سوريا

حشود لقوات النظام السوري والمعارضة على حدود إدلب

11 أغسطس 2020

يعمل النظام السوري مع حلفائه في حدود مناطق خفض التصعيد في إدلب على تجهيز حشود ضخمة تحسباً للمواجهات المتوقع وقوعها بينهم وبين الفصائل المعارضة السورية، حيث كثّف النظام من عمليات قصفه لعدد من النقاط العسكرية التابعة للمعارضة السورية، دون إحراز  أي تقدم واضح على الأرض، 

ويتبع النظام السوري سياسة القصف منذ دخول اتفاق موسكو بين تركيا وروسيا حيّز التنفيذ، في الخامس من مارس الماضي، الذي قضى بوقف إطلاق النار وتسيير دوريات مشتركة.

في المقابل، دفعت القوات التركية في السابع من أغسطس الحالي بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى عمق المناطق المحررة عبر معبر كفرلوسين الحدودي مع تركيا بريف إدلب الشمالي، إذ دخلت أربعة أرتال عسكرية للقوات التركية من شمال إدلب باتجاه حدود مناطق خفض التصعيد.

وكانت الأرتال مؤلفة من دبابات وراجمات صواريخ ومدافع وعربات مصفحة ومعدات هندسية وشاحنات محملة بمواد لوجستية، وتوزعت على النقاط العسكرية التركية المنتشرة في ريف إدلب الجنوبي.

التعزيزات العسكرية التركية تزامنت مع إرسال قوات النظام تعزيزات عسكرية ضخمة من جنود وعتاد إلى ريف إدلب الجنوبي وسط أنباء عن نيتها شن هجوم عسكري على منطقة جبل الزاوية الواقعة ضمن منطقة خفض التصعيد الرابعة المشمولة ضمن اتفاق وقف إطلاق النار الروسي التركي.

ونشرت صحيفة "يني شفق" التركية يوم السبت الفائت، تقريراً مفصلاً عن إنشاء الجيش التركي لقيادة عسكرية مركزية تركية لتنسيق العمليات العسكرية في سوريا تحت اسم القيادة العسكرية لعملية درع السلام.

وبينت الصحيفة أن مقر القيادة المركزية سيكون في مدينة أنطاكيا جنوب تركيا على الحدود السورية، وستكون مسؤولة عن المناطق التي سيطر عليها الجيش التركي بالتنسيق مع المعارضة السورية.

 

تصعيد وقصف

وقوات النظام السوري المدعومة بغطاء جوي روسي صعّدَت من هجماتها على مدينة بنّش في ريف إدلب وتل الحدادة في ريف اللاذقية، حيث قصفت  بالمدفعية الثقيلة عددا من مناطق المدينتين، وقُتل ثلاثة مدنيين وجُرح سبعة أشخاص آخرين في مدينة بنّش، نتيجة القصف المدفعي والغارات الروسية.

بينما أعلنت قوات المعارضة السورية إفشالها لمحالات تقدم النظام، وتصدّت لتقدم قوات النظام على محور دير سنبل بريف إدلب الجنوبي، وتل الحدادة بريف اللاذقية، وما زالت الاشتباكات جارية على محور التفاحية في ريف إدلب الجنوبي.

المرصد السوري لحقوق الإنسان رصد استقدام الفصائل المعارضة لتعزيزات عسكرية جديدة نحو مواقعها ضمن جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي، تزامن ذلك مع انتشار واسع ومكثف للقوات التركية ضمن بلدات وقرى عدة في جبل الزاوية جنوبي إدلب.

ورصد أيضاً توجه أرتال عسكرية لقوات النظام والمسلحين الموالين لها، من ريف إدلب الشرقي وحلب الجنوبي والجنوبي الغربي، إلى مواقع جديدة في محيط كفرنبل ومنطقة جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي، تزامنا مع الاشتباكات الحاصلة في ريف إدلب الجنوبي.

من جهتها، أعلنت فصائل المعارضة المسلحة عن تعزيز خطوط الجبهات لمواجهة قوات النظام في منطقة جبل الزاوية وسهل الغاب وريف اللاذقية، استعدادا لأي عملية عسكرية، قد تشنها قوات النظام السوري على تلك المناطق.

في هذا السياق، يقول العقيد السوري المنشق حاتم الحمود، لـ"ارفع صوتك"،  إن دور القوات الروسية والتركية "مهم جداً في منع حدوث أي معركة في المستقبل القريب ومنع تقدم أي طرف لصالح الآخر".

ويضيف أن "الطرفين الموقعين على اتفاقية منع التصعيد معنيّان بمنع حدوث أي تقدم سواء كان للمعارضة أو النظام ولكن في حال حدوث أي تقدم لقوات النظام، فإن القوات التركية ستقوم بمنع الهجوم والمشاركة في الرد من خلال دعمها لفصائل المعارضة، وكذلك العكس حين يأتي دور القوات الروسية لمنع حدوث تقدّم الفصائل المعارضة، وفي حال كان هناك هجوم وشيك للنظام فإن الفصائل المعارضة اليوم ليست كما كانت سابقاً، فهي على درجة عالية من الجاهزية القتالية".

من جانبهم، يتخوف الأهالي في مدن وقرى إدلب وريفها من عودة التصعيد العسكري في المنطقة، كما حصل في فبراير الماضي، عندما تقدمت قوات النظام مدعومة بروسيا وسيطرت على مدن إستراتيجية في المنطقة، مثل مدينة سراقب في ريف إدلب، إلا أنها توقفت عن تقدمها بعد الاتفاق العسكري الموقّع بين تركيا وروسيا.

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".