سوريا

كتاب جديد يكشف: معتقلون أجبروا على قتل زملائهم في سجن سوري

05 أغسطس 2020

أطلقت رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا كتاب "سجن صيدنايا خلال الثورة السورية"، وهو كتاب يوثّق روايات حية لمعتقلين سابقين قضوا فترة احتجازهم في هذا السجن العسكري خلال السنوات الأولى للثورة السورية، بالإضافة إلى شهادة شقيقة أحد المعتقلين الذين قُتلوا تحت التعذيب.

يتحدث الكتاب بشيء من التفصيل عن الحياة داخل السجن المعروف باسم "المسلخ البشري"، ويوثق لحظات مقتل معتقلين داخل السجن، والوسائل التي يعتمدها السجانون بعد ذلك لترهيب البقية بأجساد الأموات. 

ويصف الكتاب يوميات المعتقلين وما يتعرضون له من حرمان بسبب سياسات التجويع، وانقطاع المياه، والوضع الطبي المتردي، وإجراءات التحقيق معهم، والمحاكمات التي تجري بحقهم، والعقوبات التي يتعرضون لها، وعمليات الإعدام، ونظام الزيارات، والتعامل مع المرضى.

ووفقًا لشهادة أحد المعتقلين المتحدثين في الكتاب، يُجبر السجانون في مشفى تشرين العسكري المعتقلين على قتل زملائهم الأضعف مقابل الإبقاء على حياتهم، وتقديم بعض الطعام الإضافي لهم.

الكتاب فيه 14 شهادة وفيها تفاصيل دقيقة عن عمليات التعذيب العنيفة وشهادات عن مقتل أشخاص مع أسماء من قام يقتلهم ومع ذكر طريقة قتلهم ومنهم القاضي نايف الرفاعي من مدينة درعا وهو من أكثر الناس التي تمت معاملته بوحشية داخل السجن، حسب الكتاب.

كما أُرفق الكتاب بصور ورسومات تعريفية بعمليات التعذيب وقام برسمها الفنان  نجاح البقاعي، وهو فنان تشكيلي سوري اعتُقل عدة مرات بسبب مشاركته في الاحتجاجات المناهضة لنظام الحكم في سوريا، وكان شاهداً على عدد كبير من عمليات التعذيب بحق المعتقلين.

الصحفي السوري دياب سرية أحد مؤسسي رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا، ومعتقل سابق في سجن صيدنايا، أشار خلال حديثه مع "ارفع صوتك" إلى أن الكتاب يحاول أن ينقل القارئ ليعيش يوماً واحداً مع السجناء داخل سجن صيدنايا.

وقال إن الهدف من الكتاب "رصد وتعريف الناس بما يحدث داخل السجن وكيفية تعذيب النظام للمعتقلين"، مضيفا "هدفنا الأكبر  إيصاله للجمهور الغربي ولذلك أخرجنا الكتاب باللغتين  العربية والإنكليزية حيث استهدفنا الرأي العام الغربي والعربي والأمم المتحدة، ولدينا شبكة علاقات كبيرة ستعمل على نوع من المناصرة والضغط لتبقى قضية المعتقلين حاضرة".

وتابع سرية قوله "وهناك شهادات لمقتل أناس تحت التعذيب داخل السجن وشهادات لمعاناة الأهالي الذين كانوا يزورون أبناءهم وعن المعاملة التي كانوا يتلقونها داخل السجن".

 

دعم قضية المعتقلين

قال سرية إلى أن قضية المعتقلين والمختفين قسرًا في سوريا، هي من أكثر القضايا الشائكة والمعقّدة في الصراع السوري، مشيراً إلى أن أهمية الكتاب تأتي من أنه يأتي ولأول مرة بشهادات يرويها ناجون من سجن صيدنايا يصفون بدقة ما جرى معهم هناك، وكيف تمت معاملتهم وقتلهم وتعذيبهم حتى الموت.

ولفت الصحفي السوري إلى وجود التنسيق الدائم من خلال الرابطة مع عدد كبير من الجهات الدولية العاملة في قضية المعتقلين السوريين، يقول سرية "نعمل على قضية المعتقلين في المحافل الدولية من خلال التواصل الدائم والمباشر مع لجنة التحكيم الدولية التابعة للأمم المتحدة، ونطلعها على المستجدات بشكل دائم وعن معاناة السجناء وكذلك عن طريق التعاون مع الآلية الدولية المحايدة والمستقلة التابعة للأمم المتحدة ونضعها في صورة ما يجري ونتبادل المعلومات معها بخصوص سجن صيدنايا".

"كما نتواصل مع الصليب الأحمر بشكل دائم لتوثيق عمليات الاختفاء القسري، ونحن حاضرون دائماً مع أهم الهيئات الدولية التي تجري تحقيقات ونتابع التحقيقات حول ما يجري في سجن صيدنايا، وتحديد المسؤولين ومعاقبة الجناة ولدينا اتصال مع مكتب المبعوث الخاص لسوريا بيدرسون ونضعه دائما بصورة ما يحدث داخل السجن"، أضاف سرية.

وأوضح "العام الماضي أخرجنا تقرير كبير جداً ويعتبر من أهم التقارير التي خرجت بالإضافة لتقرير منظمة العفو الدولية المسلخ البشري، ويعتبر هذان التقريران أهم تقريرين عن سجن صيدنايا من حيث المنهجية، ونحن الجهة الوحيدة حاليا التي تجمع بيانات عن السجن وتركز على السجن وأهدافنا طويلة الأمد، أهمها  فتح تحقيق لما يحدث هناك وخلق روابط وتعاون وتضامن بين المعتقلين السابقين والناجين من هذا السجن والناجين بين بعضهم، ونحقق تقدما في هذا المجال".

وتابع "ونقدم للناجين خدمات دعم نفسي للناجين من السجن أو أي شخص آخر تعرض للتعذيب بالتعاون مع مركز ضحايا التعذيب في أميركا بالإضافة لبعض الخدمات الصحية".

وبحسب سرية  "هذه أول مرة يكون هناك تجميع لعدد كبير من المعتقلين والناجين السابقين في سجن صيدنايا، الذين توحدوا مع بعضهم وتجمعوا تحت رؤية وهدف واحد وهو العمل والمناصرة والضغط من أجل قضية المعتقلين، والعمل على محاسبة الأشخاص المتورطين بجرائم التعذيب والقتل في السجن".

وكانت منظمة العفو الدولية نشرت تقريراً لها تحت عنوان "المسلخ البشري: عمليات الشنق الجماعية والإبادة الممنهجة في سجن صيدنايا بسوريا"، وثقت فيه حالات إعدام جماعية بطرق مختلفة نفذها النظام السوري بحق 13 ألف معتقل في سجن صيدنايا، أغلبيتهم من المدنيين المعارضين، بين عامي 2011 و2015.

وأوضحت المنظمة أن الإعدامات جرت أسبوعيا أو ربما مرتين في الأسبوع، بشكل سري، واقتيدت خلالها مجموعات تضم أحيانًا 50 شخصًا إلى خارج زنزاناتهم، وشنقوا حتى الموت.

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".