بعد قيصر: هل بدأت محاكمة رموز النظام السوري فعليا؟
في تطور لافت لمحاكمة المسؤولين عن جرائم الحرب في القضية السورية، بدأت للمرة الأولى أواخر نيسان الماضي محاكمة المتهمين أنور رسلان وإياد الغريب بتهم جرائم ضد الإنسانية والتواطؤ في تلك الجرائم.
الضابطان السوريان تم القبض عليهما العام الماضي في ألمانيا بعد أن قدما طلبات لجوء هناك نهاية العام 2017 وبعد أن انشقا عن النظام السوري وانضما للمعارضة السورية في ذلك العام.
تلى ذلك تحرّك قضائي لبناني هو الأول من نوعه بداية حزيران الماضي ضد رأس النظام السوري بشار الأسد، بتهمة خطف مئات المواطنين اللبنانيين ووضعهم في سجونه.
وخلال الأسبوع الماضي قالت وسائل إعلام في ألمانيا، إن الشرطة الألمانية اعتقلت طبيبًا سوريًا بعد الاشتباه بارتكابه جرائم تعذيب.
كما أوضح بيان المدعي العام الاتحادي أن المشتبه به كان يعمل كطبيب في سجن تابع للمخابرات العسكرية، وشارك في حالتين على الأقل في عمليات تعذيب أحد المعتقلين داخل السجن العسكري التابع لنظام الأسد.
وقال المحامي السوري أنور البني، رئيس "المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية"، إن "الطبيب يُدعى علاء م، ويقيم في ألمانيا، حيث كان يعمل في المستشفى العسكري بحمص".
وأضاف البني في تغريدة على حسابه في موقع "تويتر"، أن الطبيب مشتبه بارتكابه جرائم تعذيب بحق المعتقلين، موضحًا أنه ساهم في جمع شهادات الشهود على ارتكابه تلك الجرائم وتقديمها للمدعي العام في ألمانيا.
اعتقل البوليس الألماني يوم الجمعة الماضي الطبيب علاء م المقيم في ألمانيا والذي كان يعمل في مشفى حمص العسكري المشتبه بارتكابه جرائم تعذيب للمعتقلين , وقد ساهم المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية بجمع شهادات الشهود على ارتكابه تلك الجرائم وتقديمها للمدعي العام .
— anwar al bunni أنور البني (@anwaralbounni) June 22, 2020
اعتقل البوليس الألماني يوم الجمعة الماضي الطبيب علاء م المقيم في ألمانيا والذي كان يعمل في مشفى حمص العسكري المشتبه بارتكابه جرائم تعذيب للمعتقلين , وقد ساهم المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية بجمع شهادات الشهود على ارتكابه تلك الجرائم وتقديمها للمدعي العام .
— anwar al bunni أنور البني (@anwaralbounni) June 22, 2020
بيان النيابة الألمانية أشار إلى واقعة حدثت حيث كان الطبيب يعالج معتقلا يعاني من الصرع، وبدلا من الاستجابة لطلب مساعدته، ضربه الطبيب وركله على نحو أفضى إلى وفاة السجين بعد ذلك بوقت قصير.
كما حضر جلسة المحاكمة شاهدان خسرا أحد أفراد عائلتيهما تحت التعذيب في السجون السورية، وتعرّفا على الطبيب من إحدى صوره، ولكنّ الطبيب المتهم نفى وأنكر جميع التهم الموجهة إليه.
المركز الأوروبي للحقوق الدستورية أشار إلى أن سبعة لاجئين سوريين هم ضحايا أو شهود على اعتداءات جنسية وعمليات اغتصاب في معتقلات النظام السوري قدّموا شكوى جنائية أمام القضاء الألماني.
المحامي السوري أحمد فتال يؤكد إلى أن ما حدث مؤخراً من تحريك للدعاوى ضد نظام الأسد، ساهم في تشجيع عدد كبير من السوريين وخاصة من هم خارج سورية لمتابعة قضاياهم.
ويضيف المحامي خلال حديثه مع موقع (ارفع صوتك)، أن "ما يحدث اليوم هو بداية المحاكمات العادلة لرموز النظام السوري، وما قانون قيصر إلا البداية الأولى لهذه المحاكمات، نأمل أن تعمل المحاكم الدولية على متابعة كافة الدعاوى المقدمة من الأفراد والمنظمات الحقوقية لمحاكمة مجرمي الحرب أينما كانوا".
من جانبه، يشير محمد حسن مدير مركز "وصول" لحقوق الإنسان في حديث سابق لارفع صوتك، إلى دعم جميع التحركات المحقّة لمحاسبة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان وأي جريمة ضد الإنسانية، موضحا، "نؤيّد أي مطلب للكشف عن المختفين قسرًا والمعتقلين في أي مكان في العالم".
وأضاف الحقوقي محمد حسن، "بإمكان الضحايا الذين تعرّضوا للتعذيب أو أي ضروب من ضروب المعاملة القاسية أو المهينة تقديم الدعاوى عبر النظام القضائي العالمي الخاص، لأنه لا يتم إسقاط جرائم التعذيب مع مرور الزمن".
ويرى مدير التقاضي الاستراتيجي في "المركز السوري للإعلام وحرية التعبير" المعتصم الكيلاني، أن أهمية هذه المحاكمات تأتي في "كونها أولى المحاكمات العلنية لجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ارتكبت في سوريا".
ويقول في حديث لموقع (ارفع صوتك)، "نحن نتحول الآن من أشياء نظرية لأشياء تطبيقية، ومن هنا تأتي أهمية هذه المحاكمات كونها أولى المحاكمات العلنية، ومن المؤكد أن هذه المحاكمة ستعمل على تشجيع باقي دول الاتحاد الأوربي لفتح هذه الملفات التي لديها عن الجرائم في سوريا، لتبدأ بخطوات إيجابية وعملياتية جديدة".
ويرجح الكيلاني أنه خلال هذا العام "سيكون هناك محاكمات علنية أخرى لمرتكبي جرائم ضد الإنسانية في سوريا".
وتضاف قضية الطبيب السوري علاء إلى سلسلة دعاوى وتحقيقات جارية في ألمانيا وفي فرنسا، ضد مسؤولين كبار أو ضباط في النظام السوري بتهم ارتكاب "جرائم ضد الإنسانية" بينها التعذيب والاغتصاب والاعتداءات الجنسية.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن نحو 100 ألف شخص قُتلوا بسبب أعمال التعذيب أو نتيجة لظروف مروعة داخل السجون الحكومية، مشيراً إلى أن مرتكبي هذه الجرائم لم تتم محاكمتهم بعد.
المركز السوري للإعلام وحرية التعبير رحب بهذه المحاكمات والتي وصفها بالأولى من نوعها على المستوى العالمي.
وأكد في تقرير له أن الهدف هو إيصال المشتبه بهم لمحاكمات تتوفر فيها جميع ضمانات المحاكمة العادلة وتسمح بوصول الضحايا لحقوقهم وسماع أصواتهم بعيدا عن الانتقام بل سعيا لقطع الطريق عليه.
ووصف هذه المحاكمة بـ"الخطوة الجديدة في طريق طويل".