سوريا

بعد انقطاعهم عن الدراسة لسنوات.. طلاب الرقة يؤدون امتحاناتهم

محمد ناموس
16 يوليو 2020

بعد انقطاع دام ثماني سنوات متواصلة عن الدراسة في مدارس مدينة الرقة عاصمة "تنظيم داعش" سابقاً، حيث منع تنظيم داعش وقتها التدريس في المدارس الرسمية ومنع الطلاب من السفر لأماكن سيطرة المعارضة أو أماكن سيطرة الحكومة السورية لتقديم امتحاناتهم، عاد اليوم الآلاف من طلاب المحافظة لتأدية امتحاناتهم بشكل رسمي، بعد إعلان حكومة النظام السوري بدء الامتحانات في البلدات الخاضعة لسيطرتها في ريف الرقة، للمرة الأولى منذ عام 2012.

حيث ذهب تسعة آلاف طالب وطالبة من المحافظة إلى بلدة السبخة، لتقديم الامتحانات فيها، عقب توفير عدة تسهيلات للطلاب، مع اتخاذ كامل الإجراءات الوقائية من فيروس كورونا.

إلا أن عدداً آخر من الطلاب لم يتقدموا للامتحانات، لأنها تجري في مناطق سيطرة النظام السوري، بسبب خوف الطلاب وأهاليهم من الاعتقال.

يقول عبادة العلي، أحد أبناء مدينة الرقة، "نحن لا نثق بالحواجز العسكرية التابعة لقوات النظام، فالنظام لا يتوانى في أي لحظة عن اعتقال الطلاب وسوقهم لخدمة العلم"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك)، أن نظام الأسد "ينتهز الفرص لذلك، من خلال قدوم الطلاب لتقديم امتحاناتهم، وهذه الاعتقالات تتم بشكل عشوائي، يجب على مديرية التربية أن تقوم بالتنسيق مع قوات الإدارة الذاتية المسيطرة على مدينة الرقة، وتسمح لهم بتقديم الامتحانات في مناطق نفوذهم التي نعيش فيها، ولا تحتكر ذلك عليها، فالعلم للجميع".

فراس العلو مدير تربية محافظة الرقة أشار إلى أن مديريته عملت على تأمين مراكز إيواء خاصة بالطلاب القادمين من مناطق أخرى، تتناسب مع المعايير الصحية للوقاية من فيروس كورونا، بالإضافة لتقديم الطعام عن طريق المنظمات الدولية العاملة في المنطقة هناك.

وأشار العلو إلى أن عدد الطلاب المتقدمين للامتحانات بلغ 9000 طالب وطالبة، توزعوا على 91 مركز امتحاني في مناطق ريف الرقة التي تسيطر عليها حكومة النظام السوري في معدان والسبخة وعفنان.

أحمد مطر أحد سكان مدينة الرقة، أرسل ابنه لأحد المراكز الامتحانية في منطقة السبخة.

يؤكد أحمد في حديثه لموقع (ارفع صوتك) على أن تقديم الامتحانات للطلاب بشكل رسمي خطوة إيجابية بحق جميع الطلاب.

ويقول، "عانى ابني من الانقطاع عن الدراسة لأعوام عديدة، وكنت أعمل على مساعدته للدراسة بشكل سري أثناء سيطرة تنظيم داعش على المدينة، ولكن بدون تقديم امتحانات، اليوم سيقدم امتحاناته أخيراً، أتمنى له ولجميع الطلاب التوفيق والنجاح بعد هذا الانقطاع الطويل عن الدراسة".

وأصدرت الأمم المتحدة في وقت سابق بياناً أكدت فيه أن الأطفال في سوريا، أينما يعيشون، لهم الحق في إكمال تعليمهم، بما في ذلك التقدم للامتحانات الوطنية.

وناشدت جميع الأطراف المعنية بالعمل على تيسير ودعم وصول الطلاب إلى المراكز الامتحانية.
وشددت الأمم المتحدة في بيانها على أن أي تدخل في التعليم، الذي هو حق للأطفال، يعتبر أمراً غير مقبول.

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".