سوريا

استقبال لاجئين جدد.. الصومال ترد الجميل لسوريا رغم الأزمات

01 سبتمبر 2020

ذكرت مصادر إعلامية صومالية أن عدة مدن في الصومال استقبلت لاجئين سوريين قدموا إليها من إثيوبيا، وذكرت التقارير أن الصوماليين مدّوا يد العون لأشقائهم السوريين واستقبلوهم.

وحسب وكالة "الصومال الجديد" الرسمية، وصلت مجموعة من اللاجئين السوريين، قوامهم عشر عائلات، السبت الماضي، إلى مدينة دوسمريب عاصمة ولاية غلمدغ وسط الصومال، وسارعت إدارة المدينة بإيصال المساعدات إليهم.

ووعدت حكومة غلمدغ الإقليمية بمنح أرض للاجئين وتقديم المساعدة الإنسانية لهم إذا قرروا البقاء في دوسمريب.

كما وصل لاجئون سوريون إلى مدن صومالية أخرى، وقامت سلطات تلك المناطق بإعادة توطينهم وقدمت العون لهم.

وتفاعل صوماليون مع هذه الأخبار في وسائل التواصل الاجتماعي، مرحبين بهم ومبدين استعدادهم لاحتضانهم.

 

بلا تأشيرة

يعيش موسى العبد، في الصومال منذ عدة أشهر، لاجئا إليها من مدينة حمص. 

يقول لـ"ارفع صوتك": "لجأت إلى الصومال بعد إغلاق دول عربية أخرى الأبواب في وجوهنا، ومقيم في العاصمة مقديشو مع عائلتي منذ خمسة شهور. عدد السوريين هنا قليل جداً. وتقدم لنا الحكومة المساعدات كما بدأت العمل منذ حوالي شهر".

وتعيش الصومال حرباً أهلية منذ عام 2009، وتعد من أفقر البلدان الأفريقية، ولطالما صدّرت اللاجئين إلى الخارج، وكانت سوريا أحد أكثر البلدان المستقبلة للاجئين الصوماليين لسنوات عديدة، حيث كانوا يتركزون في محيط العاصمة دمشق، وكانت تقدّم لهم التسهيلات كافة لإقامتهم في سوريا.

يمكن لحاملي جواز السفر السوري، الدخول إلى الصومال دون الحاجة لاستخراج تأشيرة مسبقة، وامتنع السوريون سابقاً عن اللجوء إلى الدول الأفريقية، إلا أن الحرب في سوريا بعثرتهم ووصلوا إلى جميع بقاع العالم.

أما الجارة أثيوبيا فيعيش فيها نحو تسعة آلاف لاجئ سوري، يواجهون أوضاعًا معيشية صعبة بسبب الفقر والبطالة المنتشرين في البلاد التي يمر بها مواطنوها أساساً.

وبلغ عدد اللاجئين السوريين في العالم حوالي 6.6 مليون، وفقاً لتقرير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الصادر في يونيو الماضي، إلا أن معظمهم يتركّزون في الدول العربية المحيطة لسوريا ، وفي تركيا وحدها أكثر من نصفهم، وفي لبنان أكثر من مليون لاجئ سوري، وتضم الأردن أكثر من 700 ألف لاجئ سوري.

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".