سوريا

خروقات مستمرة للنظام السوري وروسيا على مدينة إدلب

محمد ناموس
09 يوليو 2020

على الرغم من مرور أربعة أشهر على الاتفاق الموقع بين تركيا وروسيا حول وقف إطلاق النار في مدينة إدلب وريفها، إلا أن الخروقات الروسية وخروقات النظام السوري لا زالت مستمرة.

حيث أدت الخروقات إلى اشتباكات بين الفصائل المقاتلة في إدلب وقوات النظام المدعومة من قبل روسيا وميليشيات إيرانية في ريف إدلب الجنوبي.

واستهدفت قوات النظام بالمدفعية الثقيلة، أطراف بلدة البارة وقرية دير سنبل جنوب إدل، كما استهدفت بالمدفعية تل الكبانة وبلدة الزيارة بسهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي.

كما وقعت خسائر بشرية جراء الاشتباك الذي دار بين قوات النظام السوري والفصائل المعارضة جنوب إدلب وشمال غرب حماة.

وقالت الفصائل المقاتلة في بيان لها إن قوات النظام السوري جدّدت خرقها لوقف إطلاق النار بداية الأسبوع الجاري، بقصف مدفعي وصاروخي على مناطق في قرى البارة وفليفل والفطيرة في جبل الزاوية جنوب إدلب، كما ردّت عليها الفصائل بقصف مماثل على محاور كفرنبل وناحية معرة النعمان وجبل شحشبو.

كما وقعت الاشتباكات بين الطرفين بالأسلحة المتوسطة على محور قريتي المنارة والقاهرة في سهل الغاب بريف حماة، تخللها تحليق دائم لطائرات الاستطلاع الروسية فوق المنطقة حتى صباح يوم الاثنين الفائت، في ظل هدوء تام في بقية المناطق الأخرى الخاضعة لوقف إطلاق النار.

الخروقات الأخيرة دفعت الجيش التركي المنتشر في إدلب لإنشاء نقطة عسكرية جديدة في منطقة "تل الشيخ تمام" بقرية بليون في جبل الزاوية.

وتعتبر "تل الشيخ تمام" في بلدة بليون ثاني أعلى نقطة في جبل الزاوية بعد "تل النبي أيوب"، كما تعد أكبر النقاط التركية حالياً في الجبل، وثالث أكبر النقاط في محافظة إدلب.

كما دخل رتل عسكري جديد للجيش التركي يضم عشرات الآليات والعربات إلى محافظة إدلب قادماً مِن معبر "كفرلوسين" الحدودي، وهو الرتل الخامس للقوات التركية منذ بداية شهر تموز الجاري.

يؤكد محمد الإبراهيم وهو مواطن سوري من أهالي مدينة البارة في ريف إدلب، تتعرض بلدته للخروقات من قبل النظام السوري والطيران الروسي، أن استمرار الخروقات الروسية يجري بشكل شبه يومي، وكذلك قصف المدفعية التابعة لقوات النظام لبلدته.

ويقول في حديث لموقع (ارفع صوتك)، "نحن في منطقة تماس مع قوات النظام التي لا تقف عن خروقاتها، ونعيش يومياً حالة رعب جراء هذه الخروقات".

وتخضع إدلب لاتفاق بين تركيا وروسيا منذ الخامس من آذار الماضي، نص على وقف إطلاق النار وتسيير دوريات مشتركة من الجانبين الروسي والتركي.

ويُعد اتفاق وقف إطلاق النار هذا، الأكثر استمراراً منذ سنوات في المنطقة، وجاء عقب تصعيد غير مسبوق بين قوات النظام والجيش التركي، وأدى إلى مقتل وجرح العشرات من الطرفين.

وشهدت المنطقة تطبيقاً للعديد من بنود الاتفاق، من بينها تسيير الدوريات المشتركة الروسية التركية على الطريق الدولي حلب - اللاذقية، فضلاً عن نشر الجيش التركي مزيداً من النقاط له في المنطقة.

ولكن وبحسب فريق منسقو استجابة سوريا فإن النظام السوري والحليف الروسي خرقا الاتفاق 122 مرة خلال أسبوعين.

وذكر الفريق على صفحته في فيس بوك، إنه سجل 51 خرقًا خلال الفترة الممتدة بين 18 و25 من حزيران الفائت.

وقال فريق "منسقو الاستجابة" شمال سورية، إن 172484 نسمة عادت إلى منازلهم في ريف إدلب، بينما عادت 147502 نسمة إلى منازلها في ريف حلب، وذلك خلال الأشهر الأربعة الماضية، منذ توقيع وقف إطلاق النار.

وأشار إلى أن قرابة 10 آلاف نسمة نزحت من المناطق التي تشهد خروقاً مستمرة لوقف إطلاق النار، وتشهد تصعيداً عسكرياً منذ إعلان الاتفاق، مضيفا أن هناك أكثر من 700 ألف نسمة لم تعد، وبقيت في مناطق النزوح الأكثر أمناً في شمال البلاد.

كما أعلن الفريق عن وقوع 1064 خرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار في محافظة إدلب شمال غربي سوريا نفذتها روسيا والمليشيات والإيرانية والتابعة للنظام، وشملت استهداف المناطق المدنية بالقذائف المدفعية والصاروخية والطائرات المسيرة إضافة إلى القصف الجوي الروسي في عدة مناطق في حماة وإدلب وحلب.

وطالب فريق "منسقو الاستجابة" كافة الجهات الدولية المعنية بالشأن السوري بالعمل على تثبيت وقف إطلاق النار في شمال غربي سوريا، والموقع بين موسكو وأنقرة في آذار الماضي، وإيقاف الخروقات المستمرة للسماح للمدنيين بالعودة إلى مناطقهم، كما دعا المنظمات والهيئات الإنسانية للعمل على تأمين احتياجات العائدين إلى منازلهم.

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".