سوريا

مزادات علنية لاستثمار أراضي الفستق الحلبي في سوريا

محمد ناموس
30 يوليو 2020

نشر الائتلاف الوطني السوري بياناً حذر فيه من استيلاء قوات تابعة للنظام السوري على بساتين الفستق الحلبي بمناطق عدة في المدن السورية.

وأتى التحذير بعد إعلان اللجنة العسكرية والأمنية في محافظة حماة، إجراء مزاد علني لضمان استثمار الأراضي المشجرة بالفستق الحلبي، والعائدة ملكيتها لأشخاص مقيمين في مناطق واقعة تحت سيطرة المعارضة السورية.

وكان حزب البعث التابع للنظام السوري قد نظم مزاداً الأسبوع الفائت لطرح مساحات واسعة من الأراضي الزراعية التي تحتوي حقول الفستق الحلبي، بحجة ضمان استثمارها.

وأتى ذلك بعد الإعلان في وقت سابق عن مزاد لاستثمار الأراضي المشجرة في مناطق (محردة واللطامنة ولطمين وكفرزيتا والزكاة) بريف حماة لعام 2020.

وأشار البيان بشكل علني إلى أن المزاد سيجري في الحادي والعشرين من شهر تموز الجاري وأن الأراضي تتبع فعلاً لأشخاص مقيمين خارج أراضي سيطرة الدولة الوطنية السورية والموجودين في الأراضي التي تسيطر عليها "المجموعات الإرهابية"، وفق ما جاء في الإعلان.

واشترطت اللجنة على كل من يتقدم للمزاد، ألّا يكون عضوا في المكاتب التنفيذية للإدارة المحلية في المحافظة، وألّا يكون محكوماً بجناية أو جرم شائن، وألّا يكون له ماضي تهديمي في الحراج، وألّا يكون محرومًا من الدخول في المزايدات أو التعاقد مع الجهات العامة، أو محجورًا على أمواله احتياطيًا لمصلحة الجهات العامة أو تنفيذيًا.

كما اشترطت أن يتعهد المتقدم إلى المزاد العلني بتسديد سلفة مالية للمسؤول المالي في لجنة المزاد، تبلغ 50 ألف ليرة سورية لكل دونم قبل التقدم إلى المزاد.

ويأتي ذلك في وقت يعجز خلاله المزارعون من أصحاب هذه الأراضي المعروضة للمزاد العلني عن الوصول إلى أراضيهم، بسبب سيطرة قوات النظام على المناطق الموجودة فيها.

وبسبب رفض النظام توكيل هؤلاء النازحين لأقربائهم في حال رغبوا بذلك لجناية محاصيلهم.

يشير أحمد مخلوطة، وهو أحد سكان ريف حماه، إلى أنه حرم من محصول الفستق الحلبي الخاص به للموسم الثاني على التوالي.

ويقول أحمد لموقع (ارفع صوتك)، "هذا الموسم الثاني الذي لا أستطيع فيه جني محصول الفستق من أرضي، ولا أستطيع العمل على توكيل أحد لأنني نازح وبنظر الدولة السورية أن أقيم في مناطق تابعة للإرهابيين".

الائتلاف السوري المعارض أشار أيضاً في بيانه إلى منع قوات النظام أقارب السكان الذين نزحوا من تلك المناطق، بعد الحملة العسكرية الأخيرة عليها، أو أي طرف آخر، من العناية بتلك الأراضي أو رعايتها أو جني محاصيلها سواء بالنيابة أو بالوكالة عن أصحابها.

وبحسب البيان، "يرفض النظام السوري توكيلات النازحين لأقربائهم، ويمارس التخويف والترويع لإبقاء الأراضي الزراعية دون عناية أو رعاية".

كما دعا الائتلاف المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان إلى التدخل العاجل لمنع استمرار سيطرة النظام على تلك المنطقة، وشدد على ضرورة إلغاء جميع إجراءات "النهب والسلب والاستيلاء"، ووقف سياسات التهديد والتضييق التي يمارسها النظام، بما فيها منع الناس من إدارة أملاكهم وأرزاقهم وجني محاصيلهم بالطريقة التي تضمنها القوانين والأنظمة الدولية، بحسب البيان.

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".