيات وقيادات عسكرية من قبل مجهولين.
ويوم الإثنين الفائت، اغتيل ضابط وعنصر من الشرطة العسكرية التابع لقوى الشرطة والأمن العام في مدينة الباب على يد مجهولين، حيث تعرضوا لعدة طلقات نارية من مجهولين كانوا يستقلون دراجة نارية قرب دوار المروحة في المدينة، ما أدى إلى مقتل الملازم أول صالح عقيل والعنصر يوسف حج يوسف.

بينما أصيب أحد منفذي العمليات بطلق ناري بعد أن حصل تبادل لإطلاق النار بين المنفذين وعناصر الدورية.

وسبق هذه الحادثة عملية اغتيال استهدفت عنصرين في بلدة الراعي شمال سوريا والحدودية مع تركيا، حيث تعرض العنصرين إلى استهداف بطلق ناري من مجهولين عند طريق قرية طويران القريبة من بلدة الراعية ما أدى لمقتلهما، وفق ما أكده المرصد السوري لحقوق الإنسان.

"من جيش حر إلى مليشيات"

ويرى العقيد السوري حاتم الراوي، أن كل ما نراه في الشمال السوري من انتهاكات وسلب واغتيالات وتفجيرات هو الشيء الطبيعي لمثل حالة الفصائل المسلحة.

ويقول "بدأ الجيش الحر حراً، ولكن الأيادي التي دخلت عليه باسم أصدقاء سوريا تمكنت وبمنتهى الخبث والدهاء من تفتيته قبل التئامه"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك)، أنه "كان يضم خيرة شباب سورية، وحولته هذه الأيادي إلى ميليشيات تحارب بدون رؤية ولا هدف بتوجيه الممول إلى حيث ما يؤجج الفوضى والخلل، فاستشهد المقاتلون الذين قاتلوا بشرف وعقيدة وتمت تصفية البعض منهم وانسحب الباقون".

ويتابع الراوي، أنه ظهر "قادة من حثالة المجتمع وكان همهم السلب والنهب والاعتداء على المدنيين ولا يوجد شيء اسمه المحاسبة، هذه حقيقة الفصائل".

وعندما بدأت تركيا بتشكيل الجيش الوطني اصطدمت بهذه الحقيقة "مع أني لم ألمس الحزم بهذه المحاولة، وبالتالي طالما هذا حال الفصائل فلن نرى إلا ما نراه الآن"، بحسب العقيد اراوي.

فساد أو قلة خبرة

وتبين إحصائيات نشرها "مركز عمران للدراسات الاستراتيجية"، أن محاولات الاغتيال بين شهري آب إلى كانون الأول من العام الماضي في منطقة درع الفرات وصلت إلى 24 محاولة، ونفذ منها 13 محاولة عبر طلق ناري وحققت 12 منها الغاية بتصفية الجهة المستهدفة بينما فشلت محاولة واحدة بتنفيذ هدفها.

وأوضح المركز أن أربعة محاولات منها تم تبنيها من غرفة عمليات "غضب الزيتون" بينما بقيت تسع محاولات مجهولة المنفذ.

وكانت الفصائل التابعة للجيش الوطني المعارض والمقرب من تركيا هدفاً لتسع محاولات اغتيال بينما هناك أربع محاولات استهدفت كوادر إدارية وعناصر من الشرطة المحلية.

ويرى العقيد فايز الأسمر أن الاغتيالات والتفجيرات هي نتيجة الفوضى وانتشار السلاح العشوائي في شمال سوريا.

ويقول الأسمر لموقع (ارفع صوتك)، إن "هناك ثلاثة احتمالات لدخول المتفجرات والعربات المفخخة إلى شمال سوريا، فقد تكون عن طريق تقديم الرشاوى لبعض الفاسدين القائمين على الحواجز عند مداخل المدن أو أنهم سمحوا بدخول عربات تحتوي على متفجرات دون دراية أو خبرة منهم أو وجود أجهزة متطورة تكشف ذلك، أو قد تكون صنعت داخل الشمال السوري بحكم توفر المواد المساعدة لذلك".

كما وثقت إحصائيات مركز عمران حصول 17 محاولة اغتيال في منطقة عفرين بين آب إلى كانون الأول من العام الماضي، ونفذ ثماني منها عبر طلق ناري وحققت جميعها الغاية من تصفية الجهة المستهدفة، فيما تم تنفيذ محاولة واحدة عن طريق زرع لغم أرضي، وتبنت غرفة عمليات "غضب الزيتون" سبع محاولات منها.

وكانت فصائل الجيش الوطني هدفاً لسبع محاولات اغتيال منها بالإضافة لمحاولتين استهدفتا جهات مدنية، بالإضافة لتوثيق 14 محاولة اغتيال في محافظة إدلب وما حولها وحققت 13 منها المهمة بتصفية الجهة المستهدفة بينما فشلت محاولة وحيدة ونجا المستهدف.

واستهدفت سبع محاولات منها هيئة تحرير الشام "جبهة النصرة سابقاً" بينما تعرضت فصائل الجبهة الوطنية للتحرير إلى أربع محاولات اغتيال بالإضافة لمحاولات اغتيال جهات مدنية بواقع ثلاث محاولات.

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".