سوريا

الأمم المتحدة: جرائم الحرب في إدلب ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية

08 يوليو 2020

أفاد تقرير نشرته الأمم المتحدة الثلاثاء 8 تموز/ يوليو، عن ارتكاب جرائم حرب كثيرة يمكن أن ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية في محافظة إدلب السورية الخاضعة لسيطرة فصائل مسلحة ومقاتلة والتي تعرّضت لهجوم واسع شنّته قوات النظام السوري أواخر العام الماضي ومطلع العام الحالي.

ووفقا لرئيس لجنة الأمم المتحدة المستقلة للتحقيق في الانتهاكات في سوريا باولو بينيرو فإن "أطفالاً تعرّضوا للقصف في مدرسة، وأناسا تعرّضوا للقصف في سوق ومرضى قُصفوا في المستشفيات وعائلات بأكملها قُصفت فيما كانت تفرّ".

ويشمل التقرير الفترة الممتدة من الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر حتى 30 نيسان/أبريل الفائت.
ويوثّق 52 هجوماً استناداً إلى قرابة 300 مقابلة وصور ومقاطع فيديو.

وشنّت قوات النظام مطلع كانون الأول/ ديسمبر 2019 بدعم روسي هجوماً واسعاً على إدلب ومحيطها، تسبب خلال ثلاثة أشهر بنزوح نحو مليون شخص وفق الأمم المتحدة.

وانتهى الهجوم بوقف إطلاق نار أعلنته روسيا وتركيا وبدأ تطبيقه في 6 آذار/مارس.

وتسيطر هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) مع فصائل متشددة وأخرى مقاتلة أقل نفوذاً على نصف مساحة محافظة إدلب ومحيطها.

إرغام السكان على الفرار

وجاء في التقرير، بحسب بينيرو، "خلال هذه العملية العسكرية، انتهكت القوات الموالية للنظام والجماعات التي تصنّفها الأمم المتحدة إرهابية بشكل صارخ قوانين الحرب وحقوق المدنيين السوريين".

وقال خلال مؤتمر صحافي في جنيف عرض خلاله التقرير، إن "جميع الأطراف المتحاربين ارتكبوا على ما يبدو جرائم حرب".

وبحسب اللجنة، تعرّضت للقصف بين الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر و30 نيسان/ أبريل، 17 منشأة طبية و14 مدرسة وتسع أسواق و12 منزلاً، في هجمات نفّذت غالبيتها الساحقة القوات الموالية للنظام وحليفتها روسيا. وقُتل حوالي 676 مدنياً.

وأشار التقرير إلى أن بعض "عمليات القصف العشوائية" خصوصا على معرة النعمان في محافظة إدلب وعلى الأتارب غرب حلب في كانون الأول/ ديسمبر وشباط/ فبراير "قد تكون تشكل جرائم ضد الإنسانية".

وقال المحقق هاني ميغالي خلال المؤتمر الصحافي "وصلنا إلى نتيجة أن الهجمات التي شنتها القوات المؤيدة للنظام كانت منهجية، وهدفها إرغام السكان على الفرار. إن النقل القسري للأشخاص يعد جريمة ضد الإنسانية".

وتطرقت لجنة بينيرو أيضاً إلى تجاوزات هيئة تحرير الشام المتهمة بعمليات "نهب واعتقال وتعذيب وإعدام مدنيين بينهم صحافيون".

وأفاد التقرير أن هيئة تحرير الشام "قصفت أيضاً بشكل عشوائي مناطق مكتظة، وأشاعت بذلك الرعب في صفوف المدنيين الذين يعيشون في مناطق تخضع لسيطرة الحكومة".

وقالت المحققة كارن كونينغ أبو زايد إن "النساء والرجال والأطفال الذين قابلناهم كان لديهم خيار التعرض للقصف أو الفرار إلى عمق المناطق الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام حيث يتمّ انتهاك حقوق الإنسان وحيث المساعدة الإنسانية محدودة جداً".

وحضت اللجنة التي دعت إلى هدنة لثلاثة أشهر "الأطراف المتحاربين على أخذ دعوة مجلس الأمن الدولي إلى وقف إطلاق نار دائم في الاعتبار"، كما أعلن بينيرو.

واعتبر أيضاً أن "أي سلام دائم يتطلب تحقيق العدالة للضحايا"، داعياً إلى "وضع حد للإفلات من العقاب" في سوريا.

وأصدر مجلس الأمن الدولي مطلع تموز/يوليو قراراً يطلب وقف النزاعات في العالم من أجل تسهيل مكافحة وباء "كوفيد-19".

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".