سوريون يلجؤون للمقايضة لمواجهة الغلاء في المعيشة
خاص- ارفع صوتك
"للمقايضة فرشة عدد 2 في دمشق أرغب بتبديلهما بمروحة منزلية"، "للبيع أو التبديل كرسي مطبخ نوعية ممتازة أود تبديلهما بجهاز تكييف" العنوان: دمشق الفحامة".
هذه المنشورات وغيرها الكثير في مواقع التواصل، يتابعها مؤخراً أهالي العاصمة السورية دمشق وغيرها من المدن، ويتفاعلون معها، كما في مجموعة "سوق الشام الأول للمستعمل ومجموعة قديم وجديد في دمشق".
ولاقت هذه المجموعات إقبالاً واسعاً من السوريين في ظل الغلاء المعيشي والانخفاض الكبير لقيمة الليرة السورية.
الأزمة ورامي مخلوف
ارتفاع الأسعار بشكل عام في سوريا بدأ منتصف العام الحالي مع بداية أزمة رجل الأعمال السوري رامي مخلوف، كما انخفض سعر الليرة السورية بنسبة كبيرة جداً مع بدء تطبيق قانون قيصر الأمريكي.
ورافق ذلك انتشار وباء كورونا في دمشق، ما أدى لتوقف الأعمال وانخفاض معدلات الدخل لدى عدد كبير من المواطنين السوريين.
وأثرت الأزمة الاقتصادية على جميع السلع والخدمات التي ارتفعت أسعارها بشكل مفاجئ، ما انعكس سلباً على المواطن الذي بات مرتبه الشهري لا يسد حاجة أسبوع واحد.
في يناير الماضي، كان سعر صرف الليرة السورية 965 ليرة مقابل دولار أميركي واحد، بينما يساوي الآن 3200 ليرة.
يقول أيهم عبيد، الذي يُدير إحدى صفحات المقايضة على فيسبوك "ارتفع عدد المقايضين خلال عام 2020 بشكل لافت،كما تحدث مئات عمليات المقايضة يومياً في مختلف المجموعات".
ويضيف لـ"ارفع صوتك: "الظروف دفعتنا للتفكير بطرق جديدة لتأمين حياتنا، وهذه الطريقة هي حالة مؤقتة ولكنها مفيدة لعدد كبير من السوريين، وفي الفترة الأخيرة ارتفعت أعداد المقايضين بشكل كبير وهذا دليل على الغلاء المعيشي وانخفاض الأعمال في دمشق ومحيطها".
خالد موصلي رجل خمسيني من أهالي مدينة دمشق نشر إعلاناً لبيع غسالة ثياب منزله عبر أحد الصفحات، يقول لـ "ارفع صوتك": "اضطررنا اليوم لبيع واستبدال أشياء لم نكن نرغب بالاستغناء عنها طول حياتنا، ولكننا مضطرون لذلك، ولا نعرف بماذا سنقايض غداً".
ويرى أن "هذا الأمر اليوم ليس غريباً أبداً على بلد دخل عامه العاشر في الحرب" مضيفاً "تساعدنا هذه المجموعات على شراء واستبدال حاجياتنا دون الحاجة إلى وسيط، فالتجار يستغلون أي عملية مقايضة أو بيع ليأخذوا نسبة، وأين السوري الذي يستطيع دفع (كومسيون) اليوم؟!".
من جانبها، تقول بيان الفرّا من دمشق إنها "أتمّت عمليتي مقايضة عبر الفيسبوك، ورأت أن الفكرة مفيدة جداً، حيث ساعدتها على التخلص من الأشياء التي لا تحتاجها في البيت، وربما يحتاجها أحد غيرها".
توضح لـ"ارفع صوتك": "نعاني اليوم من غلاء المواصلات، بالتالي نستطيع تصفح المجموعات واختيار ما نرغب بالحصول عليه دون النزول إلى أسواق المستعمل، وعملت مع إخواتي على مقايضة الأشياء غير الضرورية في منزلنا بأشياء نحتاجها".
ظروف اقتصادية قاسية
يعيش الأهالي في دمشق اليوم ظروفاً اقتصادية قاسية، حيث يلجأ عدد كبير منهم لمقايضة مقتنياته أو بيعها أو الاستغناء عمّا يحتاجه في منزله مقابل تأمين مستلزمات حياته.
كما يلجأ السوريون لبيع مصوغاتهم من الذهب لتأمين احتياجاتهم اليومية بعد توقف أعمالهم داخل العاصمة السورية دمشق، بسبب انتشار فيروس كورونا في العاصمة السورية ومحيطها.
في هذا السياق، لاحظ أيهم عبيد الإقبال الشديد على الاستغناء عن مقتنيات أهالي دمشق وريفها من خلال تنوّع منشوراتهم، يقول "هناك من يرغب ببيع براد منزله والبعض الآخر يستبدل غسالة ملابسة بمروحة لمواجهة الحر الشديد. الظروف الاقتصادية مأساوية حقاً بعد سنوات من الحرب".
وتتوقع المحللة الاقتصادية السورية ندى العلي "انهياراً جديداً لليرة السورية في الوقت القريب، أما سبب عودة الارتفاع الجزئي لها الأيام الماضية يعود إلى ضخ كميات كبيرة من القطع الأجنبي في السوق لتعديل أسعار الصرف ومن بينها مئات آلاف الدولارات التي صودرت لدى مراكز الحوالات بتهم المضاربة بالسوق".
وتضيف لـ"ارفع صوتك": "هذا الموضوع يؤكد لنا أن مسألة صمود الليرة، مؤقت، في ظل تنامي التضخم الاقتصادي وتوسع الأزمة لتشمل جميع الجوانب الحياتية".
قلق أُممي
المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أشار إلى قلق الأمم المتحدة من الارتفاع الجنوني في الأسعار في الأسواق السورية.
وأكد على أن الأسعار ارتفعت لأكثر من ضعف أسعار العام الماضي مع بقاء الرواتب على حالها، مشيراً إلى أن نسبة الارتفاع في الأسعار وصلت إلى 133% في جميع نواحي البلاد.
وأضاف دوجاريك "تشعر الأمم المتحدة بقلق متزايد بشأن الارتفاع السريع في أسعار المواد الغذائية في سوريا، حيث يحتاج أكثر من 11 مليون امرأة وطفل ورجل إلى مساعدة إنسانية عاجلة، كانت محافظة إدلب أسوأ المحافظات تأثرا، حيث ارتفعت سلة الغذاء فيها بنسبة 30٪ في شهر واحد فقط".
وقال "وفقا لبرنامج الأغذية العالمي، يعاني 9.3 ملايين شخص في سوريا من انعدام الأمن الغذائي".
كما تقدر الأمم المتحدة عدد من يعيشون في الفقر داخل سوريا بـ 90% من عدد سكان سوريا.