سوريا

المفوضية: لاجئون سوريون في الأردن يعيشون في منازل غير آمنة

راشد العساف
08 يوليو 2020

بعد أداء صلاة الفجر، السبت الماضي، اتكأت اللاجئة السورية في الأردن، أم مبارك مع شقيقتها على الحائط ووضعت سماعات الهاتف على أذنيها، حتى سمعت صوت سقوط شيء ما، فسألت شقيقتها عنه، لم تسمع الجواب وإذ بجزء من منزلهما ينهار عليهما. 

هلع الجيران وطواقم الإسعاف إلى الحي حتى تمكنوا من إنقاذ أم مبارك (39 عاماً) التي كانت في غيبوبة، بينما توفيت شقيقتها (29 عاماً) تحت الأنقاض.

وحصلت الحادثة في حي الحسين في محافظة المفرق شمال شرق الأردن، وهو نفس الحي الذي شهد في أبريل الماضي انفجار قنبلة يدوية قديمة من مخلفات الحرب، أدت إلى مقتل خمسة أطفال لاجئين سوريين، كانوا وجدوها أثناء بحثهم عن الخرداوات. 

 

مبان قديمة 

البيوت قديمة في حي الحسين مبنية من الإسمنت والرمل والقليل من الحديد وذلك لخفض تكاليف البناء على صاحب المنزل، بحسب مصدر مسؤول في محافظة المفرق لـ"ارفع صوتك".

"لذا فإن سكان هذا الحي معرضون للخطر دوما لأن للإسمنت عمر  افتراضي حتى يتحول إلى رمل هش" يضيف المصدر الذي تحفّظ على ذكر اسمه. 

ويتابع قوله "تم تشكيل فرق تفتيشية وبحثية في المناطق والأودية في محيط المنطقة، للبحث عن مخلفات الحرب القديمة، والتعامل معها من قبل سلاح الهندسة التابع للقوات المسلحة الأردنية ".

ويقول المصدر "التحديات السكنية واحدة على الأردنيين واللاجئين السوريين القاطنين في حي الحسين، فبيوت البعض هشة، وخطر بقاء بعض بقايا الحرب غير مكتشفة يهدد حياة السكان، حتى أن هناك سيلا للمياه قرب المنطقة يجرف بعض المخلفات من سوريا".

 

عمليات جراحية

استيقظت أم مبارك من الغيبوبة بعد إجراء عمليتين جراحيتين لها: الأولى لترميم جمجمة الرأس والأخرى لاستخراج شظايا حجارة نتيجة الانهيار، لكنها لا تعلم بعد أن أختها توفيت.

ويبلغ عدد اللاجئين في المفرق 86 ألف لاجىء حسب بيانات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يعيش أغلبهم في أماكن دون مستوى السلامة العامة المطلوبة، وفق تصريح المتحدث الرسمي للمفوضية محمد الحواري.

وقال الحواري لـ"ارفع صوتك" إن "48% من اللاجئين في الأردن يفتقدون إلى مساكن ميسورة التكلفة، فيما تحاول المفوضية تحسين جودة مأوى اللاجئين". 

ويضيف "في الوقت الحالي تقوم المفوضية بتقديم مساعدات عبر برنامج المساعدة النقدية للاجئين من أجل دفع الإيجارات المستحقة عليهم وأي صيانة مطلوبة للمنازل". 

وعلى الرغم من ذلك "لا تزال هناك صعوبات تواجه برامج المساعدة النقدية، وفي ضوء حادثة الانهيار تتواصل المفوضية مع المسؤولين في المفرق لمعرفة إن كانت هناك حاجة إلى دعم محدد من أجل حي الحسين" وفق الحواري.

راشد العساف

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".