سوريا

غضب سوري في تركيا لإلغاء طلبات الجنسية بعد سنوات انتظار

محمد ناموس
03 سبتمبر 2020

"والله مالي زعلان غير على هال 3 سنوات يلي قضيتن من حياتي وأنا عم أستنى هالجنسية، الحمد لله على كل حال".

هكذا وصف الطبيب السوري المقيم في تركيا مصطفى عبد القادر حالته بعد رفض طلبه للجنسية التركية، التي انتظرها ثلاث سنوات بعد تقديمه لطلب الحصول عليها، مثله مثل عدد كبير من السوريين الذين تفاجؤوا منتصف شهر الشهر الماضي، برفض طلباتهم للحصول على الجنسية التركية، ومنهم عدد كبير ممن انتظر أربع سنوات بعد تقديمهم للطلب.

وجاء في الرسالة التي وصلت للأشخاص المرفوضين أثناء اطلاعهم على وضع ملفهم في الجنسية "تم إلغاء طلبك للحصول على الجنسية التركية بشكل استثنائي".

ويُرجع بعض السوريين سبب الرفض وإزالة الملفات، إلى وجود مشاكل في الملفات التي كانت قيد الدراسة، أو وجود وثائق مزورة، في حين يؤكد  آخرون، أن جميع وثائقهم سليمة ورسمية.

يقول الطبيب مصطفى "تركيا حرة بأنو تعطينا جنسيتها الإستثنائية أو لأ بس مالها حرة بأنو تخلينا نستنى سنوات وبالأخير تقلنا هيك روحو ما إلكن عنا شي".

واعتبر الطبيب أنه وغيره من أصحاب الكفاءات يعوّلون بشكل كبير على الجنسية الأخرى في أي بلد يقيمون فيه، قائلاً "الجنسية بالنسبة للدكتور هون بتركيا بتغير حياتو لإنو في فرق كبير بفرص العمل والراتب وحتى الاختصاص بين الدكتور الأجنبي والدكتور التركي، اليوم أكتر من عشرين دكتور بعرفهن انرفض طلبهن جميعا وأنا متأكد أنو أسباب الرفض إهمال موظفين لإنو يلي عليه مشكلة قانونية ما دخل على سيستم الجنسية حتى".

ويضيف مصطفى لـ"ارفع صوتك": "هي رسالة للجميع بإنو الحياة بتركيا بتعتمد على الحظ فقط لا غير، لا علمك ولا مالك ولاشي تاني بيحميك بهي البلد، فقط حظك الكويس إنو الله يبعتلك موظف بدو يشتغل بقلب ورب هوي يلي بمشيك".

ويتابع  "كنت متوقع الرفض من أكتر من سنة بس كنت قول بركي بتزبط، والحمد لله أنو انتهت هيك وارتحت، حان الوقت لإعادة ترتيب الأوراق والأهداف من جديد، يمكن كون أنا الطرف الخاسر هلأ بس لسا الحياة طويلة والفرص ما بتخلص ويوما ما رح كون الطرف الرابح انشا الله".

 

مُعضلة المرحلة الرابعة

جميع من تمّ رفض طلباتهم كانوا عالقين في المرحلة الرابعة وهي المرحلة الأهم والمتعلقة بالملف الأمني، وكانت مؤسسة الهجرة التركية رفضت سابقاً عدداً آخر من طلبات التجنيس، لكن عددها كان أقل بكثير مما تم رفضها خلال أغسطس الماضي، ولم يصدر أي تعليق رسمي على هذا الأمر.

من جهته، قال رئيس الائتلاف الوطني السوري، نصر الحريري  إن "هذا الملف متابع حالياً بين اللجنة السورية التركية المشتركة للوصول إلى استفسار حول ما حصل".

وقابلت عملية الرفض هذه استياء واسعاً من قبل السوريين على شبكات التواصل الاجتماعي، وأشار بعضهم إلى أن تزوير بعض السوريين لأوراقهم كان سبباً في رفض ملفاتهم، وأشار البعض الآخر إلى مزاج الموظفين، وغيرهم إلى إضاعة الملفات من قبل الموظفين مما استدعى إزالة الطلبات التي دام انتظار بعضها ثلاث سنوات وثمانية أشهر.

في نفس السياق، يقول القانوني السوري المقيم في تركيا حميد الشيخ لـ"ارفع صوتك": "ما يحدث لا يوجد له أي تبرير قانوني وخاصة بعد الانتظار لفترة طويلة. أنا وعائلتي انتظرنا تقريباً ثلاث سنوات، ووضعنا قانوني وأنا أعمل هنا ولدي شركتي الخاصة، لا يوجد أي تبرير لما حدث، يجب أن تقوم جهة رسمية بالإعلان عن أسباب الرفض".

ويضيف "هناك أصحاب كفاءات كثُر تم رفض طلباتهم، وهم من السوريين العاملين هنا والمشهود لهم بأعمالهم وخدماتهم التي يقدمونها لهذه البلد، بصراحة أصبحنا الآن نفكّر في وِجهة أخرى خارج تركيا بعد كل هذا الانتظار".

ويرى الشيخ "إمكانية وجود إعادة تقييم لجميع الملفات وخاصة في حال تم كشف بعض عمليات التزوير من قِبل بعض ضعاف النفوس".

 

تجنيس 110 آلاف سوري

السوري مجاهد عقيل المقيم في تركيا ناشد كل من يحتاج مساعدته في ظل هذه الصدمة، ودعا لمساعدة جميع السوريين الذين كانوا متمسكين بالأمل على حسب تعبيره.

وكتب في منشوره: "صفحتي اليوم على الفيس بوك هي عبارة عن بوستات وخيبات أمل لدكاترة ومهندسين وأصحاب شركات ومثقفين اجاهن خبر بوقت واحد برفض اوراقهن للجنسية، أنا حزين جدا وكأنو أنا يلي ارتفضت أوراقي، إذا في طريقة نقدر نساعد هالناس يلي كانت عايشة على الأمل ونوصل صوتنا لجهات معينة ياريت تخبرونا".

 

وتعليقاً على القضية، نشر الكاتب التركي جلال دمير  "قبل قليل أجريت اتصالًا بأحد المسؤولين في مديرية النفوس، وسألت عن سبب إزالة الملفات اليوم، فكان الجواب هو أن معظم الذين أزيلت ملفاتهم من النظام هم الذين أثبتت اللجنة المختصة أن أوراقهم مزورة".

وتمر ملفات الجنسية في تركيا بعدة مراحل قبل الحصول عليها، ولا يوضح القانون التركي فترة زمنية محددة بين التقدم للجنسية والحصول عليها.

وحصل 110 آلاف سوري على الجنسية التركية بشكل استثنائي منذ عام 2011 وفق تصريح سابق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

يُذكر أن تركيا تستضيف على أراضيها ثلاثة ملايين ونصف المليون لاجئ سوري، بينهم أكثر من نصف مليون يعيشون في مدينة إسطنبول ضمن نظام الحماية المؤقتة، وتأتي مدينة غازي عنتاب ثانياً باستضافة أكثر من 350 ألف لاجئ.

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".